السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الأَمن ثمَّ الأمن ثمَّ...

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

الإرهاب ذاته، وبالأدوات ذاتها، يحاول مجدداً خلع الأسوار والأبواب. وتمزيق المظلَّة الأمنية الصامدة منذ سنوات. وزرع الخوف والشكوك. وتوزيع الفتن التي تخدم مشروعه الإجرامي.


لكن السلاح الأمضى، والمساوي والمكمل لسلاح التصدّي بالقوّة، هو سلاح التضامن. تضامن اللبنانيّين، وإصرارهم على مواجهة الأخطار والمؤامرات يداً واحدة وقوَّة موحَّدة.
وهذا ما برهنته وظهَّرته بثقة تامة المأساة الدمويَّة الغادرة التي تعرَّضت لها بلدة القاع، وحيث جمعت المصيبة الناس والأهالي والجيران والمواطنين من كل الفئات حول جرح هذه البلدة الوادعة والهادئة.
إن جرح القاع درسٌ جديد، يتلقّاه لبنان مجبولاً بدماء الأبرياء والشهداء في اليوم الارهابي الطويل الذي عاشته القاع وأهلها وجيرانها وكل المنطقة المحيطة بها، بل كل لبنان الذي شعر بأن الجرح جرحه، والدم دمه، والألم ألمه.
إنما مَنْ يضمن، بعد اليوم وبعد هذه المجزرة، ألاّ يكون موعد السيناريو نفسه مضروباً لبلدة أو لمدينة كبرى هنا أو هناك؟
العلامات والمؤشّرات تدلُّ صراحةً على مخطّط مدروس، وبعيد الأهداف، أعدَّه أعداء لبنان والمتربّصون به منذ أمدٍ بعيد. وعلينا أن نستنفر كل القوى، وأن تكون البقية الباقية من الدولة والمسؤولين في حال استنفار شامل يغطّي كل لبنان.
انه الإرهاب بكل إجرامه ومجرميه يقتحم البلد والديار والبلدات الآمنة، وفي برنامجه الاجرامي تحويل الاستقرار النسبي في أرجاء لبنان مسرحاً متنقلاً لفظاعات إجرامه، والتي شاهدت كل الشعوب نماذج همجيَّة منها تدلُّ على مرتكبيها، وعلى مَنْ هم خلفهم، كما تفضح مخطّطاتهم التي لم تعد خفيَّة.
فحوى هذا الدرس القاسي، وهذه المأساة الأقسى التي حلَّت بالقاع، هي في الدرجة الأولى والأخيرة أمنيَّة. وتوصي كبار المسؤولين أن يُبقوا القوى المختلفة الأسماء والاختصاصات الأمنية مستنفرة، وجاهزة إذا ما الداعي دعا. مع ضرورة الانتشار والوجود الفعَّال على امتداد المناطق، كما على الحدود القريبة من أتون الارهابيّين الذين يخطِّطون لادخال لبنان في "ورشة الدم والدمار" التي تحاول من زمان أن تزجَّ به في الأتون ذاته.
لا حل لدينا إلا بوضع خلافاتنا السياسيَّة وشهواتنا الشخصانيَّة جانباً، وتأجيل مشاريعنا الهدامة التي أوصلت لبنان الى هذا الفراغ المريع، والالتفات الى الوضع الأمني. باليقظة الدائمة، وبالاستقرار النسبي، والاستعداد الكامل، يستطيع البلد الصغير الممزَّق والمشظّى سياسيّاً ووطنيّاً أن يواجه الارهاب وأهله. وأن يطرد المجرمين وأهلهم. ومن دون التساهل مع أيَّة هفوة أو أي شكٍّ وشكوى.
الأمنُ ثم الأمنُ ثم الأمن. لو كان الوضع الحكومي والبلد في حال طبيعي، كانت المشكلة أهون. إلاّ أننا في لخبطة مشربكة لا نُحسد عليها. الخوف من المجهول ومن المتربّصين في محله.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم