الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

اليأس بلغ حدَّ القبول بأي رئيس لكنه لم يبلغ حدَّ القبول بأي سياسة

اميل خوري
A+ A-

إذا كان اليأس عند الناس بلغ حدّ القبول بأي رئيس للجمهورية خوفاً من تداعيات استمرار الشغور الرئاسي، فإنه لم يبلغ بهم حدّ القبول بأي سياسة ينتهجها. لذلك من حقهم، ولا سيما من حق ناس قوى 14 آذار المتمسكين بمبادئهم وثوابتهم أن يعرفوا أي سياسة سينتهجها الرئيس العتيد لأن المسألة ليست مسألة أشخاص بل مسألة مبادئ، ذلك أنهم لم يسمعوا حتى الآن سوى بتفاهمات تحقيقاً لمصالح شخصية وتقاسم مكاسب ومنافع، ولم يسمعوا بتفاهم على حكومة وحدة وطنية وعلى قانون للانتخاب وعلى الخطوط العريضة للبيان الوزاري لئلا يعود الجدل والخلاف حول "الثلاثية الذهبية": "الجيش والشعب والمقاومة"، وحول الحقائب السيادية والخدماتية، فيصبح لبنان يعيش برئيس بعدما عاش منذ سنتين ونصف سنة بحكومة ولا رئيس.


لذلك فإن جمهور 14 آذار إذا كان لا يهمه شخص الرئيس، إلا أنه يهمه كثيراً سياسة هذا الرئيس التي تطرح الأسئلة الآتية وانتظار الأجوبة عنها ليكون له موقف منها:
أولاً: ما هو موقف لبنان الرسمي من صراع المحاور المشتد في المنطقة وقد ينعكس سلباً على الأوضاع في لبنان، لا سيما اذا قرر لبنان الوقوف مع هذا المحور أو ذاك. وقد بات واضحاً أن لا شيء يخلّص لبنان من تداعيات هذا الصراع سوى الحياد الذي يفرض سياسة النأي بالنفس عما يجري حوله باستثناء موقفه من إسرائيل التي لا حياد معها. وهل تتفق القوى السياسية الأساسية في البلاد على اعتماد هذه السياسة التي خالفها "حزب الله" بخوضه القتال في سوريا الى جانب طرف ضد طرف آخر؟ وهل بات مستعداً بعد انتخاب رئيس للبنان، خصوصاً إذا كان العماد ميشال عون، أن يقرر العودة من سوريا الى لبنان للتمكّن من تطبيق سياسة النأي بالنفس، أم أن الحزب لن يغيّر سياسته وقد أكد ذلك السيد حسن نصرالله بقوله إنه باقٍ في سوريا الى أن تحقق المعركة أهدافها؟
ثانياً: ما هو الموقف من سلاح "حزب الله"، هل يتم التوصل الى اتفاق على وضع استراتيجية دفاعية تضبط استخدامه فيكون عند الحاج اليه قوة للدولة لا قوة عليها؟ فالاتفاق على مصير هذا السلاح مهم جداً ويفوق حتى أهمية انتخاب رئيس للجمهورية لأن لا دولة قوية سيدة حرة في لبنان مع بقاء أي سلاح خارج الدولة، ولن تستطيع أي حكومة أن تحكم وتنفّذ قراراتها حتى وإن توصلت الى اتخاذها. أما الاستمرار بالقول إن لا حل لمشكلة السلاح ما لم تحل أزمات المنطقة وما دام الخطر الاسرائيلي داهماً، وهو ما قاله العماد عون، فمعنى ذلك أن لا دولة في لبنان في المدى المنظور، وأن أي رئيس للبنان لن يستطيع أن يحكم إلا كما حكم سواه، وإن هو فعل العكس لإظهار قوته وتأكيد أنه مختلف عنهم، فعندئذ قد نقول مع تغريدة النائب وليد جنبلاط: "الله يستر".
ثالثاً: ما هو الموقف الرسمي الواحد والموحد من بقاء اللاجئين السوريين في لبنان والى أجل غير معروف، خصوصاً إذا لم يحصل على المساعدات الكافية لتخفيف الأعباء عنه، أو إذا استمرت الحرب في سوريا ولا أمكن حتى إيجاد مناطق آمنة داخل سوريا يعود اللاجئون إليها؟
رابعاً: تنفيذ كل القرارات التي صدرت بالاجماع عن لقاءات الحوار لأن تنفيذها يحصّن الاستقرار العام في لبنان، وكذلك تنفيذ القرار 1701 الذي يجعل كل حدود لبنان آمنة وخاضعة لمراقبة شديدة تمنع كل أنواع التهريب والتسلل عبرها.
خامساً: الاتفاق على تنفيذ ما تبقّى من اتفاق الطائف، لا سيما ما يتعلّق بالغاء الطائفية السياسية واستحداث مجلس للشيوخ وتطبيق اللامركزية الادارية الواسعة، على أن تبقى وزارات الدفاع والمال والخارجية للسلطة المركزية لئلا تصبح "فيديرالية".
إن المطلوب من أي رئيس للجمهورية أن تكون له أجوبة عن هذه الأسئلة وتوافق الحكومة التي يتم تشكيلها عليها، لا أن يقوم خلاف بين رئيس الجمهورية والحكومة فتنفجر الأزمات.
يبقى السؤال المهم والذي لا جواب عنه من "حزب الله" هو: هل الحزب، ومعه ايران، مستعد لأن يدفع ثمن السياسة التي حددتها الأسئلة المذكورة آنفاً إيصال العماد عون الى قصر بعبدا، أم أن الحزب وايران يفضلان وصول أي رئيس الى قصر بعبدا وعدم القبول بهذه السياسة والاكتفاء فقط بتقاسم المكاسب والمنافع بين أكلة الجبنة، وبتفاهمات تأخذ شكل صفقات بين أحزاب وتكتلات، ولا تفاهم على ما يخص لبنان؟
لذلك ليس المهم الاتفاق على الرئيس، اي رئيس، إنما الاتفاق على أي سياسة ستكون له وتحفظ لبنان من خلافات الداخل وتحصنه من تدخل الخارج.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم