السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

في الأساس

حياة ابو فاضل
A+ A-

لما تتابع كل مساء نشرات أخبار تلفزيونية بانتظام وبعمق وبامتناع مبرمج عن الشعور بالقرف المشروع، فالاحباط حصل واستمر ثم رحل تاركاً وراءه فراغاً وحرية أن تملأه أنت بما تشاء.


وها أنت أمام شاشة تنقل إليك اخبار لبنان تفكك بلا مؤسسات، ومشاهد إبادة وقتل ودمار من العراق الى سوريا حيث يُقتل الانسان ويهجّر... فالتفجير الذي تمارسه "الدولة الاسلامية" الإرهابية فوق أرض عراقية سورية أيضاً "إسلامية" وان ضمّت غير مذاهب، تفجير غير مبرر مهما قال أبناء "الدولة الاسلامية" إنهم ضد النظامين السياسيين للدولتين الفريستين، ولا يزعمون أن في جعبتهم نظاماً إنسانياً متطوّراً أفضل... وهم يقتلون ويدمرون باسم الله، ويختمون أعمالهم الاجرامية بهتاف: الله أكبر.
بعد مساءات أخبار ومشاهد مأسوية لحضارة عربية متهاوية، تنحدر بلا كلل في مسيرة انحطاط في ظل عقائد دينية ومصالح أممية متخفية وراء إرهاب ديني متحالف مع آلة تجري باسمه عمليات تدمير حضارة قديمة بدأت مع غلغامش أمير بابل، الى حضارة ايبلا وأوغاريت سوريا حيث نشأت مدارس المعرفة التي أسست لمدماك جديد معرفي في مسيرة البشرية جمعاء.
وبعد مشاهد الدمار نسأل: هل قدّر للشرق الأوسط اليوم أن ينهار بكل ما ومن فيه. ونتّهم إسرائيل، فهي من تسلل تدريجاً الى أساسات امتداد بلاد الشام منذ سبعين عاماً، من بوابة فلسطين.
هل دخول إسرائيل الى مساحاتنا استجابة لحلم هرتزل بوطن يهودي فوق أرض موعودة من آله بني إسرائيل، شعب الله المختار؟ أم أن هناك في التركيبة البشرية سبباً آخر لانهيار خلطة أوطان دينية قامت من التاريخ العائد الى ما بعد نشوء الاديان. وبعد مئويات حروب دينية وخلافية، ظهر وعي ناتج من اختلاط عربي سوري اسباني مدى ثمانية قرون ازدهر اثناءها الفكر العربي والفلسفة والطب والفنون. كان هناك وعي جديد، الا ان الدين ظل جداراً حال دون تأسيس دول مدنية جامعة، قوية، حيث تكون الاديان شأناً خاصاً رابطاً بين قلب الانسان وخالقه، وفي هذا قفزة تطور وعي ما تمتّ إطلاقاً.
هجمة إسرائيل على تراثنا بكل جوانبه وما تسببت به من خراب اصابنا من باب الدين، ليس مصادفة على سلّم تطور الوعي البشري. ونحن بحاجة الى هزّات وجدانية كي نستفيق، وما يجرح الأرض يدمي القلب والروح. عندما نخرج من صفحات ما استطعنا تطويرها لبلوغ ادراك وجودي جديد آن أوانه. ومهما طال زماننا داخل ركود ومجازر دمار وبؤس، سنستفيق. هذا ما حمله للإنسان نظام كوني منذ فجر التكوين: المسيرة دائماً الى الأمام في عملية تطور مستمر نحو المعرفة فالوعي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم