الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

مَن المستفيد من الإرهاب؟

عبد الوهاب بدرخان
مَن المستفيد من الإرهاب؟
مَن المستفيد من الإرهاب؟
A+ A-

أعادت الجريمة الارهابية في القاع فتح جدل لبناني لم يُحسم بالأمس ولن يُحسم غداً: على مَن تقع مسؤولية اجتياز الارهاب الحدود السورية الى الداخل اللبناني، أهي التنظيمات نفسها (والجهات التي ترعاها) التي تسعى الى الانتقام من "حزب الله"، أهو اجتياز هذا "الحزب" الحدود للقتال ضد السوريين تنفيذاً لقرار ايراني، أم هو نظام دمشق الذي لا يزال يعتقد أن المزيد من تعقيد الصراع وتوسيعه يمكن أن يمدّ بعمره وينقذه من جرائمه؟... الجدل الآخر يتعلّق بالردّ المناسب والمطلوب على هذا الاستهداف الارهابي للبنان، بين مَن يعطون أولوية للمؤسسات الشرعية وعلى رأسها الجيش والأجهزة الأمنية، ومَن يضيفون اليها "حزب الله" كمؤازر ضروري. وفي كلٍّ من هاتين الحالين ثغرة، لأن لـ "الحزب" أجندة غير لبنانية تُفسد دوره الى جانب الجيش والأمن، ولأن إمرة "الحزب" في ايران، أما إمرة الجيش والأمن فتعود الى دولة عمد "حزب الله" الى تعطيلها وتركها عامين ونيّف بلا رئيس.


لاحظ الجميع أن عملية القاع الحدودية مع عملية قاعدة الركبان في الاردن فاجأتا المسؤولين العسكريين، كونهما تدشّنان خطّ استهدافاتٍ جديداً وتشيران الى اختراقاتٍ كان يُعتقَد أنها تحت السيطرة، لكن انكشافها يعجّل بتعطيلها. وفي لبنان تكرّر في الأعوام الأخيرة سيناريو التفجيرات المتزامنة مع الاطلالات الخطابية للأمين العام لـ "حزب الله"، وبمقدار ما استفاد "الحزب" من العمليات الارهابية لتبرير تورّطه في سوريا بمقدار ما أخفق في الإقناع بأن قتاله دفاعاً عن نظام بشار الاسد هو أيضاً دفاع عن لبنان وأمنه. فما حصل كان العكس تماماً، ولمس الجميع كيف أن "الحزب" استدرج الارهابيين الى لبنان، وما لم يُدرَك لبنانياً بعد - رغم أنه أصبح ملموساً في الجوار السوري - هو أن "الحزب" يؤسّس حالياً، بإيعاز ايراني، لواقع تغيير ديموغرافي يؤسس بدوره لصراعات مستقبلية أياً تكن نهايات المحنة السورية.
برهنت الوقائع في مختلف بؤر الاحتقان اللبنانية أن مكافحة الارهاب داخلياً هي الأجدى، فليس ثمة بيئة أو بيئات حاضنة، وحتى مخيّمات اللاجئين السوريين يمكن احتواؤها، شرط أن يدعم الجميع وجود الدولة وجهد مؤسساتها. لكن واقع الانقسام السياسي والطائفي أظهر الجهة التي تحارب الارهاب فعلاً ولا تراهن عليه، والجهة التي تستفيد من الارهاب وتقع عليها المسؤولية عن جرائمه. فليس في الخطاب المُطالب بتعزيز الدولة وحصرية السلاح في يد جيشها أي شبهة استدعاء لـ "داعش" أو سواه، أما الخطاب المتوعّد بإسقاط حلب وسواها ففيه من الشحن المذهبي ما يكفي لاستدعاء كل ضروب التطرف. وإذ ينسب "حزب الله" جريمة القاع الى ما يسمّيه "المشروع التكفيري" في المنطقة فإنه يتناسى أن لا وجود لمشروع كهذا تعوّل عليه دولٌ أو حكومات، اذ لا يوجد سوى "المشروع الايراني" الذي يستخدم الارهاب كما يستخدم "المقاومة" و"الممانعة" بين وسائله الكثيرة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم