الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

اللبنانيّون باتوا يشكّكون في صداقة أميركا: أليس في استطاعتها حل الأزمة الرئاسيّة؟

اميل خوري
A+ A-

من يصدق إن إيران التي تدفع لـ"حزب الله" الأموال التي يحتاج إليها وتزوّده الأسلحة على اختلاف أنواعها، لا "تمون" عليه بل تترك له حرية القرار في كل شأن لبناني، مع أن أحداً لا ينسى أن إيران هي التي طلبت من الحزب إشعال حرب تموز مع اسرائيل بعدما كان أمينه العام السيد حسن نصرالله طمأن أقطاب الحوار عند انتهاء الجلسة الى أن لبنان سيشهد موسم صيف واعداً... وأن إيران هي التي طلبت من الحزب ارسال مقاتليه الى سوريا لدعم نظام الأسد الذي كان يوشك على السقوط، فنخالف بذلك سياسة الحكومة التي دعت الى "النأي بالنفس" ونالت ثقة مجلس النواب على أساسها في بيانها الوزاري. كما خالف الحزب المعادلة التي يعتبرها "ذهبية" وهي: "الجيش والشعب والمقاومة" عندما لم يسأل الجيش ولا الشعب عن تدخله عسكرياً في سوريا بل سمع كلمة إيران فقط. فاذا كان الحزب وباعتراف منه تابعاً لإمرة إيران عملاً بالمثل الفرنسي Qui Donne Ordonne، أي أن من يعطي يأمر، وصار جناحاً عسكرياً لها ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة، وله دور داخلي واقليمي ودولي، أفلا تستطيع أن تطلب منه انتخاب رئيس للبنان وهي التي طلبت منه عدم التزام تنفيذ قرارات هيئة الحوار الوطني مع أنها صدرت بالاجماع، وجعلته يسخر من "إعلان بعبدا" ويطلب "بلَّه وشرب مائه"، ومن سياسة "النأي بالنفس" عندما وصفها الرئيس الأسد بـ"اللعي بالنفس"؟


ومن يصدّق بعد كل ذلك قول إيران لكل مسؤول لبناني وعربي وأجنبي انها لا تتدخّل في الانتخابات الرئاسية في لبنان وتعتبرها شأناً لبنانياً، في حين أن موقفها بات معروفاً ومكشوفاً وهو انها لا تريد انتخاب رئيس للبنان إلا عندما تقرر هي ذلك. ومن يصدّق أن روسيا لا "تمون" على ايران وهي متحالفة معها في سوريا ويعملان معاً على دعم نظام الأسد وعلى بقائه مهما بلغ عدد القتلى والجرحى وعدد النازحين واللاجئين. ومن يصدق أن روسيا التي تكرر القول إن ما يهمها هو استقرار لبنان ولا "تمون" على إيران بأن تطلب من نواب "حزب الله" النزول إلى المجلس لانتخاب الرئيس، إذ لا استقرار دائماً وثابتاً من دون رئيس. ومن يصدق أن أميركا التي أصبحت صديقة لإيران بعد توقيع الاتفاق النووي وتقول إنها حريصة على استقرار لبنان ولا "تمون" على إيران في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، ولا تذهب من أجل ذلك الى حد تهديدها باعادة فرض عقوبات عليها إذا لم تفعل ذلك. إلا إذا كان كل ما يهم أميركا هو أمن اسرائيل، وقد حصلت عليه بالاتفاق النووي، ولا يهمها بعد ذلك أي شيء آخر، ولا حتى ما يهم الدول الصديقة لها في المنطقة. ثم كيف تكون أميركا صديقة لإيران وفي الوقت عينه صديقة للبنان ولا تفعل شيئاً له تأكيداً لهذه الصداقة؟!
لقد بات اللبنانيون يشكّكون في صداقة أميركا للبنان عندما تفعل كل شيء خدمة لاسرائيل ولا تفعل شيئاً خدمة للبنان. أليس في استطاعة أميركا أن تحل أزمة الانتخابات الرئاسية بمعزل عما يجري في المنطقة وفي سوريا بالذات وهو ماكانت تفعله سابقاً؟ وإلا يصبح السؤال المطروح هو: ما حقيقة العلاقات بين أميركا وإيران بعد توقيع الاتفاق النووي؟ هل من تقاطع مصالح يجعل إيران تفعل ما تريد في لبنان والمنطقة الى حد زعزعة الاستقرار في أكثر من دولة في المنطقة بتسليحها جماعات بهدف إسقاط أنظمة أو تعديلها تحصيلاً لحقوق، أو التفرج على تفكيكها تمهيداً لتقسيمها واقامة دويلات مذهبية وعرقية فيها؟ وهل على لبنان أن ينتظر ما ستكون عليه صورة الوضع في المنطقة من أجل اعطاء صورة له؟ وما الحملات المتبادلة من حين إلى آخر بين أميركا وايران سوى للتغطية والتمويه.
الواقع أن إيران ليست وحدها في ما تفعله بلبنان والمنطقة، وإلاّ لما كانت قادرة على تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية ليبقى تحت خطر الفراغ الشامل، ولا كانت الأزمات تتفاقم في العراق واليمن وسوريا وتوشك أن تنتقل إلى البحرين. إن لبنان يعيش منذ أن حصل الشغور الرئاسي حال ضياع وقلق لأنه لا يعرف متى يخرج من أزمة الانتخابات الرئاسية التي تولّد أزمات، هل بعد التوصل الى حل في سوريا ولا أحد يعرف متى يتم التوصل اليه؟ هل بعد التوصل الى حل في اليمن ليصبح تحقيق تقارب سعودي – ايراني ممكناً؟ هل بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية لمعرفة أي سياسة ستنتهجها الإدارة الاميركية الجديدة في المنطقة فتعود إما الى سياسة الحوار والتفاوض التي ثبت فشلها، إما الى سياسة العصا والجزرة وهي سياسة قد لا يعود في امكان اميركا أن تمارسها وحدها ما لم تتعاون مع دول أخرى ولا سيما روسيا؟
لقدبات مطلوباً معرفة حقيقة سياسة أميركا في المنطقة: هل هي مع سياسة التوسّع الايراني علّها تشعل حرباً عربية – فارسية أو حرباً سنية – شيعية خدمة لاسرائيل أو خدمة لمخطّط تقسيم دول المنطقة إذا صار خلاف على تقاسمها؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم