كيف استبعد "حزب الله" المرشح الشيعي الأقوى في زحلة؟

يقضي العرف المتبع في توزيع مقاعد مجلس بلدية زحلة – معلقة، بما يؤمن حسن تمثيل احياء المدينة وطوائفها، بأن تتمثلَ كل واحدة من الطائفتين السنية والشيعية بمقعد بلدي، من أصل 21 مقعداً. ولكن عندما يحمى وطيس المعارك الانتخابية، يكون ممثلاً الأقليّات من أوائل ضحايا التشطيب، وهكذا انتُخبت مجالس بلدية للمدينة فاقدة إما لممثل شيعي وإما لممثل سني.

لتلعب، في المقابل شخصية مرشح الطائفتين وانخراطه في نسيج المجتمع الزحلي وصداقاته فيها، دوراً رئيساً في وصول طائفته الى المجلس البلدي. وهكذا فقد خلا مجلس بلدية زحلة_معلقة الحالي من ممثل للطائفة السنية، فيما انتخبَ المهندس علي الخطيب ممثلاً للطائفة الشيعية، وهو كان قد ترشح على اللائحة الانتخابية المدعومة من "الكتلة الشعبية" برئاسة الراحل الياس سكاف، التي فازت بـ 19 مقعداً.
تشهد مدينة #زحلة، الأحد المقبل، معركة قاسية بين 3 لوائح انتخابية، لا يقلّ اختيار اسماء المرشحين فيها اهمية عن الشعارات السياسية والانمائية في التنافس للوصول الى المجلس البلدي.
لذلك، وفي خلال تشكيل اللوائح كانت المفاجأة بترشح المرشح الشيعي وعضو المجلس البلدي علي الخطيب، على لائحة صديقه اسعد زغيب رئيس البلدية السابق، الذي يخوض للدورة الانتخابية الثانية معركة في وجه اللائحة المدعومة من "#الكتلة_الشعبية"، بعدما كان قد حمل دعم الكتلة الى رئاسة البلدية لدورتين انتخابيتين. وهكذا فازت لائحة "انماء زحلة"، المدعومة من الأحزاب المسيحية الثلاثة "القوات اللبنانية"، "التيار الوطني الحر" و "الكتائب اللبنانية"، بالمرشح الشيعي الاقوى علي الخطيب، بعد أن كان الخطيب حاضراً للمؤتمر الشهير لرئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف، في 13 نيسان الفائت، يوم اعلنتها معركة وجود في وجه الاحزاب الثلاثة، وبالتالي توجب على "الكتلة الشعبية" ان تجد ممثلاً شيعياً آخر، فجرى التداول باسم نادر زين الدين.

وفيما كان اسعد زغيب، ينجح اخيراً في ترتيب لائحته، متنقلا بين مقار رئاسات تلك الاحزاب، في محاولة للتوفيق بين مطالبها، لا سيما "الوطني الحر" والكتائب. وبينما انعقد اجتماع اعضاء اللائحة ليل الجمعة - السبت لوضع اللمسات الاخيرة قبل اعلان اللائحة، جاء المرشح علي الخطيب، قرابة الحادية عشرة والنصف ليلاً، الى زغيب معتذراً منه عن مواصلة الترشح معه، نزولاً عند رغبة "#حزب_الله". وبينما كانت لائحة "انماء زحلة" تخسر مرشحها الشيعي، كانت "الكتلة الشعبية" تستعد لاعلان لائحتها "زحلة الامانة"، مساء اليوم التالي، وفي عدادها علي الخطيب مرشحاً عن المقعد الشيعي، بناء على رغبة "حزب الله".
استفاقت زحلة صباح السبت، على خبر سحب "حزب الله" للمرشح الشيعي عن لائحة زغيب والاحزاب المسيحية وترشيحه على لائحة ميريام سكاف. ليبدو مشهد الاصطفاف على الشكل التالي "الكتلة الشعبية" متحالفة مع تيار "المستقبل" الذي سمى مرشحاً سنياً في عداد لائحتها الانتخابية، ومع "حزب الله" الذي تدخل لصالحها، باعادة المرشح الشيعي الاقوى الى صفوف لائحتها، مقابل ائتلاف الاحزاب المسيحية بعنوان "المصالحة المسيحية" متحالفاً مع اسعد زغيب، الامر الذي انذر بتصويت سياسي طائفي يوم الاحد المقبل. وهو ما ادركه "التيار الوطني الحر" الذي تلقى صفعة من حليفه الاستراتيجي، اذ ان علي الخطيب احتسبه التيار من حصته على لائحة زغيب، وكان سيحظى بتصويت "القوات اللبنانية" لضمان حمله الى المجلس البلدي مع سائر اللائحة اذا ما كتب لها الفوز.

لغاية ظهر السبت كان الخبر ان علي الخطيب، مرشح على لائحة "الكتلة الشعبية"، وهذا ما اكده بنفسه في اتصال مع "النهار"، ولكن الخطيب لم يحضر اجتماع التعارف بين اعضاء اللائحة، وظل التقاط الصورة الرسمية للائحة مكتملة معلقاً، كل ذلك قبل ساعات من مهرجان الاعلان عنها.
لولا ان "التيار الوطني الحر" تدخل لدى حارة حريك، معترضاً محذرا من تبعات الخطوة التي اقدم عليها "حزب الله"، مقدماً حلاً وسطاً، بأن يترك المقعد الشيعي من دون تسمية مرشح على لائحة ائتلاف الاحزاب وعلى لائحة ميريام سكاف، على ان يواصل علي الخطيب ترشحه منفرداً، ليحظى باصوات من الجهتين، بصفته مرشح "حزب الله"، وذلك ارضاء للحزب الذي سيوزع اصواته الانتخابية على 3 لوائح، لائحة ميريام سكاف، ولائحة موسى فتوش شقيق النائب نقولا فتوش، ومرشحي "التيار الوطني الحر" على لائحة الاحزاب. وثمة قائلون بأن نائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم استجاب لطلب ميريام سكاف لدى زيارتها له، بسحب علي الخطيب من لائحة الاحزاب والايعاز اليه بالترشح على لائحتها، ووعدها بتصويت الحزب لـ 11 مرشحاً من لائحتها، الى 5 من مرشحي "التيار الوطني الحر" على لائحة الأحزاب و5 مرشحين من لائحة فتوش. كلا، يقال في "الكتلة الشعبية"، ما تبلغته الكتلة من الحزب هو ان "التيار الوطني" وفتوش هما حليفاه الاستراتيجيان في المدينة.

توجه الجميع السبت الى اعلان لائحة سكاف، والعين على المرشح الشيعي، لتكون المفاجأة بأن تعلن ميريام سكاف لائحة مكتملة بمرشح شيعي هو نادر زين الدين. فقد رفضت سكاف العرض بترك المقعد الشيعي شاغراً من دون مرشح معتبرة بانها لن تقبل بأن تخرج لائحة من بيت سكاف ينقصها مرشح شيعي، وبأن تسميتها لمرشح حفاظ منها على العيش المشترك، لأن ابقاء المقعد شاغراً سيفسح المجال لملئه خلال الاقتراع بمرشح من غير الطائفة الشيعية ما سيخلّ بحسن تمثيل كل أطياف المدينة التي يتمسك بها بيت سكاف.

في المقابل اختار المرشح علي الخطيب الخروج من السباق الانتخابي، "حفاظاً على علاقاته وصداقاته مع كل الاطراف" على ما قال لـ "النهار"، ويبقى ان يترجم هذا الانسحاب اللفظي سحب طلب ترشحه رسميا. والتقطت لائحة "انماء زحلة"، المدعومة من الاحزاب، صورتها الرسمية من دون مرشح شيعي. فيما اعلنت لائحة "زحلة تستحق"، المدعومة من آل فتوش، يوم الاثنين، بمرشح شيعي هو شادي عفارة.
لم يخرج تدخل "حزب الله" في تشكيل لوائح زحلة، اقوى الاسماء الشيعية المرشحة فحسب، بل احدث صدمة لدى الزحليين الذين اكتشفوا التحول في مواقف العائلات الزحلية الشيعية كعائلة الخطيب، التي لطالما كانت جزءاً من النسيج الزحلي، لتصبح جزءاً من نسيج "حزب الله" يقرر فيطاع، فيما لا تتوقف المحاولات عن فصل بلدة الكرك ذات الغالبية الشيعية، عن مدينة زحلة بلدياً، تحت ذريعة النقص في الخدمات. كذلك وجه "حزب الله" اهانة للمصالحة المسيحية، ما أوجد شدّاً عصبياً مسيحياً حزبياً لدى الناخبين، مضعفاً موقف حليفه "التيار الوطني الحر"، خصوصاً بالمقارنة مع موقف ميريام سكاف، التي لا يبدو انها ستخسر التصويت الشيعي، ذلك أن مرشحها محسوب على "حركة امل". لتبقى النتيجة الاسوأ لما ارتكبه "حزب الله"، بانه هدد التمثيل الشيعي في مجلس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل، في معركة تنذر بتشطيب واسع.