الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"مهرجان مطاعم بيروت" جاذباً الآلاف: 70 عرض طعام كنت لتتذوّقها في وقتٍ واحد

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
"مهرجان مطاعم بيروت" جاذباً الآلاف: 70 عرض طعام كنت لتتذوّقها في وقتٍ واحد
"مهرجان مطاعم بيروت" جاذباً الآلاف: 70 عرض طعام كنت لتتذوّقها في وقتٍ واحد
A+ A-

حملت السياحة الداخلية في لبنان هذا العام موسم الاصطياف على ظهرها. انتشلته من حضيضٍ محتّم. عكّرت سلسلة تفجيرات القاع الإرهابية صفو التوقّعات في نهاية شهر حزيران الماضي. كنا نخال ما حصل يومها أشبه بنهاية محتّمة لأملٍ نُمليه لأشهر آتية نريدها مكلّلة بالفرح. تسمّرنا أمام شاشات التلفاز نترقّب ما سيحمله الغد. مرّت الأيام وصار يوم 27 حزيران مجرّد سحابة صيف. أكثر من مئة وسبعين مهرجانًا صاخبًا بالتوق الى السعادة. كأنها عدوى شفاءٍ جماعيّ اجتاحت لبنان من أقصاه الى أقصاه. بدل أن تكون عدوى مرض، كما جرت العادة. وتكلّل عرس الاستقرار بانتخاب بيروت أفضل وجهة سياحية للطعام في العالم. كلّ ذلك أبعد قطاعَي المطاعم والفنادق عن كابوسٍ كان قد لاحقهما الصيف المنصرم نتيجة استشراء أزمة النفايات في البلاد وغياب الاستقرار السياسي والأمني.


واذا ما أردنا توصيف واقع قطاع المطاعم في صيف 2016 مقارنةً مع عام 2015 نقول إنه كان جيّداً. وها هو الموسم يُختتم بحفل افتتاح "مهرجان مطاعم بيروت" في محطّة القطار في منطقة النهر، والذي استمرّ بدءًا من ظهر يوم الجمعة الواقع فيه 30 أيلول وحتّى منتصف ليل يوم الأحد 2 تشرين الأول 2016. وكانت نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري قد توقّعت حضور أكثر من عشرة آلاف شخص لتذوّق مختلف انواع المأكولات من مختلف المطاعم اللبنانية والعالمية، والتي يعرضها 70 عارضا من أهم المطاعم في لبنان تميّزوا بتقديم الجودة والنوعية والخدمة والقياسات الصغيرة، ليتمكن الزبون من تناول أكثر من وجبة واحدة مع أسعار تشجيعية ومخفّضة. هذا اضافةً الى الموسيقى والألعاب المخصّصة للأطفال.


سياحة المهرجانات أنقذت قطاع المطاعم جبلياً
زار "مهرجان مطاعم بيروت" في يومه الأول 4500 شخص، ورجّح عدد الزائرين في اليوم الثاني من المهرجان بين 8000 و12000 شخص. ويعتبر نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان الأستاذ طوني رامي في حديثٍ لـ"النهار"، أن "أهمية المهرجان تكمن في نقل صورة لبنان الحضارية بالنسبة للمطاعم". "كيف ترجم انتخاب بيروت كأفضل وجهة سياحة للطعام في العالم على واقع قطاع المطاعم لعام 2016؟". يجيب أن هذه الخطوة تؤكّد أن القطاع الخاص في لبنان، وبالتحديد القطاع المطعمي قادر على الوقوف في وجه كلّ التحديات الراهنة، في حين أن كلّ ما يتطلّبه القطاع للنهوض هو السلام والأمن. وفي مقارنةٍ بين وضع قطاع المطاعم هذا الصيف مقارنةً مع العام المنصرم، يلفت الى أن سياحة المهرجانات حرّكت السياحة الريفية وسياحة المطاعم في المناطق الجبلية في ظلّ استقرار الوضع الأمني، نافياً فرضيّة اقفال عدد منها. ويشير الى أن النقابة تعمل اليوم على تنشيط القطاع على الصعيد الداخلي، في ان السمعة الممتازة لبيروت كأفضل وجهة سياحية للطعام يفتح الآفاق أمام تنشيط السياحة الخارجية ايضاً، بعد تفوّق العاصمة اللبنانية على باريس وروما وأهم العواصم العالمية على صعيد المطاعم.


السياحة الداخلية والفنادق: تراجع 10% بدلاً من 20
ساهم تطوير السياحة الداخلية في نموّ عدّة قطاعات الى جانب قطاع المطاعم وفي عدّة مناطق خارج بيروت كمدن إهدن وجبيل والبترون. ومن أبرز القطاعات التي نهضت هذا الصيف قطاع وكالات السفر وبيع التذاكر. أما بالنسبة للشقق والمفروشة والفنادق، فان الوضع لم يكن مشجّعاً. وفي حديثٍ أجرته "النهار" مع نقيب الفنادق الأستاذ بيار الأشقر، الذي شارك بدوره في افتتاح "مهرجان مطاعم بيروت" لدعم ارادة الحياة وارادة البقاء في لبنان، تبيّن أن تراجع نسبة روّاد الفنادق والشقق المفروشة بلغت 10% مقارنةً مع العام المنصرم. هذا لا يعني برأيه أن ازدهار السياحة الداخلية لم يؤثّر ايجاباً على قطاع الفنادق، لكن مدى التأثير طفيف، خصوصاً أن المواطنين اللبنانيين يرتادون الفنادق في عطلة نهاية الأسبوع، أو خلال زيارتهم لاحدى المناطق البعيدة عن مسقط رأسهم بغية حضور احتفالية او مهرجان. ما يعني أن الحجوزات ازدهرت يومين في الأسبوع بدلاً من 7 ايام متواصلة. ويفتح النقاش في مقارنةٍ بين دور السياحة الخارجية والسياحة الداخلية في التأثير على واقع الفنادق. يقول: "كانت نسبة الحجوزات في موسم الاصطياف تصل الى 92% لمدّة 100 يوم، في حين أننا اليوم نكاد نطأ عتبة 50% خلال 100 يوم". ومقارنةً مع عام 2010 فقد بلغ معدّل التراجع الذي شهده القطاع 40%.


"الى أيّ مدًى تتوقعون تحسّنًا اضافيًّا في واقع قطاع الفنادق بعد انتخاب بيروت كأفضل وجهة سياحية للطعام، وكافة المبادرات الايجابية المترافقة واستمرار المهرجانات والاحتفاليات الداخلية؟". يجيب أن المشكلة أكبر من هذا التوصيف الضيق. فبيروت تعتبر أفضل وجهة سياحية للاصطياف بالنسبة للدول العربية وهي لم تفتقد مقوّماتها وقدرات شعبها، لكن عدم الاستقرار السياسي وخسارة السائح الخليجي الذي كان يعتبر ثروة هدرت اليوم كأننا رميناها في البحر. ويؤكّد أن السائح العربي كان يتمتع بأكبر قوّة انفاقية وأكبر مدّة زمنية للاقامة تتراوح بين 15 يوماً وشهرين، في حين السائح الغربي لا يستطيع أن يحلّ مكانه.


لعلّها كانت الطريقة المثلى لمجابهة ارتدادات فقدان السواح الأجانب. وقد باتت السياحة الداخلية والمبادرات المرتبطة بها ترياقاً للنهوض بالقطاعات الخدماتية، وان لم يكن الدواء بحجم التطلعات نحو الشفاء. آخر هذه المبادرات تمثّلت بـ70 عارض طعام، كنت لتتذوّق مائدتهم في وقتٍ واحد، لو أنك حظيت بفرصة زيارة "مهرجان مطاعم بيروت". يحكى عن بعض المواطنين اللبنانيين أنهم كانوا ليفقدوا الأمل في هذا الوطن نظراً لواقعهم المرير الذي يعيشونه، لولا "الأكل". كتب أحدهم بعفويّة عبر حسابه في مواقع التواصل: "ما في شي بيفش الخلق بها البلد غير الأكل". وبانتظار غودو، لا نصيحة أمثل من الاستمتاع بتناول الطعام. على الأقل، ان طعم المأكولات الشهيّة، لا يخذل متذوّقيه أبداً. ألف صحتين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم