الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

علاقة الرياض - واشنطن مُتردّية قبل نقض "النقض"

سركيس نعوم
سركيس نعوم
علاقة الرياض - واشنطن مُتردّية قبل نقض "النقض"
علاقة الرياض - واشنطن مُتردّية قبل نقض "النقض"
A+ A-

لم تكن العلاقة بين المملكة العربيّة السعوديّة وأميركا في حاجة لكي تتوتّر وتتردّى وتسوء إلى شبه إجماع مجلسي الكونغرس على تعطيل النقض الذي مارسه الرئيس أوباما لقانون يُجيز مقاضاة المملكة للحصول منها على تعويضات ماليّة لضحايا إرهاب "القاعدة" في 11 أيلول 2001 من الأميركيّين لكون غالبيّة منفّذيه سعوديّين. فهي لم تتعاف منذ التاريخ المُشار إليه رغم المحاولات التي بذلتها الرياض وواشنطن للمحافظة على الحلف التاريخي بين الدولتين الذي أرساه الملك المُؤسِّس عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي روزفلت. فالصفة الأساسيّة للإرهاب المذكور كانت التشدّد الإسلامي والعودة إلى الجذور أي إلى السلف. والردّ عليه من الرئيس جورج بوش الإبن باجتياح أفغانستان وإطاحة حكم "طالبان" لها عام 2001 ثم باجتياح العراق ربيع عام 2003 لم يطفئ ناره بل كان الزيت أو البنزين الذي أجّجها ونشرها ليس في العالم العربي ثم الإسلامي بل في العالم الأوسع كلّه. ولم تنفع كل المحاولات الصادقة التي قام بها المسؤولون السعوديّون منذ ذلك التاريخ سواء لتجفيف منابع تمويل هذا الإرهاب أو لإزالة النصوص التي تُحرّض عليه من الكتب المدرسيّة في المملكة رغم اعتراف زملائهم الأميركيّين بنجاحها ونجاعة إجراءاتها. إذ تبيّن لاحقاً وخصوصاً بعد "الربيع العربي" أواخر 2010 أنّه ينتشر في سرعة مثل النار في الهشيم وأنّه بدأ يشكّل تهديداً جدّياً ومباشرة للجهة المتّهمة بإطلاقه، سواء بقصدها أو من دونه وهي السعوديةّ. ولذلك، فإنّ المُحلّلين والخبراء والمُتابعين في واشنطن يترقّبون رد فعل الرياض على تعطيل "نقض" أوباما ويتوقّعون مرحلة صعبة جدّاً في علاقتها التحالفيّة مع واشنطن.
لكن قبل الخوض في التوقّعات، وقد يكون ذلك مُبكراً لأن المسؤولين في الدولتين يُدركون صعوبة الموقف وخطر الاختلاف على مصالحهما في مرحلة حرجة تخوضان فيها معاً معركة ضد الإرهاب بشقّيه السُنّي والشيعي تحوّلت حرباً شاملة بالوكالة بين أميركا والدول التي ترعاه وحرباً بالأصالة بين السعوديّة والدول نفسها، قبل ذلك لا بدّ من إلقاء ضوء على بدء التردّي في العلاقة وتطوّره في السنوات الماضية. وهذا ما فعله قبل نحو ستة أسابيع باحثون في مركز أبحاث عربي جدّي في تقرير محدود التداول مُلفِت في دقّته. وهو يشير في بدايته إلى صعوبة العلاقة بين الحليفتين. ثم طرح سؤالين: هل هناك أسباب جدّية وبُنيويّة تأخذ في الإعتبار مصالح كل منهما ووجهات نظره واستشرافاته تستطيع إنهاء التوتّر بينهما في سياق التطوّر المستقبليّ للأحداث فيهما؟ وهل ما حصل كان حادثاً مؤسفاً أو خللاً تسبّبت به آراء وأفكار شخصيّة وسياسات مُختلفة؟ ولا يمكن استناداً إلى مُعدّيه التوصّل إلى جواب عنهما قبل فحص تطوّرات ثلاثة مهمّة حصلت في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة هي: "الربيع العربي" وصعود الإسلام السياسي والإرهاب المُستند إليه والاتفاق النووي "الدولي" مع إيران. في هذه الموضوعات الثلاثة اتّخذت الدولتان طُرقاً مُختلفة ومُتباعدة، كما في مُحاربتهما المشتركة لـ"داعش" التي تُهدّدهما معاً، إذ اختلفت الرياض عن واشنطن في تصوّرها لهذه الحرب وفي طريقة وصلها أو اتّصالها بالوضع الداخلي في سوريا والعراق. وحتى في "الاتفاق النووي" الذي أيّدته السعوديّة على مضض (أي ليس من قلبها كلّه كما يُقال) اختلفتا أيضاً على الإطار الأشمل الذي يجب أن يُوضع داخله. طبعاً اعتبر البعض في حينه الإختلافات هذه جزئيّة وتقنيّة، لكن المملكة وأميركا عكستا بتصرفاتهما ومواقفهما حقيقة مهمّة هي أنّهما تتطلّعان إلى الأمور والأحداث والتطوّرات من منظورين مختلفين أو ربّما متناقضين. وأدى تسلسل الأحداث في المنطقة إلى جدل وشكوك بين حكومتي الدولتين، كما ضَعُفت عند الإثنتين القدرة على التحفّظ أو على ضبط الأعصاب وعدم البوح بالخلافات أمام الملأ. وقد دلّت الاستعراضيّة التي رافقت ذلك على افتقار الفريقين إلى الحساسيّة اللازمة جرّاء التخبّط الذي ظهر بعد غزو العراق.
أمّا في موضوع التطرّف، فإن أولويّة الرياض كانت مواجهة توسّع إيران بأي وسيلة مُمكنة. ولكن تبيّن لاحقاً أن مشكلات الراديكاليّة العنفية الإسلاميّة لن تجد حلّاً لها قبل التوصّل إلى حلِّ سياسي لكلّ من العراق وسوريا. وهذا ما أثبته تطوّر الأحداث في الدولتين وأهمّها حلول "داعش" مكان "القاعدة". وربّما كان أمكن تلطيف المُقاربة السعوديّة لو حصل تفاهم سعودي – أميركي على العمل لحل سياسي في الدولتين.
ماذا عن "الوهابيّة" السعوديّة ودورها في إرهاب اليوم؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم