الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بوتين الخطّاف

امين قمورية
بوتين الخطّاف
بوتين الخطّاف
A+ A-

قبل ان تبدأ مقاتلاته الجوية غاراتها في سوريا، تجاوزت شعبية بوتين بين الروس حاجز الـ 89 في المئة تبعا لاستطلاع للرأي أجرته منظمة "ليفادا - سنتر" غير الحكومية.. وهو على الارجح رقم لم يبلغه أي من القياصرة السابقين. ومن سوء حظ اوباما ان فترة ولايته الرئاسية تزامنت مع وجود "سارق قلوب وعقول" في الكرملين فخطف منه كل الألق والنجومية اللذين كانا متوقعين له بعد فوزه المدهش في انتخابات 2008، لا بل وضعته مجلات عالمية مرموقة ومراكز شهيرة مرات عدة في صدارة ترتيب رجال العالم الاكثر نفوذا.


بوتين يذهب الى الحرب حاميا ظهره في بلاده، ويبرر شنها بخطاب متماسك له اسبابه ورؤيته. فهو واضح تماما يعرف من هو حليفه في سوريا ومن هو خصمه، في حين أن أحدا لا يعرف من هو الصديق الحقيقي لاوباما في الشرق الاوسط ولا من هم خصومه. موسكو تربطها بسوريا معاهدة دفاع مشترك، ومع ذلك كانت آخر من تدخل عسكريا في سوريا وقد سبقها في التدخل الاميركي والفرنسي والتركي والخليجي والايراني والشيشاني والاويغوري وكل متطرفي الارض. وربما ما كانت لتتحمس للدخول لو لم تصبح طرطوس، قاعدتها البحرية اليتيمة خارج روسيا، في مرمى نيران "ابو الفتح الشيشاني" وامثاله الذين يهددونها في موسكو نفسها. روسيا خدعت مرتين في العراق وليبيا واذا تكررت الخديعة تخسر كل شيء في لعبة المقامات الدولية.
دخولها الحاسم يعطيها الكلمة الفصل في الجزء السوري الذي يسيطر عليه حليفها النظام، ومع ذلك تدخل محاطة بأصدقاء يرون مثلها ان خروجهم من سوريا يعني خروجهم من لعبة الامم، اولهم الايراني. كما تدخل وسط ترحيب من اقليات تنشد الحماية لاسباب مفهومة. لكن القصف الجوي وحده لايفيد الا باقامة منطقة خضراء في سوريا على غرار المنطقة الخضراء التي اقامتها واشنطن لحماية حلفائها العراقيين في بغداد، لا بل قد يشكل هذا القصف عنوانا للمتضررين لجذب كل عتاة التعصب السني على وجه الارض الى الجزء الاخر من سوريا لمحاربة الحلف الارثوذكسي- الشيعي – العلوي في الشام "أرض المحشر والمنشر".
صحيح ان العسكرة الروسية محفوفة بالمخاطر. لكن روسيا التي لا تزال تئن تحت وطأة التجربة الافغانية المرة، لا بد وان تحسب الف حساب قبل التورط. خطوتها الجريئة غيرت بسرعة قواعد اللعبة في الشرق ومن شأنها ايضا ان تحقق توازنا مفقودا في العلاقات الدولية او حافزا للبحث عن حل سياسي للازمة السورية بعدما تحولت ازمة لاجئين وازمة انسانية. فأي تحول ميداني يحدثه الروسي قد يكون جاذبا للآخرين الى طاولة المفاوضات حتى لا يخطف بوتين سوريا او ربما الجوار ايضا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم