السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تركيا أمام أيام صعبة مقبلة

علي حماده
تركيا أمام أيام صعبة مقبلة
تركيا أمام أيام صعبة مقبلة
A+ A-

لو قدّر لمحاولة الانقلاب العسكري أن تنجح في تركيا لتغير وجه المنطقة بأسرها. فتركيا بلد أساسي في المنطقة، وقوة متعددة الوجه، سياسية، ديموغرافية، عسكرية واقتصادية. ولم يكن سرا أن العلاقة بين حكم حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس رجب طيب اردوغان، والمؤسسة العسكرية لم تكن على ما يرام. فعلى مدى العقد الماضي تميزت العلاقة بالتوتر الدائم، وشد الحبال، وتوجيه الضربات المستترة بين الطرفين، الاول الذي يمثل توجها اخوانيا- اسلاميا عثماني النزعة، والثاني الذي يمثل توجها علمانيا وعسكرتاريا قام على أساس القطيعة مع الماضي العثماني لتركيا! وبالرغم من ضخامة المؤسسة العسكرية التركية، وتأثيرها الكبير في المجتمع والدولة العميقة، فقد تمكن حزب العدالة والتنمية الاخواني من تكوين شبكات مؤثرة في المجتمع، ولا سيما في الشرائح الاجتماعية الأقل غنى في تركيا. وكان للمساجد أثر بعيد في منافسة نفوذ مؤسسة الجيش وارثة الاتاتوركية منقذة الكيان التركي، إثر معاهدة "سيفر" في مطلع عشرينات القرن الماضي، وقد ظلت لاكثر من ثمانية عقود أشبه بدولة ضمن الدولة، بل دولة فوق الدولة، لا قدرة لأي فريق سياسي على مواجهتها. اليوم، وبعد أقل من ثلاثة أيام على محاولة الانقلاب الفاشلة، من المبكر الإحاطة بكل جوانب هذا الحدث الكبير، ولكن يمكن الخروج ببعض الخلاصات الاولية:
أولا- تدل التوقيفات التي بلغت آلاف الضباط والعسكريين والقضاة والمدعين العامين وكبار الموظفين على أن محاولة الانقلاب كانت كبيرة، وذات مروحة واسعة من المؤيدين في الجيش والدولة.
ثانيا- تدل نوعية التوقيفات وشمولها مئات الضباط في الجيش، الذين كانوا يمسكون بجميع مفاصل المؤسسة العسكرية على أن الانقلاب لم يكن من إعداد عدو اردوغان الاسلامي اللدود فتح الله غولن كمكون مركزي، بل ان المؤسسة العسكرية هي التي تقف خلف المحاولة، وربما تقاطعت مصالحها مع أجندة غولن لإسقاط اردوغان.
ثالثا- يستدل من خلال متابعة الساعات الاولى لمحاولة الانقلاب انه لم يحظ بتأييد سياسي مدني حقيقي معلن وواضح، مما جعل الجنود الذين نزلوا الى الشارع معزولين في مواجهة مؤيدي اردوغان المدنيين الذين واجهوا الجنود بشجاعة، محمولين بحماسة دعوة اردوغان في رسالته على الهاتف المحمول، وايضا دعوات المساجد.
رابعا- سوف تؤدي عملية "التطهير" التي يقوم بها اردوغان في مفاصل الجيش والمؤسسات الامنية والدولة المدنية الى تغيير توازن القوى في الحكم في تركيا، بمعنى انها قد تؤدي الى إنهاء الوضع المميز للمؤسسة العسكرية، لينطلق مسار التعجيل في أسلمة المؤسسات والمجتمع.
خامسا- ستدخل العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، أقله خلال المدة المتبقية من ولاية الرئيس باراك اوباما، مرحلة من التوتر الكبير، وخصوصا ان موقف واشنطن بدا ملتبسا في الساعات الاولى من المحاولة، من خلال تصريحات لوزير الخارجية جون كيري، وصفت بأنها انطوت على تأييد ضمني لمحاولة الانقلاب.
سادسا- فشلت محاولة الانقلاب، لكن الامر لم ينته، بل ان مواجهة كبيرة سوف تستمر لمدة غير قصيرة في الداخل.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم