الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"أندريه شديد كتابة حب" سيرة شاعرة بقلم كارمن بستاني صداقة متينة بين أديبتين من هذا الشرق

مي منسى
"أندريه شديد كتابة حب" سيرة شاعرة بقلم كارمن بستاني صداقة متينة بين أديبتين من هذا الشرق
"أندريه شديد كتابة حب" سيرة شاعرة بقلم كارمن بستاني صداقة متينة بين أديبتين من هذا الشرق
A+ A-

على غلاف الكتاب الصادر عن "دار فلاماريون"، تستوقفنا طويلاً، قبل العنوان، صورة جميلة للشاعرة والأديبة أندريه شديد. في نظراتها التائهة إلى البعيد حاولت استنباط ما في نفس هذه المرأة التي جعلت من شِعرها وأدبها إسماً كبيراً، كالشرق الذي استمدّت منه وحيها للكتابة. في باريس حيث أقامت وطنها الثاني، وشيّدت عالمها الأدبي والشعري، ظلّ حنينها إلى مصر حيث ترعرعت وشربت من مياه النيل وأغنت خيالها وفكرها من حضاراتها القديمة، وتاريخ فراعنتها.


من صورة الغلاف، تبدأ رحلة مشوّقة إلى عالم أندره شديد بقلم الأديبة والباحثة في الكتابة النسوية، كارمن بستاني. في هذه البيوغرافيا، المنسوجة بخيوط صداقة متينة بين أديبتين من هذا الشرق، كتبتا باللغة الفرنسية وظلّت مياه البحر المتوسّط حبرهما، أتاحت لنا كارمن بستاني بسلاسة قلمها، أن نرافق أندره شديد على مراحل عمرها، ولا سيما الحميمة منها، امرأة أدركت من طفولتها أنها بالشعر ستشيّد عالماً سعيداً لا يعكرّ صفوه الاغتراب من عالم إلى آخر. كتبت الشعر قبل أن تلمس أسرار الحياة، وظل الشعر لغة الحب والسفر والحنين إلى الماضي، ومن وحيه دخلت الرواية عالمها الأدبي. وبقيت كارمن بستاني تتذوّق ما ترويه لها كلما جمع بينهما لقاء، وتدوّن الكلمة تلو الأخرى، مطعّمة بما تذوّقته من أعمالها الشعرية والأدبية، إلى حين بدأت أعراض الألزهايمر تفتك بالسيّدة الجميلة. ففي صفحة من الكتاب تقول كارمن بستاني: "كوني كاتبة سيرة أندره شديد الوحيدة، صرت أشعر حيال هذه المغامرة الكبرى بمسؤولية الإسراع في جمع شواهد عنها من أشخاص عايشوها، قبل زوالها من ذاكرتهم".
من بين هؤلاء الشهود تسنى لها مقابلة زوجها لويس شديد وإبنتها، عنصران متّنا أساسات هذه البيوغرافيا. ويبقى العنصر النافذ الذي لعب دوراً كبيراً في كتاب كارمن بستاني، هي التي طالما جعلت من الكتابة النسوية اختصاصها، افتتانها بشعر أندره شديد، بكلمتها، ما جعل الدخول خطوة تلو أخرى في سيرتها، رهاناً شاقاً وممتعاً في آن واحد.
هذه العلاقة الفريدة مع الشاعرة والأديبة، عاشتها كارمن بستاني كهبة من أندره شديد إليها، وذلك بموافقتها على كتابة سيرتها في حياتها، المرأة وإنتاجها الأدبي. مغامرة فريدة، شاركت أندره شديد في خوضها مع المؤلّفة، واطمئنانها إلى البحوث الجديّة التي كانت كارمن بستاني تقوم بها لتعزيز هذا العمل وجعل النمط البيوغرافي، يتوغّل في عصب الأسلوب الروائي، بثماره الواقعية والخيالية. فعلى مدى توغّلها في نسيج حياة أندره شديد، صارت كتابة السيرة أكثر حميمية، وأكثر مرافقة لمراحل حياتها الشاملة لبنان ومصر وباريس.
"أندره شديد، الكتابة والحب"، هو بدون أي شك العمل الأدبي الأشمل والأجمل، مما كتب حتى اليوم في هذه الشاعرة. على مدى سني عمرها الأدبي والشعري، كانت المادة الغنيّة التي اثرت وحي كتّاب وشعراء وصحافيين في بحثهم عما يعزّز إلهامهم. كارمن بستاني تناولت سيرتها بإبرة التخريم القلقة على حذافير الكلمة. فمن بين متعة قراءة هذا العمل يستوقفنا فصل عن أهمية الصورة في سلوك أندره شديد وعلاقتها بها: "على غلاف كتابها "لقاء غير منتظر" تستقبلنا صورتها قبل العنوان، فنمعن فيها نظراً وكأننا نقرأ. فوجه أندره شديد فقرة من كتاباتها. في كل صورة تطوّر عمر وقلم، كما في مقابلاتها التلفزيونية حيث تحوّل شخصية الأديبة إلى شخصية إعلامية، تخرج من إطار الكلمة لتعزيز صورتها، فهي باتت على يقين بأن نجاح الصورة يساهم في بناء هويّة الكاتب وكتاباته".
نقفل كتاب السيرة بعد قراءته، ونعود إلى صورة الغلاف، ولا نسبر غموض ذلك السؤال الذي تبدو تطرحه على قارئها. صورة اختارتها كارمن بستاني كأنها بها تضيف فصلاً آخر إلى سيرة امرأة، كان آخر ما قالته لها في لقائها الأخير معها: "إحملي معك تحياّتي إلى لبنان. كما أشكرك على إصغائك المرهف لي. لقد تخطّيت قيمتك الأدبية والثقافية العالية لتكرّسي كل هذا الوقت في دراسة أعمالي والتعمّق في بحثك عن المرأة الكاتبة والشاعرة والزوجة والأم. شكراً لك".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم