السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تريث فرنسا في المضي بجهودها الرئاسية يعكس تعقيدات انخراط إيران في الحل

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

سارعت الخارجية الفرنسية على اثر الاعلان عن تأجيل زيارة رئيس الديبلوماسية الفرنسية جان مارك ايرولت الى لبنان التي كانت مقررة في 27 ايار الجاري الى تحديد موعد آخر للزيارة في 10 تموز المقبل دحضا للانطباعات التي توحي بيأس باريس على نحو مسبق من اي افق لجهودها من اجل المساعدة في ايجاد حلول للازمة الرئاسية في لبنان وتاليا تخليها عن هذه الجهود. ومع ان هذا اليأس قد يكون واقعيا ومبررا نظرا الى اعتبارات متعددة الا ان العاصمة الفرنسية التي اكدت اكثر من مرة في الاونة الاخيرة انها قد تكون الدولة الوحيدة التي تثير موضوع ازمة لبنان في الاجتماعات الدولية التي تخصص لمسائل اقليمية معقدة وتحرص على محاولة البحث عن حلول لها ستكون محرجة اذا اعطت مؤشرات عن هذا اليأس. فزيارة ايرولت بعد زيارة الرئيس فرنسوا هولاند الى بيروت واهتمام هذا الاخير باستقبال عدد من القيادات اللبنانية في قصر الاليزيه تظل تعطي الانطباع بان ثمة افكارا تحاول فرنسا العمل عليها على رغم ان غالبية القيادات اللبنانية تصر من منطق امتلاكها المعطيات عن هذا السياق الفرنسي من الاهتمام على الارجح انها لا تعلق آمالا كبيرة على هذه المحاولات. فالاسباب المعلنة لتأجيل زيارة ايرولت كامنة وفق البعض في سعي فرنسا الى صب جهودها على انجاح المؤتمر الدولي للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين الذي دعت الى انعقاده في 30 ايار مما حتم عليها ارجاء الزيارة وليس الغاءها، في حين يقول بعض آخر ان هناك لقاءات فرنسية مهمة مع مسؤولي طرفين اقليميين مؤثرين في لبنان هما المملكة العربية السعودية وايران خلال الشهر المقبل ربما تساعد وزير الخارجية الفرنسي في حلحلة بعض العقد قبيل الموعد الجديد لزيارته. الا انه في مجمل التقويم الاستباقي للزيارة انها تحتمل التأجيل لان لا شيء ملحا لا يستطيع الانتظار في ظل تضاؤل الامال بقدرة فرنسا على حلحلة العقد التي تعترض حل ازمة الرئاسة اللبنانية خصوصا في ظل تحرك ينسب الى هولاند وادارته مرتبط بالانتخابات الفرنسية السنة المقبلة ومحاولة استعادة بعض الحضور الفرنسي في منطقة حيوية تراجع فيها التأثير الفرنسي والاوروبي عموما الى حد كبير على رغم ان لبنان يبقى مساحة مهمة لهذا الحضور. كما ان التقويم الاستباقي سلبي نسبة الى ان تراجع اولوية الملف اللبناني من قائمة المتابعة الشخصية والمباشرة للرئيس الفرنسي الى قائمة وزير الخارجية، على رغم ان الرئيس يوكل الى وزرائه متابعة مسائل لا يمكنه متابعتها على الوتيرة نفسها من الاهتمام كل الوقت، انما تعني استبعاد قدرة هولاند على تسجيل نجاحات قريبة كانت ستسجل له شخصيا في ما لو نجح، علما ان انتقادات طاولته لانخراطه المباشر في الملف اللبناني خصوصا لدى اتصاله هاتفيا بالنائب سليمان فرنجية اثر بروز قبول سعودي بفرنجية والاتفاق بين الاخير والرئيس سعد الحريري. وثمة من يرى نكسة ايضا للرئيس الفرنسي في مضمون ما اعلنه الرئيس الحريري بعد لقائه هولاند في قصر الاليزيه اخيرا من انه لا يرى ضرورة للقاء العماد ميشال عون على نحو اوحى تولي هولاند نقل تمنيات البطريرك الماروني بشارة الراعي في هذا الاطار والذي كان التقاه قبل استقباله الحريري وان لم يكن تبنى هذه التمنيات. لكن ذلك عنى استدراج هولاند الى التعقيدات الداخلية وامكان اصطدامه بنكسة تلو الاخرى على هذا الاساس.


والى تضاؤل الامال او غياب الاوهام عن قدرة فرنسا على احداث خرق لأزمة الرئاسة، ولو ان جهودها مرحب بها لاعتبارات متعددة بالنسبة الى غالبية الافرقاء بعدما فقد لبنان التعاطف الداعم الذي يحظى به على اكثر من صعيد عربي خصوصا وعدم وروده في اي اولوية خارجية، فان هناك من لا يرى ايجابية كبيرة في الكلام على اجتماع لمجموعة الدعم الدولية على مستوى الوزراء على غرار ما ترغب فيه فرنسا اقله في الظروف الراهنة، من دون امكان الجزم بسلبية الفكرة في حد ذاتها. اذ ان العائق في ازمة انتخابات الرئاسة لا يتصل بهذه المجموعة التي سبق ان اجتمعت اكثر من مرة ودفعت في اتجاه انهاء الفراغ الرئاسي ما لم تكن الفكرة الجديدة وفق ما تتداول اوساط سياسية هي محاولة ادخال ايران على خط هذه المجموعة كما حصل بالنسبة الى ادخال ايران على خط مجموعة الدعم التي اجتمعت من اجل سوريا في فيينا في تشرين الثاني من العام الماضي. فمن جهة تقفز الى الاذهان فكرة التقاء وزيري خارجية ايران والسعودية على الهامش كما حصل في فيينا ومن جهة اخرى فان تحديد كرسي لايران في مناقشة ازمة لبنان كما في حرب سوريا مع ما يعنيه ذلك من اقرار بنفوذها الاقليمي وحصولها على موقع على صعيد المنطقة امر يتم النظر اليه من منظار الواقعية السياسية. لكن ثمة من يخشى في المقابل ان يتم التسليم لايران بذلك من دون اثمان تحت وطأة تعطيلها الرئاسة اللبنانية من جهة، علما انها في لبنان كما في سوريا هي جزء من المشكلة ولم تساهم مشاركتها في اجتماع فيينا في تقريب وجهات النظر حول الحل السوري. كما ان ثمة من يرى صعوبة في الاقرار لايران بهذا الامر من دون ضمانات بالوصول الى حل، ولعل المفاوضات الجارية حول اليمن تشكل تجربة تشجع على الانخراط مع ايران لاحقا ام لا، علما ان استمرار تعثر المفاوضات اليمنية يظل حجر عثرة امام الانتقال الى اي ملف اخر بما في ذلك ازمة لبنان.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم