السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تعالوا ادفعوا...

حياة ابو فاضل
A+ A-

... ثمن "لبنان" بعدما ألحقتموه بممتلكاتكم الخاصة، وهذا ما فعله من أتى قبلكم الى كراسي البرلمان ومجلس الوزراء وتوابعهما، وما تفعلون أنتم اليوم وستفعلون غداً. ونحن نراكم تتقاسمون ثروات الوطن، وبناء على أوامر خارجية مرات كثيرة، ويشهد عليكم موج البحر الملوّث المتوسط، وعلى "طموحكم" تشهد كل مؤسسات الدولة المفلسة، ولا يفاجئكم أن موظفيها يرتشون ويغشّون. وتقابلون شكاوى الشعب بلا مبالاة مَرَضية، لذا ديون الدولة ترتفع شهراً بعد شهر وعيونكم شاخصة الى الخارج، الى أشقاء هم تارة أعداء وطوراً أقارب ساعة يشاؤون، فتشاؤون أنتم أيضاً ساجدين، شاكرين إيقاع مزاجهم الغريب.
تعالوا ادفعوا ثمن وطن ما تعبتم يوماً في حمل همومه الكثيرة التي فجّرتها أحقادكم التنافسية الى حدّ الحروب الأهلية والمذهبية والحزبية وقد بلغت ذروتها من منتصف سبعينات القرن الماضي حتى أواخر الثمانينات، آخذة إنسان لبنان الى "مذهبية" فتّتت مجتمعه الواحد إرضاء للزعماء ولرجال الإقطاع ولرجال الدين والمذاهب، فلا فرق بين المدنيين والمتدينين في حروب كل أشكال الغزو. أجل، غزوتم لبنان وموارده وأفرغتموه من شبابه الواعي، ومن بقي، يلتحق بزعاماتكم ليؤمن لكم استمراراً في الحكم، فلا لزوم لمسرحيات اختيار قانون جديد للانتخابات، فلن يفوز غيركم.
ولما امتلكتم لبنان بكل ما فيه، بأحراجه وأشجاره التي قضيتم عليها فحرمتم لبنان طاقته الطبيعية النقية، ولوثّتم مياهه وأثيره، ولمّا أحلتم جباله مقالع وكسّارات شوّهت امتدادها، ولمّا سرقتم كل أسرار وجوده ووجودنا فوقه جاهلين قانون نظام كوني ضابط لقدسية الحياة في مطلق مكان وزمان ماذا تخططون اليوم لمسيرة وطن؟ والكلام المنمق ما عاد يفيد، ولا دولارات بخسة ترشّونها يوم الانتخاب، ولا وعود بهدايا السماء في ما بعد؟ هل وعيتم أبعاد كلمة "وطن" يحب ويمنح أبناءه الفهم والأمن والحياة ودروب تطوّر الوعي؟ وهل وعيتم أن للوطن روحاً هي توأم روح الأرض الأم؟ لو وعيتم ما كنتم، أنتم ومن جاء قبلكم، جعلتم المكان وأهله مشروع تسوّل مذلّ دائم، ولو كان لكم معرفة عمق جمال الحياة، وأدراك موقع الحق فيها، وشعور الخير ينبض من هوائها ومائها الحي، لشاركتم الشعب عن حق في كل مراحل سعي لبناء وطن صحيح، فلا تعود أرباح نفاياته تشكل شغلكم الشاغل، ولا تقاسم نقطة داخل المياه المالحة، ولا طيور نورس "إرهابية" جذبها مطمر مستحدث وغدير ملوَث، فجاءت تحاسب.
لقد استبحتم كل حقوقنا لمّا انجازكم لا يتخطّى استمرار نضالكم للحفاظ على ألقابكم ولمضاعفة مساحات عقاراتكم وأرقام مدخراتكم، فصار عليكم اليوم أن تدفعوا ثمن ما أخذتم من لبنان، ثم اتركوه لنا كاملاً علّنا نتمكن من التقاط صدى شفاء لمّا ترحلون.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم