السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

زمن الخوارج في أميركا

هشام ملحم
هشام ملحم
زمن الخوارج في أميركا
زمن الخوارج في أميركا
A+ A-

انه زمن الخوارج في أميركا. هذا ما أكدته الانتخابات الحزبية التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين الجمهوري والديموقراطي في ولاية نيوهامبشير الثلثاء. الانتصار الكاسح الذي حققه برنارد ساندرز المرشح الديموقراطي-الاشتراكي المتمرد على المؤسسة التقليدية في واشنطن، على هيلاري كلينتون التي تمثل هذه المؤسسة على رغم انكارها ذلك، والانتصار الكبير لدونالد ترامب الثري المحافظ على منافسيه الجمهوريين الكثر، يعكس الغضب العميق الذي تشعر به شريحة كبيرة من الناخبين على اختلاف مواقفهم السياسية حيال الطبقة السياسية "المساومة والفاسدة" في واشنطن.


انتصار الخوارج، كان متوقعاً، لكن حجم الانتصار كان مفاجئاً بعض الشيء وهّز أسس الحزبين ومسلماتهما، وخلط الاوراق الانتخابية، وزاد صعوبة وربما استحالة التنبؤ بوجهة القطار الانتخابي. كل ما يمكن ان يقال ببعض الثقة بعد نيوهامبشير هو ان السباق الى البيت الابيض سوف يكون مضنياً وأكثر كلفة وشراسة، وانه سيرغم زعماء الحزبين، وخصوصاً الجمهوري، على مواجهة خيارات صعبة منها دعم مرشح تقليدي تتجمع حوله الموارد البشرية والمالية لضرب أي من مرشحي الخوارج، ترامب، أو السناتور تيد كروز المتشدد عقائدياً والمكروه لدى قيادة الحزب أكثر من ترامب. أما في السباق الديموقراطي الذي يشمل حصانين فقط، فهناك قلق عميق يقارب الرعب في حملة كلينتون ومؤيديها في قيادة الحزب من ان يضع انتصار نيوهامبشير المرشج ساندرز على عتبة الفوز في انتخابات ولايتي نيفادا وكارولينا الجنوبية في النصف الثاني من الشهر الجاري. ويصاحب هذا القلق احباط مالي، لان فوز ساندرز في نيوهامبشير سوف يترجم عملياً بوصول تبرعات مالية جديدة الى حملته تفوق تلك التي ستصل الى حملة كلينتون.
الناخبون الغاضبون في نيوهامبشير، يعكسون الى حد كبير "المزاج" الشعبي على المستوى الوطني. الناخبون المحافظون الذين جذبهم ترامب قلقون من فقدان وظائفهم للمهاجرين، ومن بطء النمو الاقتصادي، وازدياد خطر الارهاب في العالم وداخل أميركا. تأكيدات ترامب ومبالغاته أنه سيستعيد مكانة أميركا المهيمنة سابقاً، وأنه سيضرب الارهاب بقوة، وسيحرم المسلمين دخول أميركا ويبني جداراً لصدّ المهاجرين على الحدود الجنوبية، جعلته بطلاً في هذه الاوساط. اما الغاضبون من الليبراليين واليساريين، فانهم ينجذبون الى حملة ساندرز لانه يركز على التفاوت المتزايد في مستويات الدخل والضغوط التي تتعرض لها الطبقة الوسطى، وهيمنة أسواق المال في وول ستريت والشركات العملاقة على العملية السياسية وقوانين الانتخابات الامر الذي أفسد النظام السياسي في واشنطن. لذلك فان المطلوب هو "ثورة سياسية" تعيد الى المواطنين السيطرة على بلادهم. الفرق بين حملة ساندرز الحماسية والحيوية، وحملة كلينتون الفاترة والمملة هو الفرق بين الشعر والنثر.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم