الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ترامـب في البيت الأبيض في ظل ترقب قلق الثقة بأميركا على المحك وكذلك هيبتها

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

مع حفل تنصيب الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب ودخوله البيت الابيض اليوم، لن ينهي الرجل ما حمله معه منذ انتخابه في تشرين الثاني الماضي من مرحلة انتظار غير مسبوقة في العالم بأسره، ترقبا لمعالم سياسة خارجية أثارت حتى الآن انطباعات متناقضة ومتضاربة وغير منطقية. فهو أوحى حتى الآن بمرحلة اضطراب قد يقود اليها في مناطق عدة تبعا للمواقف التي يمكن ان يعتمدها، والتي أعطى مؤشرات حولها عبر تغريداته من خلال استخدامه المفرط للـ "تويتر". فمع أنه برزت عوامل قلق ازدات اخيرا في المجتمع الاميركي، بحيث نشأ تيار يلمح او يدعو بقوة الى الطعن في انتخابه والحيلولة دون تنصيبه، فإن مصادر ديبلوماسية معنية عبرت عن اقتناعها بأن هذا الامر لن يكون واردا على الاطلاق لأنه يحتمل أن يؤدي الى عنف في المجتمع الاميركي في ظل الجدل المثير حول التدخل الروسي والغضب الذي يساور أميركيين من مواقف الرئيس المنتخب في مقابل داعمين له. وبتنصيبه اليوم رئيسا، سيتعامل معه الاميركيون والعالم على أنه رئيس الولايات المتحدة، علما أن أداءه وما يمكن أن يثيره لاحقا من مسائل هو الذي يقرر الخطوات المقبلة، أقله بالنسبة الى الداخل الاميركي. وليس خافيا حال الاضطراب وعدم اليقين التي أثارها ترامب انطلاقا مما تعتقده مصادر ديبلوماسية عدم يقين لديه على المستوى الشخصي، كما ليس واضحا أي مسار للامور يمكن ان تعتمده الادارة الاميركية في المرحلة المقبلة، خصوصا أن هناك كثرا من المستجدين في عالم السياسة الى جانبه شأنه هو بالذات، خصوصا أنه فتح معارك سياسية في اتجاهات عدة ليس في الداخل الاميركي مع الحزب الجمهوري بالذات كما مع الاستخبارات الاميركية، بل مع حلفائه في الخارج كالدول الاوروبية ايضا على سبيل المثال. فالتخبط الذي ظهر حتى الآن، في حال استمراره، يخشى كثر أن يضعف الولايات المتحدة بحيث لا تأخذه الدول الاخرى بالجدية نفسها التي كانت ولا تزال تأخذه بها الولايات المتحدة. أضف الى ذلك أن ذلك يمكن أن يساهم في اضعاف الثقة بالاميركيين، في وقت لا يمكن تجاهل التراجع او الانكفاء الاميركي عن منطقة الشرق الاوسط في حال اتخاذها مثالا أتاح صعود قوى اقليمية كايران وتركيا مثلا اللتين استغلتا الغياب الاميركي من أجل التقدم وتحقيق مكاسب قد يكون من الصعب دحضها لاحقا في ظل تصاعد مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب في المنطقة. ومعلوم أن دولا كبرى كالصين مثلا بدأت تخطو بقوة لتحقيق مكاسب، وكذلك روسيا في انحاء عدة في العالم، مما يفيد ان الغياب او الانكفاء معطوفا على التخبط الداخلي يضعف الهيبة وليس في مصلحة القوة التي تمثلها ما يؤدي الى الابتعاد نحو تحالفات أخرى في حال لم يكن في الامكان الاعتماد على الولايات المتحدة بعد الان. وحتى الان المؤشرات المريحة شبه الوحيدة التي قد تكون ولّدت آمالا لدى الدول العربية هي الموقف التشددي المعلن من ايران، بغض النظر عن نية التراجع عن الاتفاق النووي أم لا، خصوصا اذا كان ذلك سيتناول محاولة ردع ايران عن مد نفوذها في المنطقة، كما يمكن ان يريح ذلك اسرائيل، علما ان هذا التشدد قد ينعكس ردود فعل في المنطقة قد لا تكون مريحة لها في ضوء ما تنوي ايران الرد به في كل الاتجاهات في اي من الدول الفاعلة، بما قد يؤدي الى مزيد من التوترات. حتى ان روسيا التي أرسل الرئيس الاميركي المنتخب في اتجاهاتها مؤشرات ايجابية وأثار خلافا بسببها مع رؤساء الاجهزة الامنية لمصلحتها فيما هي خصم ولو ان علاقاته جيدة معها من حيث المبدأ، تقول المصادر انها تنظر بحذر الى السياسة المقبلة للرئيس الاميركي في ظل تحفظ شديد من الحزب الجمهوري عن الود المبالغ فيه مع روسيا، وكذلك من المجتمع الاميركي كما من الاعلام، مما قد يقيد الرئيس الاميركي او هامشه في علاقات انفتاحية بالمقدار الموحى به.


وفيما يفترض ان لبنان غير معني بالتطورات الاميركية الا من باب استمرار الدعم الاميركي الامن والاستقرار المتمثل في شكل خاص في تقديم المساعدات للجيش اللبناني على الاقل باعتبار ان لبنان لم يرد في الاولويات السياسية الاميركية منذ وقت بعيد، ليس ثمة قلق على تغيير يطاول هذا الجانب بالذات انطلاقا من واقع ان الدعم المقدم هو ضد الارهاب، وهذا يصب في مصلحة لبنان كما في مصلحة الولايات المتحدة التي لم تهمل حتى الان - ولا يتوقع ان تهمل - هذا الجانب، خصوصا مع وزير اميركي للدفاع يعرف لبنان واهمية التوازنات التي تحفظ للجيش اللبناني موقعه ومهمته، انما في ظل الحرص في الوقت نفسه على ما تمثله القيادة العسكرية بالذات في معادلة الامن والاستقرار ببعديهما المحلي والاقليمي. لكن ثمة من يخشى ان يتأثر المشهد السياسي اللبناني الذي يغلب عليه الود والانسجام راهنا اذا شعرت ايران تهديدا لمصالحها ومن هنا اهمية عدم الدخول في لعبة رهانات في هذا الاطار قد تعيد قلب المشهد اللبناني رأسا على عقب مع الاشارة الى ان انتخاب العماد ميشال عون تم قبل اسبوع واحد من انتخاب ترامب بما لا يستبعد ربط تسهيل هذه الخطوة اقليميا بالاحتمالات الرئاسية الاميركية اذا اخذ كلام وزير الخارجية الايراني عن تسهيل انتخاب الرئيس على محمل الجد وكان دقيقا . وثمة من يدعو الى التيقظ دوما للعامل الاسرائيلي الذي يمكن ان يقوى اكثر في المرحلة المقبلة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم