الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تحية للمشهد الرائع رغم شبان الشغب

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
تحية للمشهد الرائع رغم شبان الشغب
تحية للمشهد الرائع رغم شبان الشغب
A+ A-

كنا نأمل بينما نوجز مشهد اليوم الرائع، ألا يستوقفنا حدثٌ سوى حناجر الناس. لا شبان يفسدون الجوّ بهتافات حزبية وهم عراة الصدر، ولا إشغال النار في الزوايا ومناطحة الشريط الشائك. منذ ليل أمس والشاشات تنقل إلى الجمهور روح الثورة والحماسة التي نشتاق في النفس. توزّعت الكاميرات، وأسرع المراسلون إلى سؤال الشعب عن أحواله وأوجاعه ورغبته في الأفضل. وجد الجميع في الكاميرا منبراً لوجودٍ ما خارج التهميش الذي تورثه الأوطان المُهانة لأبنائها. إلا أنّ بعض الشبان ليلاً كادوا يُرسلون نُبل التحرّك إلى غير اتجاه.


تبنّت المحطات مطالب الحملة، ورفعت "أل بي سي آي"، كما "أم تي في" هاشتاغ #طلعت_ريحتكم عالياً. كما دائماً، المنافسة بين المحطتين في الذروة. كلاهما اتخذ من #وسط_بيروت مكاناً ثورياً عوض يوميات الستوديو، واستمرّ النقل المباشر من الصباح حتى الليل. "أن نصنع الأمل مما بعد اليأس"، قال الياس خوري لندى اندراوس في وصف الحراك، ضمن حلقة التغطية الخاصة بعد التظاهرة. بيد أنّ الشاشة قُسمت، ولم يكن المشهد وحده لنقمة حنا غريب وشربل نحاس. في الجزء الآخر من الصورة، ثمة ما يحترق. شبانٌ ربما أرادوا إفساد إحدى اللحظات التاريخية البديعة: الانتفاض خارج الطائفة. هرعوا إلى #رياض_الصلح يهتفون باسم الزعيم ويمارسون عادة الصبية في لفت النظر. أثاروا الخوف من أن يُصاب التحرّك بالخراب ولا تُؤخذ رؤياه في الاعتبار. استعاد اللبنانيون اليوم دور الشارع بالضغط على الساسة فيشعرون على الأقل بوجودهم المهدّد. ضخّت المحطات في المُشاهد رغبة #لبنان في تصدير إحدى اللوحات الأنيقة إلى العالم، مُرفقة دائماً بصوت الحناجر الصادقة. رافقنا مسار الحالمين خطوة خطوة، من اعتصام الخامسة بعد الظهر أمام وزارة الداخلية، بحماسة إلى #ساحة_الشهداء. الصورة من فوق تُرخي بهجة، والأعداد إلى تزايد كأنّ لبنان في حال صحو. لم نكن لنرغب في قراءة خبر يقوّض مشهداً بهذا الفرح الصارخ. وإنما "أو تي في" أوردت في أسفل الشاشة عاجلاً مفاده أنّ فريقها تعرّض للاعتداء من بعض المتظاهرين. لم يكن للتوتر أثر في حينها، وإن حدست "المستقبل" بأنّ مكروهاً سيقع، وراحت المراسلة تستحضر احتمالاً أسود. لم تلتحق "المنار" منذ الصباح بجوّ الأرض، شأنها كـ"تلفزيون لبنان" النائي بنفسه في المصائر. عوض صوت الشارع، ارتأت "المنار" الاكتفاء غالباً بالصورة ومَنْح الكلام لضيوف يجيدون ربط الديموقراطية بالمقاومة. "أن بي أن" أيضاً في الشارع، قسمت بدورها الصورة بين الشريط الشائك أمام #السرايا وتجمّع الناس في الكادر الآخر. يومٌ لعلّه خيّب توقعات راهنت على الشرذمة وفوضى العنف. استمرّ الإعلام ناقلاً الصورة على وتيرة واحدة، لم يجد ما يخترق به تشابه المشهد. شبان القمصان المنقولة من الصدور إلى الوجوه أربكوا صفاء التغطية. وإلا لاكتفينا بنورهان (فنانة ربما) وهي تمنّن الشعب بالنزول إلى الشارع من أجله، وحياتها في الغربة نعيم. ضرورات الشهرة تتطلّب أحياناً رفع حجم التضحية.



[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم