السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

قراءة في نتائج انتخابات الجنوب: التحالف "الثنائي" ليس على ما يرام

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
قراءة في نتائج انتخابات الجنوب: التحالف "الثنائي" ليس على ما يرام
قراءة في نتائج انتخابات الجنوب: التحالف "الثنائي" ليس على ما يرام
A+ A-

كان امرا بديهيا ان يبادر طرفا المعادلة في الجنوب ("حزب الله" وحركة "امل") الى الاعراب عن ارتياحهما لنتائج الانتخابات المحلية التي اجريت هناك الاحد الماضي. ففي المشهد العام يمكن "حزب الله" ان يخرج على الملأ باستنتاج فحواه ان ما افرزته صناديق الاقتراع عشية الاحد المنصرم من ارقام هي بمثابة استفتاء جلي على التزام الجنوبيين عموما "خط المقاومة" وتجديد البيعة لنهج الحزب في عمليات المواجهة التي يخوضها في الداخل وفي الاقليم، خصوصا ان تغييرا جوهريا لم يسجل على مستوى الحصص والنتائج المعهودة، وثمة محاكاة لوقائع آخر انتخابات مماثلة اجريت عام 2010 ، فضلا عن غياب الاشكالات.


وفي مقدور حركة "امل" ان تقول في سريرتها انها نجحت في اعادة انتاج سلطتها المحلية وفي اعادة تجديد شبكة مصالحها وعلاقاتها مع شريحة من الرموز والوجاهات لسنوات ست آتية.
وفي الحصيلة العامة ثمة ما يعادل المناصفة بين كلا الطرفين في كل بلديات الجنوب الشيعي مع ارجحية واضحة للحزب في بلديات كبرى ووازنة مثل بنت جبيل والنبطية والخيام وجويا وجباع وكفرملكي وعيترون وعيناتا. وفي الخلاصة العامة يمكن الحزب ان يجاهر بانه نجح في تبديد رهانات خصومه على ان تفضي الضغوط والاعباء التي تراكمت على كاهله وبيئته الحاضنة في الاعوام الاخيرة الى حدوث فجوة بينه وبين جمهوره او تراجع في مكان محدد او تخلّف عن تلبية دعوة سيد الحزب الى الاقتراع بكثافة للوائح الائتلاف مع "امل"، وبمعنى آخر انتفت فرصة ان يعاود خصوم الحزب تكرار ما قالوه بعد نتائج الانتخابات الاخيرة في بعلبك.
وبنتيجة مشهد انتخابات الجنوب صار في امكان الحزب ان يطوي سجلاته ودفاتره ويزعم بان له الان كل المجالس البلدية الشيعية في كل البقاع (ما عدا ثلاث بلديات تركت لاعتبارات عائلية) وكل البلديات الشيعية في جبل لبنان ونصف بلديات الجنوب على اقل تقدير.
وكتحصيل حاصل وفي عملية "تقريش سياسي" للانتخابات البلدية في اربع محافظات، فان "حزب الله" ما برح يتبوأ المقام السياسي الاول في خريطة التوازنات الشيعية. لكن ذلك، على اهميته، لا يسقط من حسابات العارفين ببواطن الامور في الساحة الشيعية ان ثمة مظاهر وممارسات سجلت قبيل موعد الانتخابات وفي اثناء اجرائها حملت في طياتها ابعادا ودلالات سياسية ونمّت عن رغبة مكبوتة في امرين اثنين: السعي الواضح لتسجيل نقاط تقدم على الآخر في بلدات معينة، ومحاولة اظهار تطور الاحجام والحضور في بلدات كانت لها دوما هوية تجعلها محسومة الانتماء. الفعل الاول مارسته حركة "امل" ، فيما الفعل الثاني اضطلع به كادر الحزب. واقع الحال هذا استولد انماطا من التنافس في غالبية البلدات والقرى فسقط اولا رهان قيادة ادارة التحالف من الفريقين على امكان انجاز لوائح تزكية سلفا بما لا يقل عن ثلث بلديات الجنوب الشيعي، وادى ثانيا الى انفراط عقد لوائح ائتلافية بُذل جهد في اطلاقها قبل وقت قصير من موعد افتتاح اقلام الاقتراع، وكانت النتيجة ظهور مصطلح "ترك الامر للعائلات"، وهو في ذاته هروب منظم من الحزب تحديدا من "مشكل" مع الطرف الآخر اذا ما شاء المضي قدما في اصراره على شروطه، ولكنه يبقى ترجمة لواقع خلافي فعل فعله المكتوم داخل البلدات والقرى ورفع منسوب التناقضات والعصبيات على اشكالها.
والامر الثاني السلبي تجلى بعمليات التشطيب المتبادل لأسماء مرشحين بعينهم على لوائح الائتلاف، وهو امر مورس في اكثر من مكان. وبحسب المعطيات فان ظاهرة بالغة السلبية برزت في "معسكر" حركة "امل" وتجسدت في تمرد عشرات الرموز المحسوبة تاريخيا عليها على الاوامر والتوجيهات العليا للحركة ان لجهة عدم الالتزام بمقتضيات التحالف او لجهة رفض الخروج من السباق وترك الفرصة لسواهم، وعليه سجلت اعمال خرق وعصيان في كفررمان وحارة صيدا وعين بعال وحاريص وعربصاليم وجرجوع وسواها من البلدات.
لذا فان التجربة الانتخابية الاخيرة اظهرت ان التحالف ليس بخير، وانه وإن مُرّر هذه المرة بشق النفس وبضغوط كبرى وبرغبة اوسع في التفلت من مقتضياته، فانه سيصعب اكثر في المستقبل، مما اوحى للمراقبين بخلاصة فحواها ان ثمة معادلة اراد كلا الفريقين ان يكرسها او يبلغها للآخر. فالحركة ارادت ان توجه لمن يعنيهم الامر ما جوهره ان قوتها ما زالت على حالها وان كل الكلام على تراجعات في شعبيتها ليس صحيحا. وفي المقابل أراد الحزب ان يبلغ كل الشاخصين اليه ان الامور ليست على الصورة التي برزت عام 2004، بل هناك تطور مطرد في الحضور في كل البلدات بما فيها التي كان سابقا على هامشها وكانت بمثابة قلاع للطرف الآخر مما يبيح له تغيير المعادلات والوقائع ساعة يرغب. هذا التناقض افاد منه بطبيعة الحال اليسار، وتحديدا الحزب الشيوعي، فحقق خروقا في بلدات معينة شاء ان يدرجها في خانة استعادة الدور المفقود. وفي صيدا تجربة لـ "تيار المستقبل" توشك ان تكون نسخة مكرورة عن تجربة الانتخابات البلدية في بيروت ان لجهة عدم الالتزام بالدعوات المتكررة للنزول الى الصناديق، وان لجهة تضاؤل فارق التصويت مع اللائحة المضادة، فكانت الخلاصة ان "المستقبل" خسر معنويا وانه لا يعيش اسعد اوقاته وإن فاز ببلدية العاصمة كاملة.
ولجزين حكايتها المستنسخة عن تجربة جبل لبنان المسيحي حيث "التيار البرتقالي" يحافظ على احدى قلاع حضوره وينجح "تفاهم معراب" في ترجمة نفسه باخلاص.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم