الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جريمة في البرلمان النروجي

جمانة سلّوم حداد
جريمة في البرلمان النروجي
جريمة في البرلمان النروجي
A+ A-

دعاني حزب العمل النروجي الى إلقاء خطاب افتتاحي في مجلس النواب، في إطار جلسة مفتوحة لأعضاء الأحزاب والسياسيين ومجموعة شابات وشابات من أصول عربية ومسلمة في تلك البلاد. الجلسة، التي انعقدت يوم الجمعة الفائت، كانت نتيجة مبادرةٍ شجاعة ولافتة من صبيتين من أصل لبناني، نانسي الحرز وصوفيا سرور، قرّرتا الإنتفاض على الضغوط الإجتماعية والدينية الخانقة التي تمارَس على جيل شاب يترعرع بين ثقافتين ومجتمعين متضادين: كيف لا، وهؤلاء يولدون ويتربّون، في محيط خارجي يحتفي بالحرية الشخصية والعامة وبالخيارات الفردية، ويحترمها الى أقصى الحدود، ويولدون ويتربّون من جهة ثانية في إطار عائلي غالباً ما يكون متشدداً ومنغلقاً ومتمسّكاً بعادات وتقاليد يعتبرها مقدّسة، لكنها تتنافى مع قيم ذلك البلد ومبادئه الراسخة ومع الحد الأدنى من متطلبات الاندماج؟
سمعتُ في ذلك اليوم شهادات مؤلمة للغاية من فتيات عربيات ومسلمات: قصص عنف وترهيب واعتداء وقمع بإسم العيب والشرف والدين والجذور، تجعل المرء يتساءل ما إذا كان حقاً في بلد أوروبي، اسكندينافي تحديداً!
لا أعرف لماذا يصرّ غالبية العرب على تصدير أبشع صفاتهم معهم عندما يلجأون الى الغرب؟ لا أعرف من أين يستدرّون الصفاقة الكافية ليكونوا، أينما حلّوا، "بدهم ياه وتفو عليه". لا أعرف كيف يستطيعون التصدي لِقيمٍ، هم كانوا روّادها، كالثقافة والحرية والتقدّم. ولكن ما آمله، وما لمسته فعلاً في أوسلو، أن كيل أولادهم، بناتهم تحديداً، طفح. الى أولئك البنات توجّهتُ صباح الجمعة، لأطلب منهنّ قتل شهرزاد معي، لأجلهنّ ولأجلي.
أجل، شهرزاد لم تمت بعد. وكم يؤلمني أن تصدر بعد أسابيع الطبعة الثانية من كتابي/جريمتي، من دون أن يكون قد تغيّر شيءٌ إيجابيٌّ ملموس في أحوال المرأة العربية. بل الأدهى، أن تشهد هذه الأحوال المزيد من التفاقم والتدهور، مع الصعود الدراماتيكي الرهيب لتيارات التكفير والظلامية، بما تنطوي عليه من إرساء لـ"قيم" جحيمية، دينية ومجتمعية، لم يسبق لأيّ ظلاميةٍ في العالم أن مارستها في حقّ المرأة.
نحن في حضرة المقتلة المشهدية المفجعة لكل ما يتعلق بالكرامة الإنسانية، فكيف لا نكون في حضرة المقتلة المشهدية المفجعة لكلّ ما يتعلق بكرامة المرأة العربية، أمام أشكال التأليه للذكورية البغيضة، في أشنع صورها وتجسيدتها.
ينبغي لنا أن نواصل المعركة، معركة الدفاع عن كراماتنا الشخصية كنساء، وعن كرامة كلّ امرأة عربية، وعن كرامة المرأة مطلقاً.
ولن نكفّ، إلى أن تعلن المرأة بنفسها انبثاق فجر الحرية.


[email protected] / Twitter: @joumana333

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم