السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أزمات اليمن وصراعات لبنان

المصدر: "النهار"
أنطوان صفير- محامٍ ودكتور في القانون الدولي.
أزمات اليمن وصراعات لبنان
أزمات اليمن وصراعات لبنان
A+ A-

عصفت في اليمن حزماً سعودياً بعدما تَهدّد أمن المملكة الاستراتيجي، وأضحت على مشارف مخاطر كبيرة أدّت بها الى اتخاذ قرار حاسم لوضع حدّ للمنحى الذي اتخذته الأحداث اليمنية، بعدما تداخلت العوامل الإقليمية وتعقّدت الساحات الداخلية حتى أصبح اليمن كرة نار متنقلة.


هذا المسار السعودي المدعوم من دول كبرى نظراً لموقع اليمن الجيو استراتيجي على مدخل الخليج العربي وفي منطقة مائية تصل حتى المحيط الهندي بما يهدّد أكثر من دولة واقعة على هذا الخط.
اذاً موضوع اليمن ليس أزمة بين دولتين أو صراعاًعلى الحكم بين أجنحة ومذاهب، بل هو أبعد من ذلك لأنه يطال فيما يطال أمناً استراتيجياً لدول عدّة ويهدّد المضائق والخطوط البحرية، ويضع المنطقة برمّتها على فوهة بركان، ما جعل الحرب واقعة لا محالة سعياً لحلّ ما لا بد ان ترتسم معالمه، مما يجعل نتائج عاصفة الحزم تتحقّق ولو بشكل نسبيّ او تدريجيّ.
أمّا الصراع اليمني وعلى اليمن فقد حطّ رحاله في بلاد الأرز، ولكن هذه المرة على " البارد" فاستعرت الألسنة وأشرأبّت الهمم تبنّياً لموقف او دعماً لموقف او شجباً لفعل، وكأننا لم نزل وبقوة، تلك الساحة المفتوحة على صراعات كل الآخرين، وكأنّ عصر لبنان "المسرح" او "صندوق البريد" لم ينتهِ. وبدل البحث عن الرئاسة ومستقبل بلادنا وتحديث نظامه السياسي، رحنا الى أبعد ما يكون عن ذلك، فسقطنا مرة جديدة في المستنقعات الأقليمية، وأدخلنا أنفسنا في خضم الجدل الذي لا ينمّي غير الضغائن والفتن، والذي لا يؤدّي الا الى التباعد والفرقة بين أبناء الوطن الواحد ولكن بأجندات مختلفة تتعلّق ببعض الخارج، ولو على حساب بعض الداخل.



لبنان المحايد عن الصراعات المتمسّك بمواقفه الداعمة للشرعية العربية والدولية هو الذي يسعى الى استقرار آتٍ من استقراء العبر من الأزمات القاتلة بحيث دفعنا ثمن الصراعات منذ كمب دايفيد وحتى تاريخه، ولا يمكننا بالتالي الاستمرار بهذا المنحى لألف سبب وعلة.
ولبنان الرازح تحت وطأة الصراعات المتنقلة، ينوء أيضاً ودوماً تحت أوزار الفساد المستشري والثروات غير المشروعة والنفعية القاتلة التي تهدف لإيلاء الشأن الخاص والخير الخاص الأولوية المطلقة على المصلحة الوطنية العليا والشأن العام والمرافق العامة.



من هنا، تراجعت الخدمات وتقهقرت العدالة الى حدود بالغة وانهارت القيم وانكفأت القوانين والنظم مما جعل كل شيء مباحًا، فأوصل التوازن الاجتماعي الى نقطة اللاتوازن الاجتماعي والمجتمعي، مع ما لذلك من تداعيات خطيرة على كل مستوى.
أزمات اليمن عساها ان تأخذ الطريق القويم وعسى صراعات لبنان التي لا طائل منها ان تخمد وتذهب في الاتجاه الايجابي نحو بناء الدولة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم