الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحوارات الثنائيّة والجماعيّة محكومة بالاستمرار حفاظاً على التهدئة ولو من دون حلول

اميل خوري
A+ A-

هل بات مطلوباً من لبنان أن يحافظ على استقراره الأمني فقط في انتظار بلورة صورة الوضع في المنطقة ولا سيما في سوريا كي يصير في الإمكان إخراجه من أزمته؟ وهل في استطاعة لبنان أن يظلّ محافظاً على وضعه المالي والاقتصادي حتى في ظل استقرار أمني نسبي إذا طال الانتظار؟


الواقع أن كل شيء يدل حتى الآن على ذلك فالحوارات الثنائيّة المسيحيّة – المسيحيّة والإسلاميّة – الإسلاميّة وحتى الحوارات الجماعية لم تسفر حتى الآن سوى عن تخفيف حدّة التوتّر الطائفي وإن ظل مستمراً في الخطاب السياسي. فأهم ما تحقّق بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" هو تبديد الخوف من حصول احتكاكات تعيد الصراع بينهما وهو ما لا يريده أحد خصوصاً بعدما قاست المناطق المسيحية الكثير من عواقبه وهي مرتاحة اليوم الى التقارب الحاصل بين الحزبين لأنه يساعد على استمرار الاستقرار العام في البلاد. لكن الحزبين لم يتفقا على المواضيع المهمّة مثل "سلاح حزب الله" وقانون جديد للانتخاب. ولا صار "اتفاق في الحوار بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" على هذه المواضيع أيضاً سوى العمل على ضبط الشارع حتى وإن تعذّر أحياناً ضبط الألسنة. وذلك حرصاً على الاستقرار الأمني في البلاد. وكان من المؤمّل أن يوصل هذا الحوار إلى ايجاد حل لمشكلة السلاح خارج الدولة، والى موقف واحد من الحرب في سوريا. والى عدم استثناء فروع لحزب الله تحت تسميات شتى مثل "سرايا المقاومة" التي قد يكون لها وظيفة في الداخل يفضّل الحزب ألّا يقوم بها ليلقي مسؤولية القيام بها على غيره وهو ما كانت منظمة التحرير الفلسطينية تلجأ إليها لتلقي مسؤولية ارتكاب المخالفات والتجاوزات على من كانت تسميهم "العناصر غير المنضبطة"...
ولم يسفر حتى حوار الأقطاب الجامع عن أي نتيجة سوى التمكّن من جمعهم من وقت الى آخر لتبادل التحيات والابتسامات والمجاملات وتبقي المواقف السياسية على حالها وان سبق الحوار أحياناً حرب كلام تهدد بإشعال فتنة لو لم يكن القرار الداخلي والخارجي يريد الحفاظ على الاستقرار الأمني الى ان يحين وقت معالجة داء لبنان ولا يكون قد فارق الحياة.
لذلك يمكن القول ان كل الحوارات الثنائية والجماعية تصب بنتائجها في خانة الحفاظ على الأمن والاستقرار ولا تصب في خانة حل أي مشكلة سياسية، ولا أحد يعرف إذا كان حلّها ممكناً قبل قيام عهد جديد أم بعد قيامه فيواجه الرئيس العتيد عندئذ وهو في مستهل ولايته مشكلة السلاح خارج الدولة، ومشكلة الاتفاق على قانون للانتخابات يكون مقبولاً من القوى السياسية الأساسية في البلاد للتمكّن من توجيه دعوة لانتخابات ينبثق منها مجلس نيابي يمثل تمثيلاً صحيحاً شتى فئات الشعب وأجياله، وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية تنفيذاً لاتفاق الطائف ولكي يصير في الإمكان انتخاب مجلس للشيوخ وتحديد المواضيع المهمّة التي تكون من صلاحياته. وقد يكون السلاح خارج الدولة هو أدق ما يواجهه الرئيس العتيد إذا لم تتعاون معه الدول القادرة على حل هذه المشكلة خصوصاً إذا لم يعد مقبولاً أن يتمثل أي حزب مسلّح في أي حكومة ما لم يتخلَّ عن سلاحه وهو ما يثير الخلاف حالياً على الحل في اليمن، إذ يشترط لتمثيل الحوثيين في الحكومة التخلي عن سلاحهم. وقد يواجه لبنان المشكلة ذاتها في العهد المقبل إذا لم يعد مقبولاً لا داخلياً ولا خارجياً أن يتمثل "حزب الله" وأي حزب آخر في الحكومة وهو محتفظ بسلاحه ليجمع بين صفته الشرعية وصفته اللاشرعية فلا يبقى عندئذ وجود لدولة قوية واحدة بل لدويلات تتصارع على أرض واحدة...
الواقع أن سلاح "حزب الله" سيكون المشكلة الأولى التي يواجهها لبنان في العهد المقبل كما تواجه هذه المشكلة كل دولة فيها مجموعات مسلّحة أو ميليشيات لأنه لا يمكن الجمع بين سلاح شرعي وسلاح غير شرعي، سلاح شرعي يحاسب إذا أخطأ وسلاح غير شرعي لا يحاسب إذا أخطأ... فلا بد إذاً من حل مشكلة سلاح "حزب الله" كي لا يواجه تشكيل أول حكومة في العهد الجديد احتمال المطالبة بعدم تمثيل أي حزب مسلح في أي حكومة إذا لم يتخل عن سلاحه.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم