الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الميثاقية" في التحرّك العوني مكسب أم مغامرة؟ عودة النقاش حول جدوى "المظلومية المسيحية"

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

تعتقد مصادر سياسية ان الاداء الذي يعتمده "التيار اوطني الحر" في موضوع رفض التمديد مجددا لقائد الجيش العماد جان قهوجي هو امر متوقع وليس مستغربا اولا تحت سقف موقف مبدئي يقول برفضه التمديد على طول الخط ويسري على مجلس النواب كما على طرح التعيينات العسكرية من دون تجاهل او نفي تعامله مع الامر الواقع لاحقا، وثانيا تحت وطأة اداء مماثل اعتمده العام الماضي وكانت لديه يومئذ مسألة حيوية هي تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش، لئلا يؤخذ عليه اي خلل في المبدأ الذي يرفعه لجهة رفض التمديد وازدواجية المعايير باعتبار انه كانت لديه قضية العام الماضي ولم تعد لديه راهنا. وثمة مكاسب اخرى يعتقد سياسيون كثر ان التيار يسعى الى تحقيقها من خلال اثارة معركة التمديد لقائد الجيش وهي معروفة من الجميع. فيما سعى افرقاء مسيحيون الى اجهاض تسويق تعميم التيار الخلل في الشعار الذي بات يرفعه تحت عنوان الميثاقية نتيجة عدم النجاح في تأمين انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة الاولى ليطاول ايضا موضوع الحكومة وعدم قدرتها على الاجتماع من دونه كمكون مرجح الى جانب غياب حزب "القوات اللبنانية" واستقالة وزير الكتائب. فمن جهة يتم اختصار التمثيل المسيحي بالافرقاء الثلاثة من دون الاقرار باي حيثية مسيحية مستقلة خارجهم، ومن جهة اخرى يحرج الجميع بموضوع الميثاقية بحيث يزيد الامور تعقيدا في التعامل ليس في موضوع رئاسة الجمهورية والحكومة فحسب بل على كل المستويات باعتبار انها تساهم في تعقيد الموضوع الطائفي وتسعيره لجهة اشاعة الاعتقاد بوجود مظلومية تطاول المسيحيين. ولم يتوان رئيس الحكومة تمّام سلام عن الاشارة الى خطورة مقاربة موضوع مقاطعة اجتماع الحكومة تحت عنوان الميثاقية ورميه باتهام طائفي في تعبير مهم عن المخاوف من انزلاق اي تصعيد في المواقف او على الارض الى ما هو غير متوقع بحيث يدفع الامور الى افاق مجهولة قد تكون خطرة.


يتساءل بعض السياسيين مثلا في خضم المأزق الداخلي الذي تتصدر واجهته ازمة الرئاسة الاولى: ما الذي يمكن ان يكون عليه موقف الافرقاء المسيحيين الاساسيين اذا وصل لبنان الى مؤتمر تأسيسي عمدا او بحكم التطورات في الفراغ المؤدي الى ذلك، وهل هم يدفعون اليه اعتقادا منهم بان اعادة طرح اتفاق الطائف على الطاولة يمكن ان يساهم في انتزاع صلاحيات فقدها موقع الرئاسة الاولى وان تقديم العماد عون على انه الرئيس الميثاقي يمنع الانزلاق الى مثل هذا المؤتمر؟ وهل هناك تلاق مسيحي شيعي يمكن ان يصب في مصلحة هذا الهدف في ظل تحالف الاقليات في المنطقة ومحاولة الاستفادة من ظروف ملائمة لذلك؟
هل هذه الاسئلة حقيقية او هوائية ولا اساس لها ؟ تتناقض الاراء في هذا الشأن. اذ ان السياسيين اصحاب الاسئلة التي لا ينفون اثارتها في اجتماعات كثيرة لتيارات سياسية اساسية يخشون من اتجاه الامور الى هذه الخلاصة اعتقادا منهم بان وضع المسيحيين في لبنان قد يكون من افضل ما يمكن ان يكون عليه خصوصا نتيجة ظروف اقليمية وداخلية لا مجال للدخول فيها وحرص دولي على المحافظة على وضعهم والاهتمام به كما باتت تفعل روسيا مثلا وتزايد فيه على الدول الاوروبية. لكن الافرقاء المسيحيين الاساسيين قد يرون من مصلحتهم اقتناص ما يمكن اقتناصه من صلاحيات فقدت في حال فتح هذا الباب ايا كان من يفتحه او ما يؤدي اليه خصوصا اذا كان استمرار الفراغ والوصول الى الربيع المقبل موعد المزيد من الاستحقاقات المربكة للبنان في ظل عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فيرى هؤلاء اتفاقا بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في ظل مطالبة التيار بالميثاقية التي يحرج بها الافرقاء المسيحيين الاخرين ويجبرهم على اللحاق به تحت وطأة اتهامهم بالتفريط بحقوق المسيحيين خصوصا انه سبق ان احرجهم على هذا الصعيد. فيما يسجل هؤلاء السياسيون بانتباه استمرار مطالبة حزب الكتائب بتغيير النظام وان تحت عنوان انتخاب رئيس للجمهورية بداية. هذا المنطق استخدم في معرض الدفع لانتخاب عون في بعض الاوساط بذريعة ان هذا الاحتمال قد يتيح المحافظة على اتفاق الطائف ويجنب الذهاب الى مؤتمر تأسيسي قد يجد المسيحيون مصلحة لهم في ذلك الى جانب مصلحة " حزب الله" وما يعتقد انه يسعى اليه.
هناك سياسيون آخرون يرون ان ذلك يشكل ضربا من اللامعقول. ينطلقون اولا من لقاء اتيح فيه وجود كل من العماد عون والدكتور سمير جعجع لينطلقوا الى خلاصة مفادها ان لا شيء حقيقيا وفعليا يجمع بين الرجلين في ظل تناقض مواقفهما التي تم التعبير عنها خلال هذا اللقاء من كل المسائل تقريبا على غير ما هو معلن بين الجانبين منذ دعم "القوات" انتخاب الزعيم العوني للرئاسة الاولى. ويعتقدون ثانيا ان هناك اوهاما لجهة الاعتقاد بان احدا قد يكون مهتما برعاية تسوية من هذا النوع في لبنان في ظل اوضاع معقدة ومتوترة جدا او في ظل توافق لا بد من ان يحصل في مرحلة من المراحل بين السنة والشيعة وفقا لموازين المنطقة انطلاقا من العراق وسوريا والتي لا تبدو الامور فيهما سهلة او بالبساطة التي يتم عرض فيها بعض المسائل الجوهرية في لبنان بغض النظر عن طموحات البعض او آمال البعض الاخر.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم