الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إقامة لبنان جديد تتطلب توافقاً على الانتخابات كما حصل رئاسياً وحكومياً

اميل خوري
A+ A-

يرى سياسي مخضرم أنه من أجل إقامة "لبنان جديد" يجب إشراك كل القوى السياسية الأساسية في إقامته وذلك تحت شعار: "كلنا للبنان الحياد"، على أن يصير اتفاق في ما بعد على ترجمة هذا الشعار باجراءات عملية، لأنه لا شيء يبعد لبنان عن تداعيات صراع المحاور وعن الأزمات التي تعصف بالمنطقة سوى الحياد كونه العلاج الشافي لانقساماته الداخلية والحفاظ على وحدته أرضاً وشعباً ومؤسسات.


لقد تم التوصل الى اتفاق على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد مرور سنتين ونصف سنة من الشغور ليكون الرئيس القادر على تحقيق الوفاق الوطني الشامل، يساعده على ذلك تحالفه مع "حزب الله" الذي حال دون وصول مرشح سواه الى الرئاسة، وإلا كان هذا التحالف وقف ضده حتى في الشارع فيتعطل عندئذ مشروع إقامة هذا اللبنان. ولو أن الأمر كان غير ذلك لانتخب رئيس للجمهورية بأصوات الأكثرية النيابية المطلوبة، وكان عهده امتداداً لعهود سابقة، أي لا دولة في لبنان. وقد استكملت خطوة انتخاب العماد عون رئيساً بخطوة تأليف حكومة موسّعة تتسع لتمثيل غالبية القوى السياسية في البلاد، وإلا لكانت تألفت حكومة مصغرة لو أن مهمتها كانت تقتصر على الإشراف على الانتخابات النيابية، ولو لم يكن مطلوباً منها أن تكون جزءاً من الاتفاق على إقامة لبنان جديد.
لذلك لا بد من استكمال الخطوة نحو هذا الهدف عبر التوصل الى اتفاق على قانون للانتخاب يحقق التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله. فإذا تعذّر التوصل الى ذلك فليكن الاتفاق على تأليف لوائح ائتلافية تتمثل فيها كل القوى السياسية الأساسية في البلاد بحسب حجم كل منها وعلى غرار تمثيلها في الحكومة الوفاقية الموسّعة لينبثق من الانتخابات النيابية المقبلة مجلس وفاقي على غرار الرئيس الوفاقي والحكومة الوفاقية من أجل التوصل الى إقامة لبنان الجديد، لبنان الحياد، يكون كل اللبنانيين له وليس لأحد لسواه. فكما أن دقة المرحلة لم تسمح بانتخاب رئيس غالب ومغلوب ولا تأليف حكومة غالب ومغلوب، فإنه مطلوب اجراء انتخابات نيابية لا غالب فيها ولا مغلوب بتأليف لوائح مشتركة، لا اجراء انتخابات تفرّق وتقسّم بل تجمع وتوحد كي يقوم لبنان الجديد بوحدة كل أبنائه. وبعد أن يقوم هذا "اللبنان" تعود ديموقراطية التنافس بين الأحزاب على ما فيه خير لبنان وشعبه ويكون الحكم للأكثرية التي تعطي لبنان أكثر من غيرها.
لذلك يجب الا تخاض الانتخابات النيابية المقبلة بمحاور تواجه محاور ولاعتبارات انتخابية صرفة، أياً يكن القانون الذي تجرى على أساسه، فدقة المرحلة تتطلب وفاقاً يساعد على إقامة لبنان الجديد والاتفاق على تحييده.
لقد كشف رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في حديث صحافي عن توجه لخوض الانتخابات النيابية المقبلة مع "تيار المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي و"التيار الوطني الحر". فماذا عن الآخرين لتفادي خوض المعاركة الانتخابية الحادة في ظرف دقيق وحسّاس يواجهه لبنان ودول المنطقة؟ والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يقبل "تيار المستقبل" بخوض الانتخابات من دون حزب الكتائب و"تيار المردة" مثلاً؟ وهل يعقل أن يصبح "حزب الله" أقرب الى "القوات اللبنانية" منه الى الكتائب أو "المردة" ليقوم تحالف معه وإن عبر "التيار الوطني الحر" خلافاً لمقولة: "عدو عدوي صديقي، وصديق عدوي عدوي".
إن إقامة لبنان الجديد، لبنان البعيد عن صراعات المحاور بدأت الخطوة الأولى لاقامته بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية بالتوافق وبتأليف حكومة واسعة بالتوافق أيضاً، فلا بد إذاً من المجيء بمجلس نيابي ينبثق من انتخابات بالتوافق إما على أساس قانون مقبول من كل القوى السياسية، وإما بتأليف لوائح ائتلافية شعارها واحد هو لبنان البعيد عن صراعات المحاور، لبنان "سويسرا الشرق" فعلاً لا أن يبقى قولاً. وبعد قيام لبنان هذا يكون اتفاق على نظام جديد له يعتمد إما النظام السويسري أو الفنلندي أو النمسوي، أو نموذج لبناني جديد للحياد.
فكما كان مهماً الاتفاق على انتخاب عون رئيساً ومن ثم الاتفاق على حكومة وفاق وطني واسعة، فمن المهم أيضاً الاتفاق على قانون توافقي للانتخابات. فإذا تعذّر ذلك، تأليف لوائح انتخابية ائتلافية على غرار تأليف الحكومة.
إن إقامة لبنان الجديد تنتظر كلمة "حزب الله" وليس أي حزب آخر، وإن الرئيس عون قد يساعد على قولها كحليف له وتكون في مصلحة لبنان، وقد يسبق قولها سعي الى تحقيق تقارب بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" قبل الانتخابات النيابية، إذ لا يعقل أن تكون "القوات" على تحالف مع "التيار الوطني الحر" وعلى خصومة مع حزب حليف لـ"التيار". فعسى ألا يطول انتظار عودة "حزب الله" من سوريا ليعود الى لبنانيته ويشارك مع شركائه في الوطن في إقامة لبنان الجديد، لبنان القوي بحياده الذي يقوى به الجميع ولا يقوى أحد عليه.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم