السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

يا مسرحيي بيروت نريد بيروت!

عقل العويط
عقل العويط
يا مسرحيي بيروت نريد بيروت!
يا مسرحيي بيروت نريد بيروت!
A+ A-

أغتنم مناسبة الاحتفال بعشرين عاماً على تأسيس "مسرح المدينة"، لمؤسِّسته وراعيته ومنشِّطته الفنّانة الكبيرة نضال الأشقر، لأحيّي المدينة نفسها، ومسرحها، ومسرحييها، وكلّ الذين يعملون في السرّ والعلن من أجل المحافظة على المعنى، والسرّ، والدلالة.


المدينة تنوء، تحت الثقل الهمجيّ. وهي تتهيّأ لفصول إضافية "موعودة"، من معايير الاستباحة والتفريغ والدعارة السياسية والمعنوية والانتهاك والتمريغ والسرقة والخواء. الاحتفال بـ"مسرح المدينة" ضرورة كبرى، ودائمة، من أجل المسرح بالذات، ومن أجل المكان، والمقام، ومن أجل الفضاء، والفسحة، والرحابة، والحرية، والاختلاف. فلتُرفَع القبعات للمحتفلين وللمسرحيين وللمدينة على السواء. ولتُحوَّل بيروت بأسرها إلى مسرح عظيم في الهواء الطليق. ولتُحرَّر البيوت والشوارع والأزقة والساحات والأرصفة وشرفات المقاهي وطاولات الجلوس، من السكينة الممضّة والمميتة، ومن الانتظارات السلبية القاتلة. لا أدعو إلى التحسّر. أدعو إلى رفض هذا الموت اليومي، البطيء، المحشرج، شبه الجمعيّ، للمدينة، بالسبل العقلية والمدنية المتاحة، وذلك من أجل أن يقف المجترحون في وجه الموت والجريمة والقاتل، ويُحدِثوا شيئاً عظيماً؛ زلزالاً مدنياً، إنسانوياً، ثقافياً، أو أعجوبةً، مثلاً، لكنْ ليس أقلّ.
الخلاّقون، المفكرون، المثقفون، الرسّامون، ومعهم المدنيون، الديموقراطيون، العلمانيون، الأوادم، ورهط "السياسيين" الذين يسبحون عكس التيّار. هؤلاء يمكنهم أن يفعلوا ما يجب أن يُفعَل الآن، وفي كلّ آن، من أجل بيروت، التي لا تتشرّف بصورتها المتبشّعة اليوم، ولا بوجهها الكئيب، ولا خصوصاً بالقائمين على المسؤولية السياسية فيها، ولا بالمتنطّحين للتنافس على هذه المسؤولية. هل يُعقَل أن تكون النفايات، النفايات كلّها، المادية والمعنوية، مرآة بيروت، وواجهتها؟! هل يُعقَل أن لا يكون المسرح، والأدب، والفن، والعقل مطلقاً، فرن بيروت اليومي، ورغيفها، ونبيذها، وغذاءها؟!
اسألوا بلدية بيروت ومحافظها ونوّابها ووزراءها، ماذا يفعلون من أجل هذه البيروت؟ دَعَونا هؤلاء جميعهم ليرفعوا العشب اليابس الذي يحيط بتمثال الشهداء، فلم يحرّك أحدٌ منهم ساكناً. فكيف تستطيعون أن تظلّوا تغضّون عنهم، وتحترموهم، وتبقوهم في مناصبهم وأمكنتهم؟!
يا مسرحيي بيروت، اكتبوا لنا نصاً مسرحياً يروي حكاية بيروت الحقيقية، الواقعية، المفجعة، وليجتمع المخرجون الأفذاذ، والممثلون الأفذاذ، وليقدِّموا هذا العرض الملحمي، هنا في ساحة الشهداء، ساحة البرج، ساحة الحقيقة، والحرية. يا مسرحيي بيروت، يا أهل "مسرح المدينة"، لم يعد في مستطاعنا أن نتنشق. نريد فقط أن نتنشق بيروت. سلامي اليكم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم