السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

زارها وزوجته الثانية قبل الواقعة... قصّة فاطمة كاملة منذ انفصالها وحتى سجنها

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
زارها وزوجته الثانية قبل الواقعة... قصّة فاطمة كاملة منذ انفصالها وحتى سجنها
زارها وزوجته الثانية قبل الواقعة... قصّة فاطمة كاملة منذ انفصالها وحتى سجنها
A+ A-

تهمتها أنها أمٌّ لم تسلّم لقرار افتراقها عن صغيرها الذي لم يكمل سنواته الثلاث. لم تأبه لما قدّرت لها الظروف، ولم ترتجف لما همست في أذنها الوقائع: "هيّا اذهبي واستسلمي لقدرك. وعيشي كما كتبت لك الأيام. انها هكذا الحياة". ومن يأبه للحسرة والوجع أو لمعنى العدالة الحقيقية أو لأن يأخذ المرء حقّه على هذا الكوكب، ان كانت الذريعة هي أن ما كتبته الورقة قانونٌ أعدل من قانون الانسانية. دخلت فاطمة حمزة السجن، كورقة شجرة لا تبالي بها عجلات سيّارة مسرعة. او كبريئة لم يرحمها صدى المطرقة. وقبل التوقّف عند التفصيل الأخير الذي مفاده أنها نامت في السجن مع مجرمات، لا مع "مجرمات أمومة"، هذه هي القصّة الكاملة لفاطمة، منذ تلك اللحظة التي هجرها فيها قلب من أحبّت، وتركها لوحدها تصارع النسيان.


القصّة كاملة روتها لـ"النهار" شقيقة فاطمة ومحاميتها في آن، السيدة فاديا علي حمزة التي تشير إلى أن"سبب سجن موكلتها هو صدور حكم عن المحكمة الشرعية الجعفرية في حارة حريك عن القاضي جعفر الكوثراني الذي أعطى بموجبه حضانة الطفل إلى والده"، رغم ان فاطمة لم تطلّق حتى اليوم، وأن هناك نزاعًا ما زال قائماً بينها وبين زوجها. وتقول حمزة: "قامت موكلتي برفع دعوى ضد زوجها بغية تأمين مسكن زوجي ونفقة زوجية. لغاية اليوم لم يبتّ بالطلب، إذ لم يلزم الزوج بتأمين مسكن لزوجته ولا ألزم بأن يطلّقها وبالتالي بأن يدفع لها حقوقها". بلغ الصبي السنتين واعتبر والده أنه يحقّ له حضانته وكانت الوالدة قد طلبت عبر المحامية من القاضي التريث بإصدار هذا القرار باعتبار أنها لا زالت حتى اليوم زوجة، وموضوع الحضانة يعالج عادةً بعد حدوث الطلاق. وتشير المحامية حمزة: "يكفي أنها تعذّبت وعانت منذ ثلاث سنوات، ولم يبتّ بالموضوع". وتؤكّد أنها سألت القاضي عن مرجعية القرار، فقال إنه يستند إلى فتاوى المذهب السيستاني، الولد إن كان صبياً يحقّ لوالده حضانته في عمر السنتين إن كان هناك طلاق أو انشقاق. وتقول: "في الإسلام لا يوجد ما يسمى انفصال فإما الزواج وإما الطلاق وهذا ليس زواجاً مدنياً".


وتشير حمزة إلى أنها لم تستأنف لأن المحكمة تصدر أحكاماً مجحفة بحق المرأة منذ زمن طويل وليس الأمر متعلقاً بفاطمة وحدها. "أنا أحاول أن أستعمل المواد القانونية الأخرى للوصول إلى تسوية مع زوج موكلتي لإنهاء الموضوع استناداً لاتفاق ينص على تنازلها عن المهر والنفقة مقابل حقها بالحضانة". نفذ قرار سجن فاطمة عبر دائرة تنفيذ بعبدا المخولة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة الشرعية. وأضافت: "محكمة تنفيذ بعبدا أصدرت قراراً يقتضي بتسليم الطفل أو سجن موكلتي لمدة أقصاها ستة أشهر أي ما يسمّى بالسجن الإكراهي". فاطمة لن تسلم طفلها الذي تحمّلت مسؤوليته منذ بلوغه الشهر بينما تزوج والده وأنجب طفلاً آخراً، وأسكن زوجته الجديدة في منزلها سابقاً حسب ما تشير وكيلتها. وتتابع "ترفض الأم تسليم الطفل إلى والده وهي قابعة في السجن لليوم التالي على التوالي دون أي ذنب. هي فقط تدافع عن حقها بالأمومة، حق الطبيعي بأن يترعرع ولدها في حضنها وليس لدى زوجة أبيه".


الحلول المطروحة لم تنفّذ
المحكمة شرعية لم تصدر قراراً بالنفقة علماً أنه كان يجب أن يصدر في شباط 2015 لكنها استجابت لجميع طلبات الرجل. وتروي أنها تقدمت بطلب الحصول على نفقة مؤقتة للطفل حين كان بحاجة إلى ثلاث عمليات جراحية لدى بلوغه الثلاثة أشهر تقريباً. صدر القرار بعد شهرين في حين كان الأمر مستعجلاً. في ذلك الحين كان يجب أن يبقى الطفل مع والدته لأنها كانت لا تزال ترضعه. وتقول حمزة إنه وبعد مرور سنتين طلب الزوج توقيف قرار النفقة المؤقتة واستجابت المحكمة لطلبه. وتؤكد على ضرورة عدم زج الأطفال في أي نزاع ينشأ بين والديهم. وتشير إلى أن "أخذ الطفل هو وسيلة ضغط كي تتنازل فاطمة عن كافة حقوقها والطلاق".


وتروي أن العائلة استدعت الزوج إلى منزلها ورحبت به علماً أنه جاء بصحبة زوجته. وقالت: "إقترحت فاطمة حلولاً. الأول يقضي أن تأخذ الصبي لعمر السبعة سنوات شرط أن يتكفل والده بمصاريفه المدرسية وأن تتكفل بدورها بمصاريفه المتبقية. الثاني يقتضي بأن تتكفل بحضانته لعمر 10 سنوات بينما يدفع له والده مبلغاً وقدره مئتي دولار. وطلبت منه التفكير قبل الإجابة". وتفاجئت العائلة بأمر السجن. أين هو الطفل الآن؟ تجيب: "عليكم أن تسألوا والدته. هي تخبئه في مكان آمن بعيداً عن والده." في حال بقيت فاطمة في السجن ونفذ الحكم بحقها ألا وهو السجن لمدة ستة أشهر ماذا ستفعلون؟ تقول: "نحن سنستمر بالضغط، وسنستعمل جميع الوسائل لكي تنفذ فاطمة من السجن". وتتابع: "علمت أن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يتابع الموضوع وهناك اتصالات وتشاور بشأنه". وتضيف أن "الحل الوحيد برأيي هو الوصول إلى اتفاق بشأن هذا الموضوع لكي يصار إلى إقفال القضية". فاطمة هي المرأة الأولى التي تستكمل الطريق حتى النهاية، حسبما أشارت وكيلتها. هناك من يَهَبْنَ السجن ومن هن ضعيفات. "فاطمة هي الأجرأ في هذا الموضوع ومن المفترض أن تتم معالجته ككل لإنصاف المرأة".


المطالبة مستمرّة برفع سن الحضانة
غداً يحتشد مناصروا قضيّة فاطمة حمزة في تمام الساعة الرابعة من بعد الظهر أمام المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على طريق المطار للمطالبة بإطلاق سراحها والاحتفاظ بحقها في حضانة ولدها. في هذا الإطار تشير منظمة حملة رفع سنّ الحضانة لدى الطائفة الشيعية زينة ابراهيم لـ"النهار" أنه "لو تجاوب أحد معنا في موضوع رفع سن الحضانة منذ 3 سنوات، لما وصلنا لإصدار حكم قضائي بحق فاطمة ولا اضطررنا الى مخالفة قرار قضائي وإخفاء ابنها". وتتابع أنه كان الأقل ان ندعمها وندعو الى اعتصام رغم أن المحكمة الجعفرية لم تبدِ اي استعداد لرفع سن الحضانة وقالوا انها مبادرة قد تأخذ عشرات السنوات كي تجد طريقها الى التنفيذ. ولو أنهم بادروا الى ذلك، لما لجأت فاطمة الى إخفاء ابنها. وعن تفاؤلها بنتائج تحرّك الغد تؤكّد أن "كلّ ما نريده أن تخرج فاطمة من السجن، ويقال إن المحكمة الجعفرية تعيد النظر في قضيتها لاعتبارها مظلومة. نأمل ان يتم اخلاء سبيلها او نفعّل ضغطًا حقيقيًّا لاجبارهم على رفع سن الحضانة".


بدورها المسؤولة الاعلامية في جمعية "كفى" مايا عمّار تقول لـ"النهار" ان موضوع قوانين الاحوال الشخصية المجحفة بحق المرأة هو موضوعٌ شائك نتداوله منذ سنوات. النساء يعانين من مشاكل في المحاكم الدينية كلّها خصوصاً في موضوع الأطفال. والمسؤولية لا تقع على المحكمة الجعفرية وحسب، ولكن على القاضي التنفيذي الذي اصدر حكم السجن. قاضٍ تنفيذي أصدر حكم السجن. السؤال المطروح هنا هو ما جعله يصدر هكذا قرار. وتتسائل: "هل النساء خطر على الأمن أم الأمن الذكوري؟" وتشكّك في الحكم القضائي معتبرةً أن هناك قرارات قضائية جمّة لصالح سيدات لم تجد طريقها نحو التنفيذ.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم