السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أنقذوا التعليم الثانوي!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

يبقى التعليم الثانوي ركيزة أساسية في الهيكل التعليمي. هو عصب التعليم ومزيج مراحله كاملة، والمنعطف نحو التعليم الجامعي. وعندما تهتز هذه المرحلة في النظام التعليمي يصبح من الصعب التعويض للإنتقال الى مرحلة الجامعة. هكذا كان التعليم الثانوي في لبنان صمام الأمان، خصوصاً الرسمي منه، عندما كانت الثانويات الرسمية تتقدم بمستواها مع أساتذتها الذين خرجتهم كلية التربية، قبل ان تهتز صورته تدريجاً بعد الحرب. ولا يعني ذلك أن مراحل التعليم الأخرى غير ذات أهمية، إنما حلقة الترابط بين الأساسي والثانوي تعطي الأخير دوراً محورياً، فكان جوهرة التعليم، والقاعدة التي يبنى عليها كل الهيكل. وبين مرحلة ذهبية ومسار إنحداري، نشهد اليوم تلاعباً بقيمة هذا التعليم، في بنيته ومناهجه وتركيبته وموقع أساتذته، حتى أن البعض يحاول إطلاق رصاصة الرحمة عليه.
لا يقتصر الأمر على الثانوي في القطاع الرسمي، وإن كانت المدارس الخاصة تستطيع أن تنظم تركيبة التعليم فيها عبر تقويم مستمر وقدرة على التحرك والإختيار. لكن الحالة التي يمر بها التعليم الثانوي الرسمي وما يعانيه على مختلف المستويات مأسوية، خصوصاً بعد تخلي الدولة عن واجباتها في احتضانه ودعمه، بالإضافة الى اللامبالاة تجاه ما يتطلبه من رعاية وحاجات، الى دعم المعلمين والمحافظة على حقوقهم. فقرار الحاق 1771 استاذاً اضافياً في ملاك الثانوي لا يحل مشكلته، بل يضيف تحديات كبيرة انطلاقاً من طريقة تعامل المعنيين مع هذا القطاع وتهميشه والنظرة اليه كسائر القطاعات الأخرى، خصوصاً اذا كنا نعلم أن الأساتذة الجدد يحتاجون الى تدريب وتأهيل وإعداد، قبل أن يكون الاعتماد على المتعاقدين تحت مسمى التعاقد الوظيفي لاستنهاض التعليم الثانوي، على ما أعلن أخيراً من قرارات.
لنعترف أن وزارة الوصاية اليوم لا تنظر الى التعليم الثانوي كقطاع له وظيفة خاصة ودوراً لا تعطيهما الدولة الاهتمام الكافي، في الوقت الذي ينزف هذا التعليم طاقات كانت حققت إنجازات كبيرة، وذلك بإحالة كثيرين على التقاعد، ثم بنقل البعض الآخر الى أجهزة إدارية في التربية، من دون تأمين البدائل المناسبة بسبب إنهاء دور كلية التربية واستباحة التعاقد كل أنواع التعليم من دون أي تدريب وتهيئة مسبقين. وها نحن نسمع عن تعديلات في مناهج هذا التعليم تطال مواد رئيسية له تحت عنوان "التبسيط"، فإذا كانت الأمور تسير فعلاً على هذا النحو، يعني أننا سنشهد تغييراً في الهيكل التعليمي فيه الكثير من التسرّع، علماً أن بلداناً متقدمة تؤسس للتعليم الثانوي وتعطيه الأولوية من خلال معاهد جامعية لتأهيل المعلمين، وتبحث في استنهاضه من خلال رؤية شاملة تستند الى التقويم المستمر.
القرارات الشعبوية لا تنتشل التعليم الثانوي المتهاوي اليوم، ولا تعيده الى التحليق. فلترتب الأولويات سريعاً لإنقاذه!


[email protected] / Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم