الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

استحقاق لبناني صرف بـ"نكهة" دولية تحوّل ملموس من الرفض إلى التعامل المرن

ألين فرح
استحقاق لبناني صرف بـ"نكهة" دولية تحوّل ملموس من الرفض إلى التعامل المرن
استحقاق لبناني صرف بـ"نكهة" دولية تحوّل ملموس من الرفض إلى التعامل المرن
A+ A-

صحيح أن الاستحقاق الرئاسي اللبناني والذي سوف يتجسد في 31 تشرين الاول الجاري بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية هو استحقاق تراكمي بامتياز، انطلق من الصمود والثبات وسياسة الانفتاح والتفهم وبعض التضحيات ليصبح استحقاقاً لبنانياً صرفاً ينجم عنه، للمرة الاولى منذ الطائف، ما يمكن تسميته حكم الأقوياء خارج منطق الترويكا.


هذا الاستحقاق اكتسب في الوقت عينه دلالة أخرى مهمة، إذ إنه استحقاق ديموقراطي ايضاً ما دام المرشح النائب سليمان فرنجية لم يسحب ترشيحه بعد، وما دام داعموه لا يزالون، حتى إشعار آخر، على موقفهم، مما شكّل أيضاً سابقة من الطائف الى يومنا هذا، إذ كان الإجماع سيد الموقف عند كل استحقاق رئاسي. حتى ما قبل الطائف لم نرَ حالة كهذه إلا عند انتخاب سليمان فرنجية الجدّ رئيساً للجمهورية.
أما النكهة الأخرى فهي التحوّل الملموس في ما كان يسمى الرفض الدولي أو عدم الحماسة الدولية لانتخاب عون، أو اللامبالاة حيال انتخابه، الى تأييد اتخذ أكثر من منحى:
1- السفيرة الاميركية لم تردّ عن اي اتهام لها بالوقوف ضد عون، بل أبلغت، على ما نقل عنها بعد اجتماعها بوزير الخارجية جبران باسيل، ارتياحها الى انتخاب رئيس للجمهورية ومباركتها خيارا تعتبره لبنانياً داخلياً. وما يزكّي ذلك هو موقف وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي عبّر عن الأمل في ملء السدة الرئاسية، وعندما فهم من كلامه أن ثمة تشكيكاً محتملاً في نجاح خطوة الرئيس سعد الحريري، أتى التوضيح من الناطق باسم الخارجية الاميركية، ليبدد نهائياً هذا التشكيك ويشدد على الأمل بانتخاب رئيس من جراء مبادرة الحريري.
2- الموقف الروسي نقلاً عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وعبّر عنه السفير الروسي في أكثر من مناسبة ولا سيما بعد زيارته "بيت الوسط".
3- موقف فرنسا، إذ قال وزير خارجيتها كلاماً معبّراً على درج بكركي، ثم كرّر الموقف عينه في أكثر من مناسبة في فرنسا، ولا سيما عند الزيارة التي قام بها الحريري لباريس حيث التقاه. فضلاً عن أن السفارة الفرنسية في لبنان حرصت كل الحرص على عدم التدخل في هذا الشأن اللبناني المحوري، وعلى تبديد هواجس من تحفظات لها عن مرشحين معينين.
4- الموقف الفاتيكاني، إذ وفق المعلومات، نقل عن القاصد الرسولي موقف مؤيد من دون تحفظ لانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما يدلّ على استدراك كبير لأهمية وصول عون بما يمثل الى سدة الرئاسة في زمن يخشى فيه الفاتيكان تصحّر العالم العربي من التنوع الديني والحضاري والثقافي، على ما عبّر البابا في أكثر من مناسبة بالقول: "لبنان يبقى المرآة التي تظهر صورة التنوع بأفضل ألق".
5- موقف الاتحاد الأوروبي كما المنسقية العامة للأمم المتحدة الذي لا يشوبه أي شك، رغم أن مصادر الشك هي دائماً لبنانية. فسيغريد كاغ وكريستينا لاسن تمضيان الوقت في تصويب ما تمّ تداوله في الاعلام، مذكرتين بالمبادئ التي طالما نادى بها الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة في الاستحقاق الرئاسي وضرورة ملء الفراغ.
6- الموقف السعودي الذي حرص على أن يبقى على كتمانه، حتى ان من ذهب لجس النبض عاد حائراً من جراء هذا الكتمان، الذي سرعان ما تمّ التعبير عنه بانخراط الحريري جدياً في دعم ترشيح عون وزيارة وزير الدولة للشؤون الخليجية ثامر السبهان لبنان وما توحيه من ايجابيات محتملة دعماً لهذه المبادرة.
7- الموقف المصري الذي عبّر عنه وزير الخارجية سامح شكري في لبنان وأمله في ملء الفراغ بالسرعة الممكنة، فتحرّكت العجلة بعد هذه الزيارة بترحيب مصري واضح.
المهم من كل هذا ليس في النكهة، بل في أن المادة صرف لبنانية، والنكهة ككل تزكّي اللون والطعم، ولا تنشئ المادة.


[email protected]
Twitter: @aline_farah

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم