الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تكرار

حياة ابو فاضل
A+ A-

الكلام نفسه كل مرة: التزام محاربة الارهاب، التزام ايجاد حل للقضية الفلسطينية، وكلام ووعود، ولا يأتي أحد على ذكر تفكك الأوطان العربية الى أماكن مدمرة، شعوبها مشرّدة، واطفالها لا يعرفون ما اذا كانت الحياة "هكذا"، أم أنهم يختبرون نوعاً آخر من حياة ما مرّت لا بخيالهم الصغير ولا بخيال من عبث بالحقيقة فصارت كابوساً.


وقد بدأ الكابوس من زمان، يوم اقتحمت اسرائيل فلسطين. وكرّت السبحة. ففي احدى القمم العربية الحديثة قرر فرسان العرب طرد سوريا من عضوية الجامعة العربية التي لا تعرف كيف تجمع ولا كيف تضرب الا من كان عربياً، فلطالما كانت ببغاء الكوكب، تردد ما يُقال هنا وهناك، لا رأي حراً لاعضائها، رواد الكيد والعداء والاهانة والشماتة في ما بينهم، فعدوّ العربي عربي آخر ولو من معتقده الديني نفسه، وتصرّ الدول العربية على ذكر دين الدولة في دساتيرها.
والدول العربية دول قامعة، "لا ديموقراطية" بامتياز، حيث المرأة وان خريجة جامعات مواطنة من الدرجة الثانية، محرومة أبسط حقوقها المدنية، وتابعة لرجل القبيلة والداً أو زوجاً أو إبناً. وعليها أن ترتدي ما يفصلها عن الهواء وعن سَفَر بعد الرجل. ذاك القوي الجبار الخبير في فلسفة "من أين تؤكل الكتف". عليها أن تحميه من مشهدية مظهرها، فعلى رغم جبروته هناك لغز يدخل بينها وبينه كلما التقيا، ولا بد أن يلتقيا، فهذه مسرحية الحياة، وهما يتكاملان في كل فصولها... انما عليها أن تحمي الرجل من مظهرها الطبيعي. وجدير القول إنها إذا لم تختبئ منه، لا يحدث له أي مكروه ولا يصيبه مطلق ضيم. وعليها أيضاً أن تحميه من ذكائها حتى لا يأخذه الغضب فالانتقام.
تكرار المشهد العربي صورة واضحة عن تخلف في تسلّق سلّم التطوّر الانساني، وقد ظلّ الانسان العربي في حال انفصام عن المجتمع العالمي حيث يتساوى الرجل والمرأة شرقاً وغرباً من حيث الحقوق والواجبات، فالمرأة بلغت في الغرب وفي الشرق الاقصى أعلى المراكز السياسية والادارية البنّاءة..
أما عندنا في لبنان "وج السحّارة"، فلا مجال للمرأة في الزمن المنظور أن تصبح رئيسة للجمهورية أو للوزارة أو لمجلس النواب. وقد لا يكون لغيرها من الذكور فرص لمطلق رئاسة بعد اليوم، فالتفكك الذي أصابنا قضى على كل أمل في التوصل الى اتفاق على ما يهدّد الوطن. وما رأينا مرة امرأة تشارك فلاسفة الأمة في طاولة حوار: طاولة تكرار مواقف بليدة، تمثل أحزاباً تدعي أنها أنقذت الوطن من أزمات تفاقمت عبر التاريخ... وما قالت مرة انها تسببت بها.
تكرار نسمعه عبر كل وسائل الاعلام، محلياً أو مشاركين في قمم عربية، يجمعنا تخلّف شامل، دليل قاطع على سقوطنا جميعاً الى قعر عصر انحطاط لا علاقة له اطلاقاً بالقمم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم