الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أحمد زين الدين... الدرس الأخير

المصدر: "النهار"
أمين حمادة
أحمد زين الدين... الدرس الأخير
أحمد زين الدين... الدرس الأخير
A+ A-

لا تمنعك جدران الموت يا "معلمي" من أن تقدّم الدرس الأخير، مبتسماً، كعادتك. لا أزال كلما خطيت حرفاً في الصحافة، في الجريدة، في المجلة، وعلى الموقع، أفترض أنه واجب جامعي يمر بين يديك "الأمينتين" اللتين أتمنى تقبيلهما، لأتجنب الخطأ أكثر، وأحترم المهنة أكثر. كأني لم أتخرج يوماً من صفك. حتى هذه السطور، موقن أنك ستقرأها، وأني سأسمع ملاحظاتك... مثل كل تلاميذك.


أعرف اني وزملاء كثر ممن حصدوا ربيع "مهنة المتاعب" من لوحك الأخضر، لجأنا إلى الأمل فيك، إلى حضن الصواب، إلى النموذج الحق والدافع الأقوى، كلما شعرنا بالوحشة وسط صفحات تلعب بـ"المعايير"، وتهزأ بـ"العناصر"، ولا تميّز بين المقال والمقالة، فنشد ازرنا بك لـ"الصدقية"، على رغم انتقالنا من مقاعد الدراسة إلى معترك العمل، حيث كرّمتنا حباً وكرامةً وتنازلاً بلقب "زميل"، وأنت "معلمنا".
يخبرنا الأساتذة أنهم يلقنوننا الصواب قبل أن تحرفنا عنه الحياة العملية والوسائل الإعلامية، إلّاك أقنعتنا بعكس ذلك، طمأنتنا أنك ستكون معنا "المدقق" الأول والأخير، ونحن لك من المصدقين. فعلْنا كما علّمتنا، بحثنا عن أكثر من تقاطع من مصدر موثوق، الدكتور راغب جابر والزميل مجد القلعاني والزميلة سراة صالحة، أكدّوا انك هنا لم تغب.


يكشف رحيلُك بقاءَك كـ"تلمود صحيح"، كما يكتشف الطالب المميّز لديك، والشاكر لنعمك، أن كل طلابك مميزون عندك، مفعمون بمبادلة حبك الذي كان عاماً لا حظوةً خاصة، لم تسمح لهم إلّا بذلك، فكانوا حقاً أخوة لهادي وميلا وديما ونينا. وأن صدرك الذي لم يضق بالمرض، اتسع للجميع، حتى خبث "السرطان الأسود" ضممته، ولعلك قدمت له كفناً ورقة بيضاء لتعلمه جيداً الكتابة، فاختار أفجع العناوين، "آول ما يُقرأ". كان درسك اليوم يا "دكتور أحمد" قاسياً جداً، علمتنا أن الدموع يمكنها أن تكتب أيضاً، حروفاً لا يطويها عدد الغد، ولا الفاً من بعده يمسحها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم