الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سلسلة بالمفرق... والطاعة أولاً!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

ما عادت المطالبة بسلسلة موحدة لكل القطاعات، على ما ترفعه هيئة التنسيق النقابية بنسختها الجديدة، مجدية. السبب يكمن في أن القوى السياسية استطاعت اللعب على الشعار وإفراغه من مضمونه، لتنقضّ حتى على الحقوق المكتسبة، وتخترق الرابطات، وتحدث انقساماً بين مكونات هيئة التنسيق، محدثة جدار فصل في ما بينها، وفق ما عكسته النسخة الأخيرة من مشروع سلسلة الرواتب والتي سميت "سلسلة عدوان"، على رغم التعديلات التي أدخلت عليه. فماذا يعني إعطاء درجات للأساسي وحرمان الثانوي منها؟ ولماذا تعطي الدولة، في السلسلة، للموظفين، على حساب المعلمين؟ وهل التحجج بسلسلة العسكريين ذريعة لنسف المشروع في أساسه؟


وقبل أن يكون مشروع السلسلة كما هو موجود في مجلس النواب اليوم، والذي اعتبرته مكونات في هيئة التنسيق النقابية مشروعاً مسخاً، كان واضحاً أن بعض القوى السياسية الوازنة في السلطة، يستهدف هيئة التنسيق بالدرجة الأولى، فهو لا يريدها هيئة نقابية تنطق باسم كل القطاعات، وتتمتع باستقلالية يعطيها هامش تحرك بعيداً من الضغوط السياسية. لذا دارت السلسلة خلال أربع سنوات ولم تتقدم نحو الإقرار، على رغم الأزمة الكبيرة العام الماضي، والتي أدت الى إصدار إفادات للمرشحين الى الامتحانات الرسمية، فضربت الحقوق ورحلت المطالب وخسر التلامذة شهاداتهم، وتراجع المستوى التعليمي. وفي هذا كله، لم نشهد لحظة ندم، ولا وقفة مراجعة حقيقية لدى النقابات والرابطات، فيما اعتبر أهل السلطة أن ما حصل لا بد منه، وبعضهم وصف إصدار الإفادات بالإنجاز لأنه فقط أجبر هيئة التنسيق النقابية على الرضوخ أمام الواقع الجديد. وبين هذه الأوضاع طبخت عملية تفكيك هيئة التنسيق، بدءاً بوضعها في مواجهة الاهالي والرأي العام، ثم إعطاء قطاعات من المعلمين أنفسهم حقوقاً على حساب آخرين، ومنح الموظفين امتيازات، وإن كان ذلك حبراً على ورق في مشروع السلسلة، لكنه كان كافياً لإحداث خرق بين الفئات النقابية، فتفرّق الرفاق بداية، وعندما عادت هيئة التنسيق الى ممارسة دورها الحالي، كانت الأمور قد وصلت الى لحظة، ما عاد ممكناً فيها الحديث عن استقلالية الهيئة التي سقطت في زواريب السياسة، ولم تعد قادرة على الاستقطاب والجمع.
ولعل الوقت حان لنعترف أن تجربة هيئة التنسيق اليوم، لم تعد ناجحة، وهي تحتاج الى صيغة عمل جديدة. إذ لا يمكن جمع قطاعات مختلفة في المهنة والتوجه في هيكل واحد، خصوصاً بعد التغيرات التي حصلت في الرابطات والسيطرة السياسية على بعضها. فكيف تتحرك الهيئة مجتمعة، وبعض رابطاتها يوافق على ما منح من تقديمات واردة في مشروع السلسلة، والبعض الآخر يرفضها بسبب استثنائه منها، فيما نقابة المعلمين على سبيل المثال تركز وتضغط لمنع فصل التشريع بين القطاعين العام والخاص. يبدو ان السلطة تعطي سلاسل بالمفرق، شرط الطاعة أولاً!


[email protected] / Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم