الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الانتحاريون ينتظرون "حور العين"... والانتحاريات ماذا ينتظرن؟

المصدر: "النهار"
اسرار شبارو
الانتحاريون ينتظرون "حور العين"... والانتحاريات ماذا ينتظرن؟
الانتحاريون ينتظرون "حور العين"... والانتحاريات ماذا ينتظرن؟
A+ A-

من كل الجنسيات تجندن وأرض الجهاد قصدن، راية الموت رفعن، هن السلاح الجديد للتنظيمات الارهابية والقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أي وقت اللواتي سطع نجمهن في "الدولة الاسلامية" بعد أن بهت لسنوات مع فلول "القاعدة". هن الانتحاريات... اللواتي بعن الدنيا واشترين الآخرة بحزام الموت كما يعتقدن، لكنّهن لا يرحلن وحدهنّ، فهدفهنّ جمع أكبر عدد من الضحايا وأخذهم معهن في رحلة النهاية.
ساجدة الريشاوي هي احدى القنابل الحيّة التي حاولت تفجير نفسها في حفل زفاف في عمان، مع ما سبقها وتلاها من انتحاريات تركن بصماتهن في عمليات ارهابية، ما يثير علامات استفهام. فإذا كان الانتحاريون يوعدون بحور عين، فبماذا توعد المرأة حتى تضحّي بحايتها؟ وكيف يغسل دماغها؟
"استعمال المرأة في العمليات الارهابية تقليد أوّل من سنَّه الأردني "أبو مصعب "الزرقاوي. وقد بدأ هذا التقليد مع تنظيم القاعدة في العراق منذ عام 2003 وليس في افغانستان، حيث لم تستعمل المرأة هناك في عمليات كهذه، ليتبعه عدد من الجماعات الارهابية الاخرى، سواء تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، أو التنظيمات المنضوية تحت رايته في ليبيا ونيجيريا والمناطق الاخرى"، بحسب ما قاله المتخصّص في الجماعات الاسلامية التونسي الهادي يحمد لـ"النهار"، والذي لفت إلى أن "تجنيد الفتيات لتفجير أنفسهن بدأ تاريخياً في فلسطين مع منظمات المقاومة، لكن استعمال المرأة هناك يتخذ طبيعة اخرى، فهو يدخل ضمن إطار العمل المقاوم، ليخرج بعدها من إطار المقاومة الى التنظيمات الارهابية".



لماذا طريق الموت؟
لا أحد يسلك طريق الموت برجليه وهو راض ومبتسم اذا كان بكامل قواه العقلية، فما هي الأسباب التي تدفع المرأة إلى سلوك هذا الطريق بإرادتها؟ عن ذلك شرح الخبير في الجماعات الارهابية التونسي علية العلاني لـ"النهار" فقال "الدراسات الأوليّة تشير إلى أن معظم الانتحاريات أو جزء منهنّ ينتمين لعائلات متأثّرة بالفكر السلفي وفي محيط اجتماعي هش، والسبب الثاني هو الفتاوى التي يُصدرها داعش، والتي تسمح بعمليات كهذه يعتبرها غير إرهابية بل فداء لدولة الشريعة، والسبب الثالث غسيل الدماغ الذي تتعرّض له المرأة، وهو ذاته الذي يتعرّض له الرجل".
وأضاف "هناك استدراج خاص للمرأة لإقحامها في الفكر السلفي في مرحلة أولى، وبعد ذلك جعلها تفدي حياتها من أجل هذا الفكر. وهذا يتطلب خبرة لدى الذين يستدرجونها. مع العلم أن نحو ثلث النساء يتم استدراجهن عبر الانترنت، لذلك ظاهرة الانتحاريات لم تعد مقتصرة على بلد دون آخر، يضاف إلى ذلك الاغراءات المادية وهي احد العناصر التي تستعمل لجلب الانتحاريات".


غلاف "مزور"
من المعروف أن "داعش" يغلّف كل فتاويه بغلاف ديني، فما هي الأسس التي يستند عليها لإقناع النساء برمي أنفسهنّ في الهاوية؟ عن ذلك أجاب العلاني "الآيات القرآنية تحرّم الانتحار سواء كان للرجل أو للمرأة، لكن هناك تخريجات فقهية لمنظّري التنظيم ولبعض غلاة الفقهاء، فهؤلاء يقدّمون قراءة جديدة لبعض الآيات والأحاديث الضعيفة، فهم يحاولون توظيف الجوانب التراثية المظلمة، والافكار التي تعود الى فقهاء متشدّدين تتماشى مع أغراض اللوبيات التي تقف وراءهم". واستطرد "يوجد حديث يستعمله "الجهاديون" بكثرة عن امرأة دافعت عن الرسول بسيفها في غزوة أُحد، المقارنة خاطئة حتى وإن ثبت تاريخيًّا صحّة الحديث، فلا يعني أنه تشريع لقتل النفس، فالرسول كان يقاتل أعداء الأمة، لكن فتوى "الجهاديين" اليوم أن كل من لا يؤمن بأفكارهم كافر".


مفارقة عجيبة
وكذلك أكد يحمد أنه "لا توجد نصوص دينية تشرّع العمليات التي يسمّونها استشهادية، والتي هي بالحقيقة عمليات انتحارية سواء للإناث أم للذكور، بل هناك تأصيل ديني لها كما أن الأمر ناتج من مبدأ التضحية والاستشهاد بالنسبة إلى هؤلاء، والمفارقة أنه في القراءة السلفية المتشددة تحتل المرأة مكانة أقلّ من الرجل في الحقوق والواجبات، لكنّها تستعمل في العمليات الارهابية كما يستعمل الرجل". وأضاف "غسيل الدماغ الذي يستعمل لإقناع مجنّدين رجال، يستعمل هو ذاته لإقناع النساء، لا بل ربما تكون عملية تطويع الانتحاريات أسهل بالنسبة إلى هذه التنظيمات، لأن المرأة مرهفة الحسّ حتى إن عملية استقطابها وإقناعها بالأفكار الدينية تكون اسهل. وقد شاهدنا تجارب عدة لتجنيد طالبات أو تلميذات أو نساء عاديات عن طريق النصوص الدينية والأحاديث التي تدفع إلى الجهاد والتضحية".


الوعد المنشود
في الوثيقة التي أصدرها "داعش"، والتي اعتُبرت دستورًا للمرأة في دولته، سمح لها بالعمل في بعض المهن، فكما يمكنها مثلاً أن تصبح طبيبة أو معلمة، كذلك يمكنها مشاركة زوجها في الجهاد "إذا اقتضى الأمر"، على ألا يفوق قدراتها، ولا يزيد عدد الأيام التي تعمل فيها عن ثلاثة أيام أسبوعياً وفقاً لظروفها الأسرية. لكن السؤال اذا كان الرجل يوعد بحوريات في حال استشهاده، فبماذا توعد المرأة لتُقدِم على خطوة "الجهاد"؟ عن ذلك رد العيلاني "المرأة تشفع لخمسين من أهلها. فالتنظيمات الإرهابية تقاس على حديث أن الشهداء يشفعون لخمسين من أهلهم. تعسف في التقويل لا علاقة له بالنص الديني، فهناك اختلاف في معنى الشهيد والاستشهاد من أجل فكرة متطرفة".


لا للتشبيه
لعدم الخلط بين العمليات الاستشهادية التي نفّذتها فلسطينيات والعمليات الانتحارية، قال ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة لـ"النهار" عمل بطولي مشاركة المرأة في مقاومة الاحتلال ولا نعتبره انتحارًا، فهي لا تستشهد في معارك داخلية، أو تقاتل أصدقاء أو حلفاء الأمة، بل تقاتل عدو الأمة، وأول عملية استشهادية لفلسطينية قامت بها وفاء ادريس من حركة فتح في كانون الثاني 2002 خلال انتفاضة الأقصى، والعملية الثانية كانت في شباط من السنة نفسها، وقامت بها الاستشهادية دارين أبو عيشة من حركة حماس، بعدها قامت هبة دراغمة في آيار 2003 من سرايا القدس الجهاد الاسلامية بعملية استشهادية، لتليها المحامية هنادي جربات والام ريم الرياشي، ومريم النجار من حماس وغيرهن الكثيرات".


عمل فدائي
بركة لفت إلى أنّ "مشاركة المرأة الفلسطينية في المقاومة هي أمر طبيعي، فبعد تشديد الاسرائيلي إجراءاته على الشباب الفلسطيني وعلى العمال الذين يدخلون الى الاراضي المحتلة، تقدمت المرأة الفلسطينية للمقاومة ونفّذت عمليات استشهادية دفاعًا عن شعبها والارض والمقدّسات، واليوم في الانتفاضة الثالثة التي بدأت منذ تشرين الأول نجد الكثير من النساء يقمن بعمليات طعن للصهاينة والمستوطين في القدس والضفة الغربية".
وأضاف "في حين لا يملك الشعب الفلسطيني صواريخ تصل إلى العدو، فهو يحمل القنبلة في جسمه وحقيبته، ويدخل بها الى عمق العدو ويضرب أعدائه، لذلك عندما امتلكت المقاومة الفلسطينية الصواريخ تراجعت العمليات الاستشهادية".
ما تقوم به المرأة عمل فدائي بحسب بركة، و"الامام علي رضي الله عنه نام في سرير الرسول عندما أرادت قريش قتله، وكان يعلم ان كل من ينام عليه سيُقتل، فهل هذا انتحار؟ كلا ليس انتحاراً، بل عمل فدائي فقد فدا الرسول اذ كادت السيوف تنزل عليه".


علامة ضعف
بإرادتهن يكتبن نهايتهنّ غير آبهات لما ينتظرهن لكن كما قال يحمد "تبقى ظاهرة الانتحاريات محدودة في الزمان والمكان، واللجوء إلى استعمال المرأة في العمليات الانتحارية هو علامة ضعف لدى التنظيمات الارهابية، سببه عدم القدرة على تجنيد الرجال". لكن كلما ضاق الخناق على هذه التنظيمات، سنرى المزيد من الانتحاريات يغزين الساحات ويقضين على أرواح الناس!


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم