الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قصص شبان نبذوا التطرف قبل الوقوع في الفخ

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
قصص شبان نبذوا التطرف قبل الوقوع في الفخ
قصص شبان نبذوا التطرف قبل الوقوع في الفخ
A+ A-

"أحمد" واحد من عشرات وربما المئات نت الشبان الذين يعيشون في الغرب وكانوا ينوون الالتحالق بالجهاد في باكستان أو أفغانستان أو سوريا أو العراق، ونجحت منظمات أو مراكز اعادة تأهيل في اقناعهم بالعودة الى صوابهم.
أحمد، الدنماركي الذي يبلغ السنّ الخامسة والعشرين، روى لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" أحداث طفولته " العادية"، وصولا الى عمر المراهقة، عندما "طرق التغيير" باب حياته خصوصاً بعدما تعرّضه لمضايقات من رفاقه في المدرسة تتعلّق بأقوال عن رجم النساء في الاسلام وعقوبات الجلد وغيرها." وفي تلك السن، كان حادّ الطباع ولم يكن يجيد النقاش بطريقة صحيحة، حتى شكاه مدير المدرسة الى الشرطة التي أخبرته أنّ أصدقاءه خائفون منه بسبب سلوكه المتطرّف.
شعر أحمد في حينه بأنّ المجتمع الذي يعيش فيه عنصريّ، و كانوا" يسمّونني إرهابيّاً". وعندما أخبر قصته الى أصدقائه المسلمين، اتفقوا جميعاً على قضيّة نفاق المجتمع الغربي في ما يتعلّق بالاسلام. فانكبّوا على مشاهدة العديد من أفلام الجهاديين، حتى جاء احدهم وأقنعه بالذهاب الى باكستان.
استدعاه رجال الشرطة للتحقيق ثانية وحولوه الى مراكز في مدينة آرهوس يضمّ مشروعاً يهدف الى منع الشبان المسلمين من الانضمام الى التنظيمات الارهابية. المشروع يبدو ناجحا :ففي مقابل ثلاثين شخصاً سافروا الى سوريا عام 2013 مقابل شخص واحد فقط عام 2014 .هناك، التقى أحمد محمود الذي نجح وإن بعد جهد في اقناعه بأنّه ذاهب الى مكان خطير سيؤذيه هو فقط في نهاية المطاف.
"لم يطلب منّي ألّا أكون مسلماً. طلب منّي أن أكون مسلماً خيّراً لا يؤذي أشخاصاً أبرياء." وقال لي: " بامكاني أن أكون داعماً لمجتمعي لا عبئاً عليه".
بدا واضحا من سياق الحديث أنّه لولا تلك اللقاءات لكان أحمد صار في باكستان وربما في العراق أو سوريا.
ليس أحمد الذي يتابع حاليا دروسه الجامعية الوحيد الذي عدل عن طريق الارهاب في اللحظة الاخيرة. ثمة قصص كثيرة عن امثاله، وإن تكن القصص الاكثر لا تزال عن شبان وشابات يرمون بنفسهم في أتون الحروب بحثا عن مغامرة أو ثأر أو لاعتقادهم خطأ أنهم يؤدون واجيا دينيا.
ابو منتصر عرّاب الجهاديين البريطانيين كما تصفه صحيفة "الغارديان" والذي عمل على تأمين العشرات من المقاتلين لتنظيمي "الدولة الاسلاميّة" و"القاعدة" يبدي ندمه لفتحه الابواب أمام شبّان مسلمين للدخول في هذه المتاهات.
يعرض الموقع الالكتروني للصحيفة البريطانية وثائقيّاً يعلن فيه ابو منتصر (55 سنة) ومتطرّفون آخرون ندمهم على أفعالهم السابقة مع استعدادهم لمساعدة آخرين على تجنّب الوقوع في نفس الفخ.
يبدو أبو منتصر منتحباً في الوثائقي المعروض حين يخبر عن فظائعه في بلدان عدّة كالبوسنة وميانمار وافغانستان. "لقد ألهمت وموّلت واشتريت أسلحة لا لسنة واحدة بل لخمس عشرة الى عشرين سنة. لماذا لم يتمّ توقيفي؟ لا أعلم". وأكّد أنّه حين كان في غابات ميانمار اكتشف أنّ ما يحصل لم يكن حرباً مقدسة بل مجرّد مذبحة واستغلال لشبّان مسلمين. "عندها أدرت ظهري للعنف. إذا أراد الناس نعتي بالجبان، فلا بأس، أنا جبان." يكمل ابو منتصر.
وإعراباً عن ندمه الحقيقي أسّس الرجل نفسه منظّمة "جيماس" التي تعمل على نشر الافكار القويمة عن الاسلام. ويؤكّد على أنّه حان الوقت كي نسأل عن سبب إقدام أبنائنا على تفجير أنفسهم من أجل "أفكار خاطئة وحروب غير قابلة للحسم".


"الكراهية " يقول تلميذ لأبي منتصر "فيروس حقنّاه في جيل بكامله وقد انتشر الآن." التلميذ هذا، آلياس كرماني يضيف أنّ هنالك عوامل كثيرة تؤثّر على المسلمين وغير المسلمين. فالشبّان يريدون تغيير العالم وأن يكونوا محبوبين ومتمتّعين بحسّ الانتماء.


كارماني أكّد لل"اوبزورفر" أنّ الجهاد هو "الروك اند رول" الحديث. الولد الذي كان منبوذاً أصبح قويّاً بالسلاح الذي هو عنصر جذب جنسي بالنسبة للبعض كسيّارة الفيراري بالنسبة للبعض الآخر. ويلوم في الختام الاهل لأنّهم لا يصغون الى مشاكل اولادهم.


من الارهاب الى مارتن لوثر كينغ


مصطلح "deradicalization" الذي صار منهجاً تتبعه دول أوروبيّة لإزالة التطرّف من نفوس المغرر بهم، بات واسع الانتشار في الولايات المتحدة أيضاً. عبد الله يوسف الذي ألقت القبض عليه اجهزة الامن الاميركيّة وهو في طريقه للقتال الى جانب المتطرّفين، أرسل الى أحد المشاريع المشابهة ذات الطابع الاصلاحي.
صحيفة "الوول ستريت جورنال" تقول إنّ هذا المركز يشبه أربعين مركزاً مماثلاً حول العالم في اوروبا والشرق الاوسط ودول جنوب شرق آسيا. وذكرت أنّ في السعوديّة مشروعاً لإزالة التطرّف من نفوس من يبدون استعداداً لهذا السلوك، بدأ العمل به منذ عقد من الزمن.وتنسب الى المتخصصة بشؤون الارهاب في جامعة هارفارد جيسيكا ستورن أنّه:"يمكن للسعوديّة أن تساهم في أمور لا نستطيع المساهمة بها هنا في مينيسوتا".


عن يوسف عبدالله، يقول أمين، أستاذ التاريخ والناشط في مركز إعادة تأهيل المتطرفين داخل مينيابوليس، أنّ هذا الشاب ذكي، وقد تحوّل الى حبّ قراءة مارتن لوثر كينغ والكتب التاريخية والدستورية والادبيّة التي يناقشها معه.
وكيل يوسف يلفت الى أن "كثيرين يقولون أنّه علينا سجن هؤلاء جيّداً وعدم إعطائهم فرصة أخرى" لكنّ موكّله يظهر" أنّه حقّاً هنالك أمل".
وعلى رغم نجاح هذه المراكز في تجارب عدّة، إلّا أنّ المتخصصين في شؤون إزالة التطرّف يعانون من مشاكل لافتة تتعلّق بنقص في بعض المعطيات، ومن عدم تسليط الضوء على الاختلافات الثقافية داخل كل بيئة، مما يجعل صعباً عليهم معرفة العناصر التي يجب تأييدها وتطويرها في هذه المشاريع وتلك التي يجب التخلّص منها.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم