السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

" بالرزق ولا بأصحابه " !!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

قد لا يخطر للبنانيين ان يتنبهوا الى ان بلدهم وضع بفعل قدرة قادر على وقع "توأمة" بين متغيرات الدولة العظمى الولايات المتحدة ومتغيرات لبنان منذ سبق انتخاب الرئيس ميشال عون انتخاب دونالد ترامب بأسبوع واحد. مفارقة لم تحظ بالكثير من الالتفاتات وها نحن الآن عشية حفل تنصيب ترامب مع كل الإثارة العالمية التي تحوطه يعود مرجلنا الداخلي الى الاحتدام بملف مزمن ينخر هواجس الطوائف والقوى والأحزاب. مذهل لبنان في اختزانه المفاجآت والقدرات الصراعية حتى حين يتراءى لابنائه ان تسوية اقلعت به من الطراز الذي أحل فيه مسارا لا يفترض ان يكون ارتداديا. حتى الأمس القريب كنا لا نزال جميعا تحت وطأة التساؤل عن أسرار لم تكشف حول التسوية السحرية الرئاسية الحكومية السياسية، ووضعنا على ايدي السحرة واللاعبين في كل ما "يشي" ( وهنا التعبير مباح ) بان التسوية مرت بقانون الانتخاب. فاذا بدورة سريعة تعيد كل شيء الى محرابه. بات قانون الستين الآن عنوان الالتباس الجاثم على رأس التسوية وأجواء البلد الموعود بمقلب تغييري وبدأت معالم الغموض تتكثف تباعا كأننا استعدنا قابلية فطرية على ادمان النزاعات. لا ندري حقيقة سر هذا الاستعصاء حين يصبح قانون الانتخاب في كل منقلب من منقلبات المتغيرات الوافدة عنوان العجز عن الابحار بلبنان بعيدا من الأُطر المعلبة التي تستأثر بها مصالح القوى العملاقة التي تحتكر مفاهيم التمثيل النيابي فيما تثبت هذه القوى قابلية مدهشة على تسويات غالبا ما تكون مؤلمة ومكلفة على غرار ما حصل في اتفاق الدوحة ومن ثم في التسوية التي أنهت حقبة الفراغ الرئاسي. والحال انه لم يعد ممكنا معالجة الازمة المستعصية لقانون الانتخاب في معزل عن سائر مندرجات الازمة الإصلاحية السياسية للنظام حتى لو سلمنا جدلا ان الإصلاح يبدأ بتنفيذ اتفاق الطائف تنفيذا كاملا ناجزا. هذا الملف أضحى يشكل انبعاثا دائماً لاثارة او لافتعال إثارات طائفية من شأنها ان تحذف قوى المجتمع المدني ونخبه من التأثير في النقاش العام بدليل تلك الفجيعة التي اهملت احدى اهم التجارب التي بذلت لوضع قانون متقدم. لجنة الوزير السابق الراحل فؤاد بطرس صارت الآن ذكرى مع اسم رئيسها وقامته الكبيرة ولم تطرح مرة في كل ما اثير من موجات النقاش العام. لا نقف عند الصيغة المركبة التي يلحظها مشروع لجنة فؤاد بطرس فحسب، بل نذكر بانه تضمن اوسع مشروع اصلاحي وأكثره رصانة وجدية في معايير الإصلاح الانتخابي منذ عقود. جربتم كل شيء وفشل، فلماذا تنكفئون عن محاولة متقدمة ليست محسوبة على اي طرف او جهة او فئة؟ أم تراكم تهرولون الى عنوان خفي يصبح معه شعاركم جميعا "بالرزق ولا بأصحابه" ما دمنا نحن قطعانكم وأرزاقكم ؟!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم