الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"إمّا أن تعيد لي حبيبتي أو ستلحق بها"... مصير مرير بانتظار ندى!

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
"إمّا أن تعيد لي حبيبتي أو ستلحق بها"... مصير مرير بانتظار ندى!
"إمّا أن تعيد لي حبيبتي أو ستلحق بها"... مصير مرير بانتظار ندى!
A+ A-

من الحبّ ما قتل، وأضاع عقولاً وفرّق أحباباً، فالحبيبة توفيّت، والحبيب حيّ يرزق، وشقيقته مشروع ضحيّة قد تلحق بالحبيبة بين لحظة وأخرى. لسنا أمام قصّة خياليّة أو مسلسل تلفزيوني جديد، بل أمام واقع مرير تذوق ندى المصري مرارة فصوله يومياً، فهي طردت من ضيعتها حورتعلا، ورميت خارج منزل والدها. تعيش في غرفة لا تليق ببشر، تتعرّض للضرب دورياً، وتتلقى تهديدات بالقتل يومياً.


تعمل ندى (47 سنة) منذ 35 عاماً لتعيل والدها وعائلتها، فبعد زواج شقيقاتها ووفاة شقيقها الأكبر، تبدّلت حياتهم، ثمّ انقلبت رأساً على عقب بعد مشكلاتها مع شقيقها الأصغر. كانت ندى تعمل في بيروت وتذهب أسبوعياً إلى حورتعلا، تنظّف المنزل لشقيقها، تغسل، وتكوي ملابسه، وتحضّر له الطعام، لم تظنّ يوماً أن من يفترض أن يكون سندها في الحياة سيتحوّل جلّادها.


"إمّا أن تعيديها أو تلحقين بها"
بدأت مشكلة ندى مع شقيقها منذ أربع سنين عندما تعرّف إلى فتاة وأحبّها وأرادها زوجة له، تقول ندى لـ"النهار": "تعرّف أخي محمد إلى فتاة من طائفة أخرى وأحبّها إلى درجة الهيام، طلب يدها لكن أهلها رفضوا بسبب الاختلاف في الدين، ومع إصراره على الزواج منها وبسبب مشكلات كثيرة تولّدت في العائلة، بتّ أنا كبش المحرقة، قالوا له إنهم لن يعطوه ابنتهم بسببي لأنني أتكلّم بالسوء عنها، علماً أنني لم أتصل بهم يوماً ولم أحدثّهم".


هكذا بدأت رحلة عذاب ندى وخوفها المستمرّ على حياتها. جنّ جنون محمد، رفض تدخّل أي أحد بحياته وإبعاده عن حبيبته، ولم يجد سوى شقيقته للانتقام، خصوصاً بعدما توفيت حبيبته بحادث ظلّ غامضاً. تتابع ندى: "حاول كثيراً الزواج من الفتاة لكن أهلها رفضوا، فكنت أنا فشّة الخلق، كان يضربني ويعذّبني، وعندما توفيت حبيبته المفترضة جنّ جنونه، طردني من منزل أبي وحرق أغراضي ورمى ثيابي، وراح يهدّدني بالقتل، اقتربت من الموت مراراً ولكن الله رحمني وتلطّف بي، ضربني مرّة على رأسي وظهري، ويهدّدني يومياً قائلاً: إمّا أن تعيديها من الموت أو تلحقين بها".
رحلة عذاب مستمرّة
بعدما طردها شقيقها من حورتعلا، انتقلت ندى للسكن في حيّ السلّم في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، تعيش مع والدها الذي لم يتدخّل يوماً للدفاع عنها، فبعد موت ابنه البكر لن يفرّط بوحيده وحامل اسمه من أجل أخته، إنها العقليّة الذكوريّة التي تدفع نساؤنا ثمنها حياتهن وكرامتهن الإنسانيّة.


"يبدو أن والدي متكاتف معه، حرمت من كلّ شيء وبت على الطريق، طردني من البيت الذي اشتريت كلّ أغراضه، وها أنا لا أستطيع تأمين ثمن دوائي". تتابع ندى: "نعيش أنا وأبي في غرفة صغيرة، أنا مريضة، كنت مصابة بسرطان في الصدر، وأخذ دواءً دائماً، ولديّ فحوص دوريّة عليّ الخضوع لها، أقوم ببعض الأعمال الحرفيّة أربعة أيّام في الأسبوع وأتقاضى 160 ألف ليرة أسبوعياً، بالكاد تكفي إيجار البيت ومواصلات وطعام".


تقدّمت ندى بأكثر من شكوى، وتنازلت عنها بعدما تعهّد شقيقها بعدم التعرّض لها، لكنّه سرعان ما يعاود تهديدها، تعيش برعب دائم وخوف على حياتها، فهي لمحته مرّات عدّة يراقبها، ويحاول التربّص لها. وتقول: "طُلب مرات عدّة إلى المخفر، بعدما تقدمت بشكاوى أمام النيابة العامّة، ولكن من دون نتيجة، أخيراً تنازلت عن الدعوى بعدما وقّع تعهداً بعدم التعرّض لي، لكنه لم يرتدع، فهو لا يخاف من شيء ولا يهاب لا الدولة ولا رجال الأمن".


سأخذ حقي منها!
لا ينكر الشقيق تهديده لشقيقته، ولا يتوانى لحظة عن تأكيد نيّته التخلّص منها، بحسب ما يقول لـ"النهار": "أبلغ السادسة والثلاثين من عمري، ولن أقبل أن يقف أحدٌ عائقاً أمام حياتي الخاصّة، لقد كانت السبب لعدم زواجي ممن أحبّ، لن أرتاح قبل أن تلقى النصيب نفسه الذي لاقته حبيبتي. لقد توفيت بعدما أصيبت بنزيف في الرأس نتيجة المشكلات الكثيرة التي حصلت معنا، لقد اشتكت عليّ مراراً أمام المخافر، رجال عائلتنا لا يدخلون إلى المخافر وهي أدخلتني إليها. لن أسامحها، فلتشتكي عليّ للدولة وللإعلام، لكنني سأخذ حقّي منها. لقد تشاجرت مع العائلة كلّها وسأمنع أياً كان من التدخل في حياتي".


تقدّمت ندى بشكاوى عدّة أمام النيابة العامّة، ثمّ تنازلت عنها، فهي بحسب ما تؤكّد تريد الصلحة مع أخيها لا زجّه في السجن، تريد أن يكفّ عن تهديدها وأن يقتنع بأن لا علاقة لها بعدم زواجه من الفتاة التي أحبّها، لجأت إلى جمعيّة "كفى عنف واستغلال" حيث فتح ملف لها، ثمّ أحجبت عن متابعة قضيتها، فيما تؤكّد الجمعيّة لـ"النهار" أن أبوابها مفتوحة لندى لمتابعة القضية متى شاءت، فالقانون 293 يكفل لها حقوقها، ويتيح لها الحصول على قرار حماية.


لا تبدو القوانين المرعية كفيلة وحدها بحماية النساء من أي عنف يتعرّضن له، ولا يبدو أن الجمعيّات النسويّة قادرة وحدها على مساندة النساء وضحايا العنف، المشكلة الحقيقيّة تكمن في مكان آخر، تكمن في التربيّة أولاً والتشدّد في تطبيق القوانين ثانياً.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم