الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل يتراجع معالي الوزير؟

المصدر: "النهار"
إيلده الغصين
هل يتراجع معالي الوزير؟
هل يتراجع معالي الوزير؟
A+ A-

انتظرنا أن يمحو فجر اليوم ظلامية ما ارتُكب أمس بحق مواطنين من مجوعة "طلعت ريحتكم"، اعتقلوا في ساحة المطالبة بحقّ اللبنانيين كافة في بيئة نظيفة تُرفع منها النفايات ولا تذهب بها السمسرات إلى مطامر ومحارق لا تستوفي الشروط، لكن اليوم الأربعاء شارف على نهايته ولا يزال من اعتقلوا رهن التحقيق. عُرف منهم كلّ من طارق الملاح وبلال علّوه وآخر من آل يزبك فيما شاب رابع لم تعرف هويته حتى الآن. هؤلاء اعترضوا سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ورموها بالنفايات مردّدين عبارات أكثرها عزفاً على الوتر "حرامي".


لم يمرّ الاعتداء من دون شحذ الهمم لإعادة الاعتبار إلى هيبة الدولة! تضافر السياسيون وفئة من اللبنانيين للتضامن مع درباس، لأنه بنظرهم ليس من فئة "الحراميّة". اهتزت هيبة دولتنا أمس على أيدي ناشطين مدنيّين لا يملكون سوى أكياس نفايات تركها المعنيون تتراكم أطناناً على أطراف الشوارع. لم يتعرّف درباس سوى على وجه الملاح، ذلك الشاب الذي رفع صوته عالياً وفضح ارتكابات دار الأيتام الإسلاميّة، الشاب الذي تجرّأ على القول "أنا اغتُصِبت خلف جدران تلك الدار". جرأة الملاح لم ترق لسياسيين ينتفعون من "الأيتام الإسلاميّة". لم يفتح وزير الشؤون تحقيقاً بارتكابات موثّقة بالصوت والصورة ولم يكترث لما يتعرّض له هؤلاء، بل انتظر الفرصة المؤاتية ليعاقبه على جرأته... فكان تجمّع "طلعت ريحكتم" الظرف الأنسب لاعتقال الملاح.


هل كان درباس مقصوداً؟
على الأثر، تجمّع صباح اليوم رفاق طارق والمعتقلين الثلاثة معترضين على عملية الاعتقال أمام قصر العدل، بانتظار ساعة الافراج. في حين أكّد المشاركون في الحملة المدنية أنهم لم يتقصّدوا درباس بل سيارة تحمل لوحة حكومية، مثلما كانوا سيتعاطون مع أي سيارة تمرّ قرب تحرّكهم في ساحة رياض الصلح.
بداية، ظنّ رفاق طارق أنه ذهب لشراء الطعام، غير أن القوى الأمنية التي لم تلقِ القبض عليه أثناء التجمع استفردت به واعتقلته حين تفرّق الشمل. الأمر الذي أكّده لـ"النهار" أحد شهود العيان قائلاً "شاهدت القوى الأمنية تعتقل اثنين من الناشطين أثناء عودتهما من تحركنا من منطقة الإسكوا إلى رياض الصلح". فور شيوع النبأ حاول الجميع الاتصال بالمفقودين، سألوا القوى الأمنية التي أعلمتهم أنهم كانوا لديها ثمّ أطلقت سراحهم، فيما الشباب باتوا ليلتهم لدى "المعلومات".
المحامي نزار صاغية، وكيل الملاح، مُنع من الاتصال به، بما يخالف المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائيّة. اعترض صاغية على اعتقال شعبة المعلومات لموكله خصوصاً أنها لا تملك صلاحية الضابطة العدلية المولجة التعاطي مع ملفات مماثلة. وفي حديث لـ"النهار" أشار صاغية إلى "أن عمل شعبة المعلومات راج في وقت الاعتداءات الإرهابية، ومن غير القانوني أن يسري على قضية طارق أو القضايا المشابهة". سائلاً عن مدة التحقيقات التي "استمرت أكثر من ثماني ساعات فيما القضية متعلقة بتحرك مطلبي سببه أزمة النفايات".
إلى ذلك، استحصل صاغية على تطمينات بعدم التعرّض لملاح ورفاقه بأيّ أذًى جسدي، من دون معرفة طبيعة الاتهامات الموجّهة إلى الملاح، وإن كانت تشمل القدح والذمّ بِحقّ درباس أو سواه. لافتاً إلى "تخوفه من اتجاه القضية بعد تصريحات درباس إلى تصفية حسابات نشبت أساساً بينه وبين الملاح على خلفية قضية التحرش والاغتصاب داخل دار الأيتام الإسلامية".


على من يمارس الوزير سلطته؟
أشيع أن التحقيقات ستستمرّ لستة أيام، الأمر الذي دفع المتضامنين مع طارق ورفاقه إلى تنظيم تجمعٍ ثان عند السادسة مساء اليوم، أمام مبنى وزارة الشؤون، مطالبين بالافراج عن رفاقهم ومعترضين على مجريات التحقيق. وفي هذا السياق يقول جورج عازار، أحد الناشطين المشاركين في حملة "طلعت ريحتكم"، "إنهم يستغربون أن تأخذ التحقيقات كلّ هذا الوقت على خلفية رشق موكب بقناني مياه فيما البلد مليء بالنفايات". ويضيف "هذا التعاطي السياسي يهدف إلى حرف قضيتنا الأساسية أي أزمة النفايات عن مسارها"، معتبراً "أن أقلّ ما يمكن الناس القيام به هو التحرك بهذه الطريقة في الشوارع وهذا حقّنا".


إلى الآن، يبدو أن درباس مصرّ على أخذ حقّه من مجموعة شباب غاضب بينهم الملاح الذي تعرّف إلى وجهه. سيأخذ الوزير حقّه عبر شعبة المعلومات التي لا علاقة لها بهكذا تحقيقات، سيمارس نفوذه لمنع الملاح من الاتصال بموكّله، وسيكثّف إطلالاته الإعلامية للردّ على محامي الملاح وسواه... لكنّه طبعاً لن يستطيع والحكومة مجتمعة إيقاف ما بدأه أولئك الشباب من تحركات لحلّ أزمة النفايات.


نُقارن بين ما حدث أمس وما حصل مساء السبت الماضي حيث أوقفت مجموعة "طلعت ريحتكم" موكب قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز حين مرّ بجانب اعتصامها ظنّاً منها أنه أحد الوزراء. لكن روكز ترجل من سيارته وحيا المعتصمين ومنع مرافقيه الذين انفعلوا لحمايته –وهم من خيرة الفوج الذي يقوده- من التعرض للشباب كما رفض اعتذارهم قائلاً "ولو إنتو ولادي"! فهل لمعالي الوزير درباس، أن يقف وقفة روكز نفسها ويقول لملاح "أنت ولدي وأقف بجانبك لفتح تحقيق عادل في قضية اغتصابك في دار الأيتام"؟!


[email protected]


Twitter: @ildaghssain

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم