الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الوساطة واسطة صلح في ثقافة الحوار

المصدر: "النهار"
كلوديت سركيس
كلوديت سركيس
الوساطة واسطة صلح في ثقافة الحوار
الوساطة واسطة صلح في ثقافة الحوار
A+ A-

رئيسة المركز اللبناني للوساطة والتوفيق -LAMAC - المحامية منى حنا العائدة من لوكسمبورغ حيث شاركت في المنتدى العالمي لمراكز الوساطة بمداخلة عن الوساطة في النزاعات التجارية التي تشمل الاعمال والشركات العائلية، يقترن اسمها بولادة هذا المركز في لبنان.


بدأت في مجال الوساطة بصفة شخصية قبل تأسيس المركز العام 2010، يوم كانت هذه الكلمة غريبة على السمع في لبنان بعد الحرب والازمات المتعاقبة التي لم تنتهِ بعد. ولكن اليوم، تقول المحامية منى حنا، "أصبح المجتمع اللبناني يتقبّل فكرة الوساطة كل عام، ويتضاعف الاقبال عن العام الذي سبقه، ويشهد المركز اقبالا من متخاصمين ومتنازعين مؤمنين بهذه الوسيلة الحبّية. وأصبحت أسهل بالنسبة اليهم. وباتوا ينظرون الى هذه التقنية بطريقة اوضح ومغايرة عن ذي قبل. بدأوا يتقبلون الفكرة اكثر. وكلما زاد الوعي في هذه الناحية كلما تنامى اقبال الناس اليها. فكثرٌ لا يعرفون بوجودها، خاصة انه لم يُقرّ اي قانون خاص بها لتنظيمها وتحفيز اللجوء اليها من قبل كل شرائح المجتمع. فقد وُضِع قبل اعوام مشروع قانون للوساطة لا يزال في ادراج مجلس النواب. رغم انني اؤمن ان الوساطة هي ثقافة لا ينحصر إطار تطبيقها في قانون، لذلك نحن نعمل في المركز على نشر هذه الثقافة لأن التغيير يحصل في النفوس ومن الداخل".


ورغم الاقبال على الوساطة تعتبر المحامية حنا انها في لبنان "لا تزال في بداياتها". وتوجز انها "ثقافة حوار وتقبّل الآخر، وليست ثقافة حروب وتناحر في المحاكم لتألو النتيجة الى رابح وخاسر للحكم". وتعتبر ان "حتى من يربح الحكم لا يكون نال كل حاجته، بينما الوساطة تجيب عن حاجات الفرقاء ولا تفرض حكمًا لا يُجيب عن مصلحتهم. فالوسيط يرافق الفرقاء ليجدوا معاً ارضية مشتركة وحلاً يجدونه هم بأنفسهم يساعدهم الوسيط في توليده".


الفكرة قديمة في لبنان. فـ"شيخ الصلح" في القرية والعشيرة لطالما عمل وسيطًا فطريًّا بين المتخاصمين، ولطالما تُوِّجت وساطته بالنجاح. ومع غلبة المدنيّة ثم الحرب والتناحر قلّت مشايخ الصلح من دون ان تنقرض. اقله في مجتمع العشيرة. وجاءت الوساطة لتحيي مشيخة الصلح انما بقالب علمي وغير محصور بشخص معين. فكلّ مُجازً ومتخصّص ومؤهّل لمعترك الوساطة يمكنه ولوج هذا المجال وامتهانه. وهو ليس بالهيّن، وأبرز سماته الصبر واتقان فن التحاور والتفاوض في تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين الذين يلجأون الى الوساطة بفعل إراديّ بحت.


قبل حوالى اربعة اعوام تحدّثت "النهار" مع رئيسة المركز. يومذاك كان عمل الوساطة يقتصر بشكل كبير في لبنان على المشكلات العائلية، وكانت حالات الوساطات التجارية خجولة. وتقول المحامية حنا "اليوم توسّع إطار اللجوء الى الوساطة ليشمل مجالات عدّة بينها التجارية والهندسية، وحلّ نزاعات بين أرباب العمل والموظفين وفي المجال الطبي".


يتحرّك المركز صوب المؤسسات التربوية والدينية. وفي هذا الاتجاه تشير المحامية حنا الى اتمام" تدريب الطلاب في الصفين الاول والثاني الثانوي في مدرسة دير القمر الرسمية على الوساطة المدرسية. كما جرت لقاءات مع معظم المقامات الدينية في المحاكم الشرعية والمذهبية والروحية لتعريفهم على الوساطة وحلّ النزاعات حُبِيًّا من طريق الوساطة تجنباً للشرخ العائلي".


اما الاكثر طلبًا للوساطة فتقول المحامية حنا "لا تزال المشاكل والنزاعات العائلية على انواعها تتصدر المراجعات امام المركز". وبغضّ النظر عن الحلّ الذي يتوصل اليه الفريقين بمرافقة الوسيط في حالة الازواج مثلاً، فانه في جميع الاحوال يتمّ التوصّل الى وضع أطر راقية في التعامل بين الطرفين تجعل العلاقة غير متشنّجة بينهما لتنعكس إيجابًا على اولادهما.


وتضيف المحامية منى حنا: "التغيير كما ذكرت يبدأ من الداخل لذلك نحن مستمرّون ومصرّون على نشر هذه الثقافة بالتعاون مع كل شخص مؤمن بها علنًا نصل الى لبنان نموذجي".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم