إنها مرحلة "اللعب بالنار" على حد قول البعض، تزامناً مع بدء تلويح "حزب الله" بالدخول إلى جرود عرسال، وتكمن خطورة مثل هذا الفعل في ثلاث نقاط: الأولى، أن عشائر عرسال سيشعرون بانتهاك أرضهم، دون أن يدرك أحد حجم ردّ فعلها. والثانية، أن مقاتلي المعارضة بدأوا بالتلويح بورقة العسكريين المخطوفين. والثالثة، هي زجّ الجيش اللبناني في معركة مباشرة مع مقاتلي المعارضة، وتحميله عبءًا لا ناقة له فيه ولا جمل.
ومنذ انتهاء خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مساء الأحد، وقوله: "إذا الدولة لم تتحرّك بخصوص جرود عرسال فإن أهالي البقاع وبعلبك لن يقبلوا بوجود أي ارهابي" فإن العين تتركز على عرسال، خصوصاً أن قوى "14 آذار" اعتبرت كلام نصر الله دعوة ضمنية للتسلّح واستخفافاً بقدرات الجيش.
دخول الحزب إلى الجرود
وارتفعت المخاوف اليوم من دخول "حزب الله" الجرود، إذ أكّدت مصادر سورية معارضة لـ"النهار" ان ""حزب الله" دخل جرود عرسال من ناحية جرد نحلة والرهوة، واصبح في موقع بين الجيش اللبناني و"جيش الفتح""، وتخوّفت من "إقدام "حزب الله" على عمل تجاه الجيش يتّهم فيه المعارضة، فتنفجر المعركة مباشرة مع الجيش"، ناقلة تخوفها الكبير على مصير العسكريين المخطوفين "الذين يتواجدون بين جردَي عرسال وفليطة، خصوصا في ظلّ القصف المكثف من كل الاطراف على الجردين".
ويتّفق الناشط السوري ابو الهدى الحمصي مع هذه المعلومة إذ قال لـ"النهار": ""حزب الله" يحاول حصار مجاهدي القلمون في جرود عرسال اللبنانية لتأمين غطاء سياسي لزجّ الجيش اللبناني في المعركة، وأن هجومه على جرود عرسال سيؤثر سلباً على العسكريين الأسرى".
العشائر و"الكبائر"
ورغم كل هذه الضجة من "حزب الله" فإن اهالي عرسال سلّموا امرهم إلى الجيش اللبناني ولا يزال الهدوء يعمّ البلدة، إذا يؤكّد رئيس البلدية علي الحجيري لـ"النهار" ان "لا معلومات أكيدة عن دخول "حزب الله" إلى الجرود، واستبعد إقدام الحزب على ذلك، لأنه يدرك تماماً من هم العشائر الذين يرفضون دخول أحد إلى اراضيهم من دون إذن، ويعتبرون هذا الأمر من الكبائر"، ويضيف أنه "إذا وافقت العشائر على دخول "حزب الله" إلى عرسال، فهذا يعني أن الدنيا "خربت"".
ويقول: "لا يتعلق الأمر بعملية تنتهي في ساعة واحدة، والحياة لن تنتهي، فاليوم قدمت سوريا السلاح إلى "حزب الله"، لكن غداً قد يأتي من يعطي أهالي عرسال السلاح، لكننا لا نريده، وهناك منطق يقول إن اي جهة كانت معها سوريا هي قوية، وقد دعمت "حزب الله" لِفترة، لكن بشار الأسد سينتهي ومعه ربع سوريا، وغداً ستكون هناك دولة جديدة. وإذا شنّ "حزب الله" معركة في عرسال فقد يربح وقد يخسر، لكن سؤال: ماذا بعد ذلك؟ وماذا بعد سوريا الجديدة؟"، مشدداً على ان "عرسال بحماية الجيش اللبناني وهو المخوّل الوحيد بحرّية التصرّف، فهذه أرضه وهو مسؤول عنها ونحن إلى جانبه، لكن ان يُنصّب "حزب الله" نفسه وكيلاً عن الجيش اللبناني والحكومة، فهذا لن نرضى به".
مكمن لـ"حزب الله"
أما عن تطورات المعركة في القلمون، فإن المتحدث باسم تجمع "واعتصموا بالله" زكريا الشامي أكد لـ"النهار" أن "الاشتباكات تتركز على محور تلة الثلاجة التي يسيطر عليها جيش الفتح كاملة"، مشدداً على أن ""جيش الفتح" لن يهرب من "حزب الله" في حال دخل الاخير إلى عرسال، لأننا خرجنا لقتالهم وطردهم وهدفنا واضح: لا لـ "حزب الله" في القلمون".
وتحدّث الشامي عن مكمن في غرب فليطة نفّذه "جيش الفتح" وأدّى إلى سقوط قتلى تمكن "جيش الفتح" من سحب بعض الجثث، وكان "حزب الله" نعى أمس 9 مقاتلين له سقطوا في معارك القلمون، كما نشر موقع "جيش الفتح" على تويتر صور جثث عناصر من "حزب الله"".
سيناريو خطر
وفي التحليل العسكري فإن العميد خليل الحلو يؤكّد خطورة دخول "حزب الله" إلى الجرود، ويذكّر بأن "الجيش كان واضحاً في قراره بعدم التحرّك، وما يقوم به من قصف للجرود أمر منفصل، فهو عملية استباقية تفاديًا لمعركة مباشرة ولا علاقة له بالمعركة الواسعة"، ويقول: "السيناريو الذي أخشاه هو دخول "حزب الله" إلى الجرود وانسحاب المسلحين، إذ تكون الخطورة حينها على أبناء عرسال الذين يعتاشون من الجرود، سواء لناحية المقالع أو لناحية الزراعة، ودخول الحزب سيكون بمثابة خنق لعرسال، وتهجير غير مباشر لأهلها، إذ ليس ضروريًّا ان يواجههم عندما يخنقهم بمنعهم من مواردهم".
"أما في حال دخل الجيش إلى الجرود فسنقع في المشكلة نفسها، وحينها يجلس الحزب جانباً، ويتحمّل الجيش أعباء المعركة، وحينها لن يكون الداخل اللبناني مرتاحًا لهذا الوضع". ويعتبر الحلو أن "المسلحين لا ارادة ولا قوة لهم لمهاجمة الاراضي اللبنانية، وليس وارداً لديهم دخولها، وقد تحصل عمليات ضد "حزب الله" في مواقعه فقط"، داعياً إلى "عدم تحميل الجيش المسؤولية وحده، وإلى أن يتحرك مجلس الوزراء وقوى "14 آذار" وكل القوى السياسية".
قوة المعارضة لم تظهر بعد
وتطرق إلى ما يجري في القلمون، لافتاً إلى أنه " كان ملاحظاً، منذ دخول الحزب إلى جرد عسال الورد، غياب المواجهة المباشرة مع المسلحين، وعدم محاولتهم التمسك بخطوط ثابتة، وذلك يعني انهم قاموا بقتال عن بعد وانسحبوا، وأقاموا كمائن كالكمين الذي تعرّض له الحزب أمس، وهذا أمر منتظر في منطقة تسيطر عليها حرب متحرّكة وتغلب فيها الكمائن، إذ من الصعب في مساحة 300 إلى 400 كلم في الاراضي اللبنانية و700 كلم في الاراضي السورية ان يستطيع ايٌّ من الطرفين امساك الاخر، وبالتالي لم تظهر قوّة الكبيرة للمسلحين بعد".
[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer
نبض