الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

القاع لم يتوقّف نزفها: الطعنات الداخليّة أشدّ إيلاماً

المصدر: "النهار"
إيلده الغصين
القاع لم يتوقّف نزفها: الطعنات الداخليّة أشدّ إيلاماً
القاع لم يتوقّف نزفها: الطعنات الداخليّة أشدّ إيلاماً
A+ A-

الرصاص وحده لا يصنع صموداً. بلدة #القاع في أقاصي البقاع الشمالي لم يختم جرحها الذي رسمه في جسدها الإرهاب فجر الـ27 من حزيران وليله. دفنت شهداءها فغادرتها الكاميرات، عاد السياسيون أدراجهم وخفّ زخم وجود القوى الأمنية. وحدها صور الشهداء أعربت عن الوفاء التامّ لبلدة عانت الحرمان ووُعدت في ليلة تفجير بأن يعود إليها التيار الكهربائي من دون تقنين وأعطال. بعيداً من صور الأسلحة المتوسطة المنتشرة بين أيدي أبنائها، نسأل القاع عن مقوّمات الصمود المستدام مثل الكهرباء ومياه الشفة ومياه الري والأراضي الزراعية والمشاريع التي أنهكتها التعديات فتأتي الأجوبة مثقلة بالأوجاع وأشدّ إيلاماً من فتك الإرهاب الآتي من خارج الحدود.


أحد المواطنين الذين تواصلت معهم "النهار" أكّد أن "التيار الكهربائي عاد لكنه يقطع 24 مرة خلال الـ24 ساعة، ونكون مضطرين في كل مرة إلى زيارة الجرد لإعادة تشغيل النظام الكهربائي للآبار الأرتوازية التي تمدّ القرية بمياه الشفة. تحسن وضع الكهرباء بعد الحوادث لكنها تنقطع كثيراً ومعها مياه الشفة. أما مياه الري فلا تزال مقطوعة منذ أكثر من 20 يوماً. بفعل التعديات المستمرة على الشبكة نحصل على معدّل أقل من المياه، نحو 52 في المئة (5 إنشات) في حين كنا نحصل على 82 في المئة. المزروعات يبست وهذا تهجير قسري غير ظاهر مثل الإرهاب".


يعرب رئيس بلدية القاع المحامي #بشير_مطر في حديثه لـ"النهار" عن تفاجئهم كبلدية ومواطنين بما يجري تحت مظلة الوضع الأمني الذي انفجر في الأسبوع الأخير، ويقول: "ثمة تعديات على مياه الري ونتواصل مع بلديات مجاورة - تضامنت معنا مشكورة - تعرف المتعدّين بالأسماء للعمل على حلّ المسألة. لا يمكن استغلال انشغالنا بلملمة الأشلاء حتى اللحظة كي يستمروا في تعديهم على شبكة المياه. الدورة الزراعية اختلت ومعها يبست المزروعات. بستان كان ريّه يتطلب ساعة واحدة بات يتطلب 4 ساعات وأكثر لأن نسبة المياه إلى تدنٍّ". وفي ما يخصّ مياه الشفة والكهرباء رأى "أن الكهرباء اليوم أفضل من السابق ومعها تحسنت مياه الشفة فبتنا لا نخاف من استهلاك المياه".


طعنة داخليّة تحدّث عنها مطر توجّه لأهل القاع تتستر بالظروف التي فرضت عليهم أخيراً، يقول: "الإرهاب ألمّ بنا، لكن الطعنة الأكثر إيلاماً أتت من الداخل إذ يستغلّ انشغالنا والقوى الأمنية بالوضع الأمني وحراستنا للبلدة، للتعدي على أملاكنا وتشييد المباني غير القانونية. يهرّبون الرمل والبحص خلال مصابنا. نطلب من القضاء والقوى الأمنية التي نقدّر ظرفها وتعاونها التحرّك واتخاذ التدابير في حق المعتدين. هذه طعنة في الظهر لأبناء القاع التي لا تزال تلملم جراحها وهم مهتمون بالتعدي على المياه والبناء في المشاريع".


صرخة أخرى وجهّها مطر للمعنيين بالاهتمام بالجرحى، "نشكر المشافي التي استقبلتهم ووزير الصحة (وائل #أبو_فاعور) على اهتمامه، لكن ثمة جرحى عاطلين عن العمل وحالاتهم صعبة وحروقهم تتطلب علاجاً طويلاً نتمنى على المعنيين النظر في وضعهم". وأكّد أن العمل جارٍ "لضبط وضع النازحين من جهة ولتهدئة القاعيين لئلا يقوموا بأي رد فعل لا يشبههم تجاه اللاجئين من جهة ثانية، علينا أن نجد صيغة لا نحرم فيها اللاجئين من حقوقهم ولا نعرّض نفسنا أيضاً للخطر".


المختار شوقي التوم اعتبر في حديثه لـ"النهار" أن "التقصير موجود، نحصل على الكهرباء أفضل من السابق لكنها تقطع مراراً نتيجة المحوّلات التي تعتمدها شركة الكهرباء. خطورة انقطاع التيار تكمن في خطورة الصعود إلى الجرد المحازي لإعادة تشغيل نظام الآبار خصوصاً في الليل. وعدنا أهلنا في الجوار الذين تضامنوا معنا بحلّ مشكلة المياه التي ترفد القرية من نبع #اللبوة الذي يمر في بلدات النبي عثمان والجديدة والفاكهة ورأس بعلبك. نقدّر تعب أبنائنا في القوى الأمنية ممن يتناوبون على حماية البلدة. العديد ليس كبيراً لكننا لا نحمّل الجيش اللبناني أكثر من طاقته. لم نطمئن بعد والخطر موجود والإرهاب لا ينذر قبل التنفيذ".


تحصّن القاعيّون في وجه الإرهاب وغدره وقاوموه بأجسامهم وأسلحتهم الخفيفة ولا يزالون متيقظين لأي خرق يحاول شبح القتل إحداثه. لكن هل من يحصّنهم بوجه الغدر الداخلي ويمنحهم مقوّمات الحياة الكريمة؟


[email protected] 
Twitter: @ildaghssain

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم