السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قساوسة وائمة معًا في البرلمان الدانماركي "ضد التطرف": مافيا وراء "داعش"

المصدر: النهار
هالة حمصي- من الدانمارك
قساوسة وائمة معًا في البرلمان الدانماركي "ضد التطرف": مافيا وراء "داعش"
قساوسة وائمة معًا في البرلمان الدانماركي "ضد التطرف": مافيا وراء "داعش"
A+ A-

ما شاهده الدانماركيون في برلمانهم امس قساوسة وائمة، دانماركيون وعرب وغربيون، جنبا الى جنب، في ود وحوار وتلاق. مشهد مطمئن في بلاد قلقة من تنامي التطرف الديني، في سعي الى استباقه، الى احتوائه. وما سمعوه وفهموه كثير: حذار، "ثمة من يسيء استغلال الاسلام لمصالح واهداف... وراء "داعش" مافيا لها مصالح شخصية... الحروب تدار عن بعد، حروب ذات طابع جيو-سياسي وغير دينية... وادمغة شباب مسلمين تُغسَل وتُحقن بالغضب".


الى الحلقة الرحبة، انضم مسؤولون رسميون، محليون وغربيون وعرب، خبراء واكاديميون. في الاجندة، بند واحد: "الحوار بين الاديان في مواجهة التطرف". مقاربات متعددة الجنسية، دعوة اميركية الى اهمية التحضير لمرحلة ما وراء "داعش". دعوة لبنانية للمسلمين الى مصارحة الذات والاقرار بوجود مشكلة. وايضا اصرار دانماركي على اهمية الحوار وتفعيله "وحرية الدين للجميع".


"3 أمور ستزيل التوتر"
كشريكين وصديقين، وقف عميد كاتدرائية كوبنهاغن كبير القساوسة أناس غاديغارد مع الامين العام للمجلس الاسلامي في الدانمارك الامام عبد الوحيد بيدرسن في البرلمان، الـ"كريستيانسبورغ"، لاطلاق المؤتمر الذي دعا اليه مجلس كنائس الدانمارك والمجلس الاسلامي في الدانمارك والفريق العربي للحوار الاسلامي-المسيحي، بدعم من مؤسسة "داين ميشن"، في اطار برنامج "الشراكة الدانماركية-العربية".


لدى الاول، سؤال مفتاح: لماذا يُساء استخدام الدين؟ وكيف؟ وشخّص الآخر ما سمّاه "خوفا يشوب الحوار بين الاديان، مما يجعل الحوار يصير مختلفا، منحرفا في شكل ما". خوف غير صحي بالتأكيد، "ويسرق منا صناع رأي مهمين". قراءات منوّعة في "التطرف العنيف"، متكلمون من مختلف الانتماءات والجنسيات. وفي الطليعة، رسالة تأكيد اهمية الحوار ولزوم تفعيله وجهتها النائبة الدانماركية كارن كلينت، من اللحظة الاولى لاكتمال النصاب.


في القراءة الاميركية لـ"الحوار بين الاديان كأداة في سياسات التغلب على التطرف الديني"، عرض كبير المستشارين في مكتب الشؤون الدينية والعالمية في الادارة الاميركية الدكتور بيتر ماندفيل افكارا عن العلاقة بين الدين والتطرف، داعيا الى التفكير في مرحلة ما بعد "داعش" والتحضير لها.


تجاه "التطرف العنيف" المستشري، لا بد من تحديد "جذور المشكلة بدقة... فاذا تكلمنا بتعابير مبهمة على الطائفية والدين لتحديد المشكلة، سنبقى ندور وندور، من دون ان نحقق اي تقدم، ونخلق مزيدا من العنف"، قال لـ"النهار". في رأيه، ثلاثة امور "ستزيل معظم التوتر الطائفي في المنطقة: انهاء النزاع السياسي في سوريا، تحقيق مصالحة سياسية في العراق، وتحسين العلاقات بين الرياض وطهران". وفي رأيه ايضا، "ثمة امل، والامر ممكن". لكن "علينا الا نخدع انفسنا، والامور قد تسوء. وعلينا الحرص الا نسلك هذا الاتجاه".


في المقاربة الاماراتية، "التسامح" يتصدر المواجهة مع التطرف. ما حملته وزيرة التسامح الاماراتية الشيخة لبنى بنت خالد بن سلطان القاسمي "رؤية اماراتية شاملة لمواجهة الارهاب"، و"جهود مؤسساتية وعلاجات شاملة تقوم على حرية المعتقد وتكثيف الاتصال بالآخرين". بديهي لديها انه "من المستحيل معالجة التطرف من دون معالجة جذور المشكلة". وبديهي ايضا ان "التعصب مستودع الارهاب".


القراءة لبنانية. مصارحة دفعت بالكلام الى ضفة متقدمة. "هل نعترف في العالم الاسلامي بان هناك مشكلة؟ هل نحددها كي نحاول معالجتها؟" سأل الامين العام للقمة الاسلامية الروحية الامين العام للجنة الحوار الاسلامي –المسيحي الدكتور محمد السماك. "التعليم الديني. هنا تبدأ المشكلة".


المشكلة ايضا، كما حددها، "ان المسلمين يتبعون في القرن الحادي والعشرين تفسيرات قرآنية من القرون الوسطى". بين النص الديني وتفسيره فرق. "فالاول مقدس، دائم. اما الآخر، فإنساني، متغير، وعرضة للخطأ". توقف عند ما يقوله القرآن عن السيد المسيح ومريم العذراء والانجيل والكنيسة، معتبرا ان "ما يتم تعليمه للمسلمين بعيد عن تلك المبادىء، مما يستوجب العودة اليها"... مع استنتاج ان "العلاقة بين الاسلام والمسيحية يجب ان تكون مبنية، ليس على التسامح فحسب، انما ايضا على الايمان".


"حروب تدار عن بعد"
"توصيتان" وضعهما وزير الخارجية الدانماركي السابق النائب مارتن ليدغارد قيد التداول: "اذا اردنا الانتقال من سوء استغلال الدين الى حسن استعماله، فعلينا اولا النظر في الحق الاساسي بالحرية الدينية للجميع، وثانيا في سبل تعزيز الحوار بين الاديان ومواجهة سوء استخدام الدين".


عن "حروب تدار عن بعد" في المنطقة، تكلم، و"لها طابع جيو-سياسي او سياسي، لكنها ليست دينية". ما يراه هو ان "وراء "داعش" مافيا تعمل على تحقيق مصالحها الشخصية باستخدام الدين". وتجاه ذلك، "يكون الحل من داخل الدين نفسه. ما نحتاج اليه هو ان ندخل حوارا حقيقيا مع المؤمنين، ونقنعهم بان رسالة السلام في دينهم اقوى من اي رسالة اخرى مزعومة".


صوت لبناني آخر: السيد العلامة علي فضل الله والاسئلة ملحة: "اذا كان الصراع في المنطقة سياسيا، فلماذا يستغل دينيا؟ هل لان الدين اكثر قدرة على التأثير والاثارة؟" وفي الجعبة، ثلاث نقاط: "علينا تربية الاتباع على قيم المحبة، ليس لجماعتهم فحسب، انما ايضا للآخرين. اهمية ارتفاع صوت المعتدلين ودور الاعلام في ابرازه. وجوب العودة الى الانسانية التي هي عمق الدين واساسه".


منتجات "السلفية الجهادية"
في تلك الجلسة، حرّك العلامة الصوفي الشيخ محمد اليعقوبي موضوع "السلفية الجهادية"، مصدر "داعش" و"القاعدة" و"بوكو حرام" و"الشباب الصومالية" وغيرها. ومع تشديده على ان "المسلمين ليسوا مسؤولين عن عقيدة "داعش" او "القاعدة"، اضاء على نص محدد، "نواقض الاسلام" ومبادئه الـ10، "والذي يعلمه السلفيون، ويتبناه داعش، "والتأثير الذي له في تنشئة ارهابيي اليوم". هذا النص "لم يرفضه احد او ينقضه"، على قوله. والامر يستوجب "تنظيم مؤتمر لمناقشة مبادئه ومدى مطابقتها لتعاليم النبي والقرآن".


في الاقتناع الذي توصل اليه اسقف ابرشية كوبنهاغن بيتر سكوف-جاكوبسن، "ثمة قدرة داخل الاديان على العنف. والخطر ان نقع في فخه. لكن لدينا ايضا القدرة على تخطيه". حذر من "ابلسة الآخر"، ونادى بـ"تحول القلب، اول شرط لبناء السلام وتحقيق العيش المشترك". يؤمن بان الامر ممكن، والدليل برامج عدة اطلقت في الدانمارك، و"بعضها ادرج ضمن المناهج التربوية لنشر ثقافة الحوار وفهم الآخر والتعرف اليه".


باتت السلطات الدانماركية تدرك اهمية الحوار بين الاديان، مما ادى الى "وضع توجهات جديدة لتعزيز حرية التعبير والحرية الدينية... وتوحيد منصات الحوار لكل المواطنين". وفي هذا الاطار، توالت خبرات: برنامج "قادة من اجل التفاهم بين الاديان" في الدانمارك عرضته نتاشا الحريري، ومركز "هداية" في الامارات العربية قدمه مديره التنفيذي مقصود كروز.


تعارف في الشارع
وفي مركز بوروب، كانت ايضا وقفتان بحثيتان، الاولى مع الدكتورة ايفا ماريا لاسن عن "حقوق الانسان في مواجهة التطرف"، والاخرى مع الدكتور يورغن نيلسن عن "الراديكالية الدينية في اوروبا"... الى شرح عن المجلس الاسلامي في النروج قدمه رئيسه مهتاب افسر.


في الوجهة، "علينا التفكير في تطبيق خطة لمواجهة التطرف"، قال الامين العام للفريق العربي الدكتور القس رياض جرجور للمجتمعين. "من المهم جدا ان نحارب داعش. والاهم ان نحارب الاديولوجيات وراءها".


محطة مسائية مع الاسقف سكوف-جاكوبسن في مقره. مشي في شوارع كوبنهاغن، برفقة الامين العام لمجلس كنائس الدانمارك القس مادز كريستوفرسن... وانتظار للتاكسي نقل الحوار الى الطريق، عفويا. امام استياء شاب دانماركي لرؤية شيوخ مسلمين ونهره لهم، على خلفية ممارسات "داعش"، وجد احد الشيوخ اللبنانيين فرصة للمناقشة، لاقناع الشاب بان ما يعتقده عن المسلمين خاطىء. وفي نهاية المطاف، مُدَّت اليد للمصافحة... للتعريف عن الاسماء، للتعارف اكثر.


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم