السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"كورنيت" أم "ميلان" يا اردوغان ؟

راجح الخوري
A+ A-

تمتد فيتنام التركية التي سيغرق اردوغان في رمالها الدموية من كوباني، التي كان قد اختنق وهو يراقب القوات الكردية تستبسل في تحريرها من "داعش"، الى الحسكة التي اختنق أكثر وهو يراقب "وحدات حماية الشعب" الكردية تتسلمها بترتيب اشرف عليه الروس وجرى بعيداً عن شرعية النظام الذي حضر الى المفاوضات فريقاً في مواجهة الفريق الكردي الذي أملى شروطه.
من الملامح الاولى لفيتنام تركيا الكردية انه منذ يوم الاثنين الماضي حتى اليوم ليس في وسع قوات اردوغان معرفة ما اذا كان الأكراد استعملوا في تدمير الدبابتين التركيتين في جرابلس صواريخ "كورنيت" الروسية أو صواريخ "ميلان" الفرنسية، بما يشكّل مؤشراً صارخاً للواقع الميداني المعقد والمتداخل في شمال سوريا، الذي سيتحوّل سريعاً ورطة تركية جديدة من مسلسل الورطات المتلاحقة التي يندفع اليها اردوغان سياسياً وعسكرياً.
من التغاضي عن "داعش" في البداية وغض الطرف عن تسلل عناصره الى سوريا، الى الحديث عن مقاتلة "داعش" الذي يقال ان عناصره تلقوا انذاراً بمغادرة جرابلس قبل تحرُّك دبابات "درع الفرات". من الدعوة الى إسقاط بشار الأسد، الى التبشير بضرورة بقائه في الفترة الإنتقالية، وربما الى ان نرى اردوغان يدخل هاشاً باشاً قصر المهاجرين في دمشق.
من التحالف التاريخي مع اسرائيل الى افتعال الإشتباك مع شمعون بيريس في دافوس، الى سفينة مرمرة، الى القطيعة مع نتنياهو ثم المصالحة السعيدة معه. من اسقاط المقاتلة الروسية الى إنتقاد دعم الأسد الى الإعتذار من بوتين والحديث عن تنسيق الأدوار معه في سوريا. ولكن من يضمن ألا تكون صواريخ "كورنيت" الروسية هي التي استعملها الأكراد في جرابلس؟
الحديث عن تحرير الشمال السوري من الأكراد مغامرة غير محسوبة العواقب إن لم نقل وهماً سيكلف تركيا والأتراك كثيراً، سواء فوق الأراضي السورية او داخل المدن التركية، وهو وهم مضخّم جداً يمتد من كوباني الى عفرين مروراً بمنبج والحسكة .
يتذكّر اردوغان كلام جو بايدن ان على الأكراد ان يعودوا الى شرق الفرات وان مقاتلات أميركية غطّت دخوله جرابلس، لكنه ينسى ان هذه المقاتلات الاميركية كانت قبل أيام قد سارعت الى طرد مقاتلات الأسد من سماء الحسكة، وان الروس نظموا تسليمها الى الأكراد.
كلمات دموية متقاطعة؟
ربما أكثر وأشد تعقيداً. هل يظن اردوغان ان عودته الى مغازلة الأسد قد تجعل الإيرانيين يبتلعون محاولته تجاوز الشريط الكردي شمال سوريا ليتصل بالجنوب السني حتى الأردن على رغم ان طهران تشتبك مع الأكراد على حدودها الشمالية الشرقية؟ وهل يظن اردوغان ان النظام، وحتى "الجيش السوري الحر"، يمكن ان يتحملا إندفاعاته جنوباً وسط تقاطع القوى الدولية والأقليمية فوق الحلبة الدموية السورية؟


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم