الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

السويداء أمام ساعة الحقيقة

علي حماده
A+ A-

في أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة قفز الى الواجهة واقع الموحدين الدروز السوريين الحساس، فبعد جريمة بلدة قلب لوزة في ادلب التي ارتكبتها مجموعة من "جبهة النصرة" يقودها مسؤول تونسي، أدى اقتراب الثوار في الجبهة الجنوبية من حدود محافظة السويداء إثر سقوط اللواء ٥٢ التابع لجيش النظام، ومحاصرة مطار الثعلة العسكري الواقع داخل المحافظة، وبدء ظهور علامات جدية على انهيار النظام التام في المحافظات الجنوبية... أدى ذلك كله الى ارتفاع منسوب التوتر في صفوف الطائفة التي جرى زرع الخوف في صفوفها من الثورة والثوار، تارة على وقع ارتكابات تنظيم "داعش" المطل من خلف الحدود مع البادية، وطوراً عبر ضخ من منتسبين الى النظام. وأدى تزامن حادثة ادلب واقتراب الثوار من السويداء الى تعقيد الامور، وحصول موجة ارتباك مردها الى اقتراب ساعة الحقيقة، على قاعدة ان الكل بات مدركا ان النظام يتهاوى، وان بشار ما عاد جزءاً من حاضر سوريا ولا مستقبلها، وان المجتمع الدولي من أوروبا والى أميركا وروسيا بات في صدد البحث الجدي في تفاصيل مرحلة ما بعد خروجه من دمشق.


هذا معطى جديد أمام أبناء جبل العرب، فقد أمضوا الاعوام الاربعة السابقة في المشي بين "حبات المطر"، من خلال المواءمة بين موالاة غير شاملة للنظام، وتعاطف معنوي وانساني وميداني مع الثورة لا سيما مع ابناء المحافظة المجاورة لدرعا. طوال اربع سنوات شكل "الانقسام الخلاق" في السويداء بين من موالاة النظام ومساعدة الثوار الدرعاويين انسانياً وإغاثياً نوعاً من ضمان يساعد في بقاء قدر من الاستقرار في المحافظة، تقي الدروز شرور النظام من جهة، وانتقام الثوار من جهة. وفي مراحل عدة من الصراع في سوريا كنا نشهد تقدماً لخيار على آخر، وبالعكس بحسب التطورات الميدانية. لكن الحقيقة ان الدروز هناك، على انقسامهم، حاولوا طوال تلك المدة ان يخففوا ثقل الصراع على الطائفة فلا يقدموا لبشار جميع شبانهم القادرين على حمل السلاح، ولا ينساق مؤيدو الثورة بينهم الى ما يتعدى الدعم الطبي والتمويني، وفي بعض الاحيان استقبال ناشطين من درعا سراً.
حتى الأمس القريب، قيل ان الخيار "الوسطي" هذا جنّب الدروز الكثير من أهوال الصراع. فمقارنة بالعلويين المرتبطين عضوياً بالنظام سقط من أبناء السويداء ألفاً وثلاثمئة قتيل قاتلوا في صفوف النظام بينما سقط من العلويين في المرحلة عينها ما يقارب ستين ألف قتيل أو أكثر. ولكن مع خروج النظام من ثلاثة أرباع سوريا، ووصول تنظيم "داعش" الى وسط البلاد، وتقدم فصائل المعارضة شمالاً وخصوصاً في إدلب، بات اهل السويداء أمام استحقاق الحسم بين خيارات معقدة، ولا سيما ان المعادلة التي استمرت أربعة أعوام انتهت على أساس أن بقاء النظام في السويداء بموافقة أهلها مؤداه الى الصدام المحتوم مع الثورة والجوار. ولذلك أتت ساعة الحقيقة للاختيار بين الحياة الوطنية المشتركة مع الغالبية السورية، وبين النظام الذاهب الى جهنم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم