الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

من قتل الشيخ محمد سعيد البوطي؟

المصدر: "الموند"(27/3/2013)
A+ A-


اعتاد النظام السوري منذ وقت طويل، عندما يريد التخلص من الذين لم يعد بحاجة اليهم أو من الذين يشكلون عبئاً عليه، أن يستخدمهم للمرة الأخيرة قبل الاستغناء عنهم. وهذا ما حصل للشيخ محمد سعيد رمضان، من أقدم المناصرين لحافظ الأسد وابنه بشار واكثرهم وفاء.
فبعد ان تحول الشيخ البوطي الى اهم شخصية على مسرح الحياة الدينية السورية بفضل قدرته على الجمع بين التشدد الفقهي والتبعية السياسية، إذا به يخسر خلال الثورة السورية الشعبية التي وفرها له النظام رداً على خدماته. فقد ادت مواقف البوطي المعادية للمتظاهرين، وتبريره للقمع الذي يمارسه النظام، ومقارنته بين مقاتلي النظام وبين اتباع الرسول محمد، الى ابتعاد جزء من الطائفة السنية السورية عنه. وقد استغل بشار الأسد الطريقة العنيفة التي قتل فيها البوطي من اجل زيادة خوف السوريين، ومن اجل رص صفوف المترددين من حوله.
ويمكننا ان نجد نموذجاً لهذا السلوك في التاريخ المعاصر لسوريا. ففي 12 تشرين الاول سنة ،2005 شكل انتحار الجنرال غازي كنعان، الذي كان على علم بتفاصيل عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري في 14 شباط 2005، رسالة تحذير مهمة. لقد كان في استطاعة الرئيس السوري الذي كانت ليده شكوك في اخلاص نائبه السابق ومندوبه في لبنان، وضع كنعان تحت المراقبة الشديدة وحتى توقيفه، لكنه فضل استخدام الموت العنيف كي يفهم الذين سيتعاونون مع محققي المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الحريري ما ينتظرهم.
بعد مرور بضعة اعوام وفي الاول من آب 2008 اغتيل الجنرال محمد سليمان اثناء وجوده في طرطوس برصاصة في رأسه قيل أن مصدرها "قناص إسرائيلي" كان على متن سفينة إسرائيلية مقابل السواحل السورية. ولم يعرف احد ما هي الاخطاء التي ارتكبها سليمان الذي كان يعمل مستشاراً عسكرياً وسياسياً للرئيس ومشرفاً على التعيينات السياسية والعسكرية وعلى البرنامج النووي السوري وعلى تزويد حزب الله بالسلاح. وشكل عدم مشاركة اي شخصية سورية رفيعة المستوى في جنازة سليمان رسالة قوية الى كل السوريين الذين قد يفكرون ببيع المعلومات الحساسة التي في حوزتهم.
لقد سقط الشيخ البوطي ضحية تفجير قام به انتحاري يوم الخميس 21 آذار. بعد مرور دقائق على الانفجار اعلنت محطة تلفزيونية سورية مقتل الشيح وأحد أحفاده. وقامت مباشرة بعرض مشاهد من حياة البوطي على ما يبدو جرى اعدادها مسبقاً، وبحسب خبراء في هذا المجال فإن اعداد الشريط الذي عرض مباشرة يستغرق على الاقل ست ساعات.
وافاد شهود عيان بالقرب من الجامع الذي وقع فيه الانفجار، بأن الدّوي الذي سمعوه لا يشبه اصوات الانفجارات الناتجة عن السيارات المفخخة. وقال هؤلاء أنه لدى دخولهم الى الجامع مع عدد من عناصر الاستخبارات احصوا عشرات القتلى والجرحى، وان هذا العدد يبقى اقل من العدد الذي تحدثت عنه وسائل الاعلام الرسمية، كما لم يستطع احد مشاهدة جثة الشيخ البوطي، ولوحظ ان غالبية الضحايا أصيبوا في رأسهم.
ثمة اشاعات تقول بأن الشيخ البوطي كان يفكر في مغادرة البلاد، وأنه رفض توقيع فتوى اصدرها الشيخ أحمد حسون واعرب عن تحفظة وانتقاداته على بعض تصرفات النظام. فاذا كان هذا صحيحاً، فان هذه الخيانة هي اقسى بالنسبة للنظام السوري من انشقاق رئيس الحكومة رياض حجاب. وباغتيال الشيخ البوطي يكون الأسد قد اصاب عصفورين بحجر: وضع حداً لتحرك البوطي و القى التهمة على الارهابيين الثوار.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم