السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

لا حلّ إلا بسحب سلاح "حزب الله"

علي حماده
A+ A-

انطلقت البارحة "خطة أمنية" في معقل "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت. وشاهدنا وزير الداخلية يجول في المنطقة، كما شاهدنا انتشاراً للحواجز الأمنية المشتركة من الجيش وقوى الأمن الداخلي. ويبدو أن "حزب الله" قبل بهذه الخطة لسببين، الأول تكاثر العصابات والمافيات على أنواعها في الضاحية، ومن أجل الايحاء أن "حزب الله" ليس استثناء، بل إن مناطقه تقبل بحلول سلطة القانون والدولة.


هذا جيد، لكن السؤال الذي يحضر كل مراقب، هو عن المدى الذي ستبلغه الخطة الأمنية في الضاحية وبقية المناطق الواقعة تحت نفوذ "حزب الله". هل ستدهم القوى الأمنية مخازن السلاح المنتشرة في الضاحية، وتوقف حاملي السلاح مثلما فعلت وتفعل في طرابلس وغيرها من المناطق التي خضعت أخيراً لسلطة القانون والدولة؟ وكيف سيكون التعامل مع المسلح المنضوي تحت عباءة ما تسمى "مقاومة"؟ هل هو خارج على القانون بينما يتجوّل مسلحاً؟
في المبدأ وصول الدولة، وإن شكلياً، الى الضاحية يسجل في خانة الايجابيات، لأنه يُثبت مرة جديدة أن "حزب الله" مهما عظم شأنه وقويت شوكته لا يمتلك الشرعية التي تمتلكها الدولة ومؤسساتها. فالحزب يبقى في نهاية الأمر ميليشيا، وسلاحه غير شرعي، ولا يحظى برضى اللبنانيين. لكن ماذا عن أكبر خرق للشرعية يمارسه الحزب بإرساله آلاف الشبان لقتال الشعب السوري على أرضه؟ ما هو الموقف؟ وكيف يمكن أي خطة أمنية موضعية أن تعمر ما دام "حزب الله" متورطاً في حرب على أرض الغير؟
أسئلة مطروحة بقوة لأنها تتصل بعمق الموضوع: كيف يمكن التوفيق على المدى الأبعد بين منطق الميليشيا العاملة في إطار أجندة خارجية، ومنطق الدولة والقانون؟ وكيف يطبق القانون على العصابات الصغيرة والمافيات المحلية فيما ثمة جيش خارج على القانون والشرعية والدولة يتخذ من الأرض اللبنانية مقراً للانطلاق الى الخارج، ويجنّد آلاف اللبنانيين، وبعضهم من القُصّر للحرب بأمر من قيادة دولة خارجية؟ هذه الأسئلة المطروحة بقوة، هي صلب المسألة. ونحن نرى أن أي خطة أمنية في الضاحية أو غيرها ستبقى مجرد علاج موضعي وموقت لمرض خبيث يحتاج الى علاج جذري. فالتناقض بين "حزب الله" ومنطق الدولة والكيان والنظام والتركيبة كبير، ويستحيل التوفيق بينهما في شكل جدي. وحدها "التفاهمات" الموقتة يمكن طرحها، ولذلك يبقى لبنان معلقاً، والدولة معلقة، والدستور معلقاً، المؤسسات معلقة الى أن يتخلص لبنان من الحالة الشاذة التي يمثلها وجود ميليشيا تعمل في إطار وظيفة خارجية، وفي الطريق تدمر أركان العيش المشترك.
ما تقدّم لا يهدف الى تقليل شأن الخطة الأمنية، ولا شأن جهود وزير الداخلية، بل لتذكير المعنيين بألا حل حقيقياً لبنان في ما لم يتم سحب سلاح "حزب الله" وتحويله حزباً مدنياً أسوة ببقية الأحزاب. فقد انتهت المقاومة في القلوب والعقول منذ وقت طويل، وهي غرقى الآن في وحول سوريا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم