السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

طبّقوا الدستور وافرضوا القانون

علي حماده
A+ A-

بالرغم من كثرة الكلام في صالونات السياسة، والتصريحات التي يدلي بها سياسيون من هنا وهناك، لا يعاني لبنان أزمة نظام، ولا يحتاج الى مؤتمر تأسيسي كما يحاول البعض ان يوحي أو أن يدفع البلاد نحوه. لبنان يعاني اولا وقبل اي شيء، عدم تطبيق الدستور بنصوصه الصريحة، ويعاني تطبيق "قراءات" خاصة لنصوص دستورية لا تأخذ في الاعتبار الفلسفة الايجابية للنص الدستوري، بل تطبيق "قراءة" خاصة وسلبية مثلما يحصل بالنسبة الى المواد الدستورية المتعلقة بإتمام الاستحقاق الرئاسي، إن لجهة النصاب أو لجهة تشريع الغياب المقصود للنائب عن مجلس النواب، وتمنعه بإصرار، وتكرارا، عن اداء واجبه بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهنا، فإن ما يحصل في مجلس النواب اللبناني لا مثيل له في اي بلد في العالم. إذ ليس ثمة سابقة في اي دولة اخرى لـ"رياضة" التعطيل التي تمارس في لبنان بحماية "أعراف" هجينة وغريبة عن فلسفة أي دستور في العالم، يقوم على ايجابية تطبيق مواده لا على سلبيتها! باختصار، ان اي دستور يراد منه اساسا ان يكون "الكتاب" الذي بموجبه تسير أمور البلاد، ولا تعطل.


لبنان ليس في ازمة نظام، لانه يحتاج ايضا الى ترسيخ ثقافة الخضوع للقانون، بدل بناء جدران عالية بين بعض المواطنين والقانون الواجب احترامه وتطبيقه بمساواة تامة! والحال انه يستحيل بناء دولة أو وطن، ما لم يصبح الخضوع للقانون أساسا في الحياة العامة والخاصة. لذا فإن كل الكلام الكبير عن أزمة نظام ليس في مكانه ما لم تتم معالجة الحالات الشاذة التي تشوه الحياة العامة في لبنان. فإذا صار القانون هو المرجع، بحيث يتم الخضوع له، وتتم محاسبة من يخالفه، تتغير حياة اللبنانيين جذريا. فمن محاسبة المخالفين، الى محاسبة الفاسدين، الى فرض حالة انتظام عام في البلاد برضى المواطنين، يصبح بالامكان الحديث عن أمل بمستقبل لبنان.
إن الحديث عن "مؤتمر تأسيسي" هو مجرد إلهاء للبنانيين عن موطن الازمة الفعلية. و"المؤتمر التأسيسي" الذي يتحدثون عنه ربما كان وسيلة لتشريع ما هو غير شرعي، أي لتشريع الدولة ضمن الدولة، والسلاح غير الشرعي. وإذا كان البعض يظن ان "المؤتمر التأسيسي" سيكون بابا لفيديرالية ما هنا او هناك، فهو واهم، لان لا فيديرالية جغرافية ممكنة في لبنان. وحدها فيديرالية مواطنين قد تكون ممكنة، لكن أوانها لم يحن بعد.
طبّقوا الدستور بعيدا من "القراءات" الخاصة من كل نوع، وافرضوا احترام القانون وخضوع الجميع له بلا تمييز، عندها تصير لنا حياة وطنية حقيقية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم