السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

عون يبدأ مرحلة طمأنة السعوديين بمقاربات جديدة هل من محاذير لاستبدال قهوجي وسلامة؟

سابين عويس
سابين عويس
عون يبدأ مرحلة طمأنة السعوديين بمقاربات جديدة هل من محاذير لاستبدال قهوجي وسلامة؟
عون يبدأ مرحلة طمأنة السعوديين بمقاربات جديدة هل من محاذير لاستبدال قهوجي وسلامة؟
A+ A-

ثلاثة مواقف رسمية لافتة في مضامينها وتوقيتها سُجّلت غداة زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ترجمت التوجهات السياسية الجديدة الآيلة الى تصويب العلاقات مع المملكة، بعد حال الجفاء الاخيرة بين البلدين، وإلى اعادة رسم اتجاهات تعيد البوصلة الى مسارها الصحيح، بما يسهم في استعادة لبنان بعضاً مما خسره من القطيعة العربية له.


قبل أن يتوجه عون الاسبوع المقبل الى مصر، المحطة الثالثة في جولته العربية، وقبل أن يحط الأمين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيظ في بيروت في اول إطلالة عربية له على المنطقة منذ توليه الأمانة العامة، بدا أن قطار تصحيح العلاقات مع المملكة العربية السعودية بدأ يسلك طريقه من خلال مناخ يوحي بتوجه ضمني لدى "حزب الله" يقضي بوقف الحملات على المملكة، وذلك من ضمن بنود التسوية العامة التي أدت الى وصول مرشحه الى رئاسة الجمهورية بقبول سعودي.
ففي موقف لافت، حرص رئيس الجمهورية على أن يقدم نفسه ضمانا سياسيا للمرحلة الجديدة المقبلة على البلاد والمنطقة، وان يوازن بين أوجه الخلاف الشديد القائم بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" حيال سلاح الحزب وتورطه في سوريا. وكان مغزى كلامه واضحا من السعودية عندما قال في حديث الى قناة "العربية" إنه مع المقاومة، ولكنه ضد تصويب اي سلاح ضد الداخل، مشيرا الى ان تدخل "حزب الله" في سوريا لم يعد مطروحا للنقاش، وهو أمر يفوق قدرة لبنان". فأعطى بذلك كل فريق ما يريده، مدوراً زوايا الخلاف، من دون ان يقف الى جانب فريق ضد الآخر.
الموقف الرسمي الثاني جاء عبر بيان مجلس الوزراء الأخير من السرايا الذي نوه بالمملكة وبقيادتها ودورها حيال لبنان. وكلام كهذا لم يكن ليصدر سابقا عن حكومة يتمثل فيها الحزب في وقت كان الهجوم على المملكة في أشده. والمفارقة ان الكلام الصادر في البيان الرسمي على لسان رئيس الحكومة حصل بوجود وزيري الحزب وقبولهما.
اما الموقف الثالث فتمثل بالكلام الدافئ لوزير الدفاع يعقوب الصراف اول من امس من عكار عن السعودية، وهو اول موقف لوزير الدفاع منذ زيارته لها برفقة رئيس الجمهورية، علما انه لم يسجل في المملكة اي نشاط او موقف رغم انه المعني الاول والمباشر بموضوع الهبة للجيش.
وعليه، وانطلاقا من هذه المواقف، يلاحظ سياسي مخضرم ان ثمة مشهدا سياسيا جديدا على وشك ان يرتسم بعد زيارة السعودية، ولا بد ان يتبلور اكثر خلال المرحلة المقبلة مع بدء ترجمة نتائج الزيارة ليس على المستوى السياسي فحسب وإنما على الصعيدين الاقتصادي والسياحي.
وفي هذا السياق، لا يخفي السياسي تساؤلات حول إثارة ملف التعيينات غداة الزيارة، ووضعه على نار قوية، ليس من باب ملء الشواغر، وهو أمر ضروري وملح وحق لرئيس الجمهورية في مستهل عهده، ولكن من باب إثارة التعيين في موقعين لن يشغرا قبل ستة أشهر على الأقل، وهما قيادة الجيش وحاكمية المصرف المركزي، خصوصا ان عون كان من اكثر المعارضين لتمديد ولاية قائد الجيش، فيما يطمح لتغيير النهج المالي القائم في البلاد، مما يؤدي حكما الى تغيير رأس الهرم في السياسة النقدية، والمقصود به الحاكم رياض سلامة.
وفي هذا المجال، يرى السياسي ان القرار في هذين الشأنين يجب أن يتخذ بكثير من الحذر والتريث والتروي، نظرا الى ما يمثله كل من قائد الجيش الحالي والحاكم بشخصيهما، بقطع النظر عن سياساتهما ومقارباتهما لملفاتهما.
فقائد الجيش، في رأي السياسي المخضرم، نجح وبقطع النظر عن كل الاعتبارات، بتحقيق أمرين من الصعب الجمع بينهما. فهو نجح في عدم الاصطدام مع " حزب الله" وسلاحه، فيما تمكن من بناء علاقات قوية مع الغرب والأميركيين تحديدا، وحاز ثقتهم بحيث وفر للجيش وللأجهزة العسكرية الدعم المالي واللوجستي للتجهيز ولكل الاعمال المخابراتية التي أدت الى تفكيك الكثير من الشبكات الإرهابية.
اما سلامة، ورغم ما شاب الهندسة المالية الاخيرة والمكلفة العالية للاستقرار النقدي، ورغم الاستقلالية التامة التي يتمتع بها المصرف المركزي، فهو نفذ على مدى اكثر من عقدين سياسة الحكومة القاضية بتثبيت النقد. وليس المجال الآن لتقويم نتائج هذه السياسات وكلفتها، ولكن قرار تعيين حاكم جديد للمركزي يجب ان يأخذ في الاعتبار السياسات النقدية والمالية المقبلة، ولا سيما أن ما يصح في قهوجي يصح في سلامة، وإنما على الصعيد المالي، إذ نجح في التوفيق بين العقوبات الأميركية والدولية على "حزب الله" وطمأنة الحزب والفصل بين لبنان والحزب في مسألة العقوبات.
ولكن الحاصل اليوم ان الرجلين بنيا علاقاتهما مع إدارة أميركية آفلة، فيما سيكون لبنان امام تحد ما ستحمله إدارة الرئيس الأميركي الجديد تجاه لبنان أمنيا وعسكريا ومالياً!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم