الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"المستقبليون" وتأييد مرشح إيران

عبد الوهاب بدرخان
A+ A-

لا أحد يجهل أن "حزب الله" يعطّل انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه يخوض حالياً حملة مركّزة مفادها أن التعطيل يأتي من "تيار المستقبل"، مفترضاً أن هذا التيار منقسمٌ بين جناحين، أحدهما يؤيّد ميشال عون مرشّح ايران و"الحزب" والآخر سليمان فرنجية صديق "الحزب" وبشار الاسد. وفي رأي "حزب الله" أن خلاف "المستقبليين" تجاوز شخصية الرئيس الجديد لينصبّ على شخصية رئيس الوزراء المقبل، باعتبار أن هناك منافسة من شخصيات عدة للرئيس سعد الحريري، وأن هذا الخلاف يحول، في رأي "الحزب"، دون حسم خيار تأييد عون للرئاسة.
هناك أكثر من رأي داخل "المستقبل"، مثلما ظهر أكثر من رأي في "تيار 14 آذار"، وأسباب ذلك كثيرة لكن أهمها أنهما سياسيان مدنيّان أولاً وأخيراً، لا يُقادان بعقلية ميليشيوية وليسا مرتبطين بـ"حرس ثوري" إيراني ولا بنظام إجرامي ولا بمخطط تخريبي للعالم العربي. ومن الأسباب أيضاً أن خلفية الدعم العربي، تحديداً السعودي للبنان، تلاشت فأضعفت الفريق الذي يستند اليها، وفيما اعتُبر سحب هذا الدعم "تضييقاً" على "حزب الله" و"احراجاً" لحلفائه المحليين، إلا أن نتيجته الفعلية جاءت عكسية تماماً. فالفريقان اللبنانيان المتواجهان شبه متساويين سياسياً لمصلحة 14 آذار الذي لم يتخلّ عن تمسكه بالدولة ومؤسساتها، خصوصاً الجيش، أما الآخر، 8 آذار، فيعوّض هذا الاختلال بسلاح غير شرعي يستخدمه في استضعاف الدولة وترهيب اللبنانيين.
اعتبرت الخطوة السعودية في إطار الصراع الاقليمي مع ايران، وانطوت على رسالة تحذّر المجتمع الدولي من تجاهل الهيمنة الايرانية على لبنان، أما رسالته الأخرى فكانت الى القوى المحلية بأنها غير فاعلة في مواجهة المشروع الايراني. لكن الشهور الماضية أظهرت استغلالاً لانكماش الدور السعودي وأفضت الى ما لا تريده الرياض. إذ جاء ردّ ايران بمزيد من الاستثمار في دورها في لبنان، وبمزيد من الدعم لــ"حزب الله"، وبالإصرار على مرشحها الوحيد للرئاسة، وبانتقال الامين العام لـ"الحزب" من تمثيل دور "الحَكَم" المزيّف في الصراع الرئاسي الى دور موزِّع للرئاسات، كمن يقول للحريري اذا كانت السعودية لم تعد تدعمك لرئاسة الحكومة فـ "حزب الله" مستعد لمنحك المنصب مقابل تأييدك عون للرئاسة، واذا أحجمت فالطامحون كُثُر في تيارك للسير بهذا الخيار.
قد يكون هناك طامحون لكن أيّاً منهم لا يستطيع تأمين الصوت "المستقبلي" لمرشّح ايران للرئاسة. ولا عزاء لذلك العبقري في "الحزب" الذي قال "إننا مُبتَلون في لبنان بحزب "المستقبل"، لأن فيه "مَن يصرّ على المكابرة ويعاند الحقائق". و"الحقائق" هنا تعني هيمنة حزبه. لا عزاء أيضاً للعبقري الآخر المُضحك الذي اعتبر أن "الاستمرار في اضطهاد "التيار الوطني الحر" تحوّل اضطهاداً للمسيحيين"!.. في أي حال، ليس بين الأخطاء الكثيرة لتيارَي "المستقبل" و"14 آذار" أنهما اغرقا لبنان في أزمات المنطقة وعرّضا مصيره للتهديد، كما يفعل "حزب الله"، وهذا هو البلاء الحقيقي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم