الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحكومة المثقلة بأحمالها تسير على حافة الهاوية

المصدر: "النهار"
هدى شديد
الحكومة المثقلة بأحمالها تسير على حافة الهاوية
الحكومة المثقلة بأحمالها تسير على حافة الهاوية
A+ A-

تتراكم غيوم سوداء امام الحكومة التي ما زالت تتحدى رياح تعطيل بدأت تأخذ في طريقها مجلس النواب ، وباتت تقرع باب مجلس الوزراء . اكثر من ملف إشكالي وضع جانباً من باب تجزئة المشاكل الكبرى التي تتكتٰل امام هذه الحكومة، دون ان يعني ذلك انها حلٰت بل أرجئت، والخشية من ان تتدحرج فجأة كتلة واحدة فتطيح بالحكومة.


بات واضحاً ان رئيس الحكومة تمام سلام، الذي يدرك قبل غيره ان العطب الأساسي الذي يصيب عمل السلطة لتنفيذية، هو غياب رأس الدولة، يدأب على التذكير في بداية كل جلسة بهذا الخلل الدستوري والقانوني، ويعمد ضمناً الى سحب الملفات الاشكالية من على الطاولة الحكومية، ووضعها في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء. ومن هذه المشاريع النائمة منذ مطلع السنة رفع سن التقاعد للعسكريين بالرغم من ان البعض يرى فيه مخرجاً لمشكلة كبرى تهبٰ على الحكومة، مع اقتراب استحقاق معالجة الشغور في المراكز الأمنية القيادية، ومع تهديد "التيار لوطني الحر" باعتكاف او استقالة وزيريه من الحكومة، في حال التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وللمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص .


موعد جديد
ملف التمديد او رفع سنٰ التقاعد للعسكريين يرى الوزراء انه سياسي لا يعالج على طاولة مجلس الوزراء بل مع القيادات السياسية، ولذلك هو موضوع جانباً. كذلك هو مشروع قانون الموازنة العامة للعام ٢٠١٥ الذي وضع في درج الأمانة العامة منذ آب الماضي، ومع اعادة طرحه على الطاولة الحكومية، خرجت الى العلن كل التباينات التي قد تطيح به. وصحيح ان رئيس الحكومة سيحدٰد موعداً جديداً لاستئناف النقاش في هذا الملف، الا ان توزٰع المواقف الحكومية حتى الآن قد أظهر ان لا إمكانية مع آلية العمل التوافقية في مجلس الوزراء لإنجاز هذا المشروع.
وزير المال علي حسن خليل، المصرٰ على تشريع وقوننة الإنفاق، قدٰم للحكومة سيناريوهين لمشروع موازنة تتضمٰن ارقام السلسلة، ومشروع موازنة من دونها. ومع الانقسامات التي قامت حولها، دقّ مجدداً جرس إنذار في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، بإعلانه أنه "اذا لم تقرّ الموازنة، ولم تتوفٰر لها التغطية الشرعية والقانونية فإن رواتب الموظفين في القطاع العام لن تدفع في أيلول المقبل."
ويرى أحد الوزراء ان هناك شبه اجماع على تعقيد إقرار الموازنة والسلسلة، وكأن البعض يريد المضي في الصرف من دون سقف او ضبط للإنفاق، أو المنع على الرئيس سلام او الوزير علي حسن خليل تسجيل إنجاز لم يتمكن من سبقهم من تحقيقه بإقرار موازنة.
يقول الوزير نبيل دوفريج "إن الموازنة لم توضع جانباً وسيعمل رئيس الحكومة المستحيل من اجل درسها واقرارها، ونحن مصرّٰون على ذلك. وهناك قضية ارقام سلسلة الرتب والرواتب التي يمكن حلٰها. ونحن نعتبر ان الحكم استمرارية، وان الحكومة السابقة قد اقرٰت مشروع السلسلة وفق كلفة ١٧٠٠ مليار ، وحوٰلته الى مجلس النواب ،ولذلك يجب ان بضمٰٰن دستورياً مشروع الموازنة هذا الرقم، المعروف ب" سلسلة ميقاتي "، وهي السلسلة الرسمية المقرّة والتي لا يمكن للحكومة ان تتجاهل أرقامها وضرورة ضمٰها الى النفقات مع ايراداتها في مشروع الموازنة، وإذا ارتأينا ان يكون الرقم اعلى فيجب ان نحدّد له مصدر الإيرادات".


لا سبب
من وجهة نظروزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان "لا سبب جدياً يحول دون إقرار الحكومة لمشروع الموازنة، الا العناد السياسي ومحاولة كل طرف "التمريك"، على الطرف الآخر، فيما تجنُّب المسألة السورية التي تحتاج الى بحث جدي ، قد يؤدي الى انفجار كل شيء."
لا ينفي الوزير درباس "ان الحكومة وبغض النظر عما تواجهه من عراقيل وعثرات، ما زالت تعمل، وقامت بإنجازات وتعيينات، ولكن ما ينتظرها يتهدّدها فعلاً، بدءاً من التعيينات الأمنية التي نقترب من استحقاقها، مروراً بالخلافات التي أحاطت مشروع قانون الموازنة العامة، وصولاً الى جدار التشريع الذي يصطدم به عملها. وهو يرى انه رغم كل التعثٰر الذي تواجهه الحكومة ، فإن الجدل العقيم الذي يتحكٰم بمناقشة كل بند من بنود جدول أعمالها ، يجعل من الصعب عليها إنجاز اكثر من عشرة بنود في اي جلسة.
"لو كان لدينا رئيس للجمهورية لاستقلت، وافكٰر كل لحظة بالاستقالة " ، يقول الوزير درباس. وهو الذي يفكٰر في كل لحظة بالاستقالة، مستاء من أداء الحكومة التي يرى انها بدأت تسير مثقلة بالغيوم المقبلة . وهو غضب في الجلسة الأخيرة من مماطلة في إقرار هبة لدفع رواتب موظفين يعملون مع وزارته في ملف النازحين، بسبب اعتراض من وزير الخارجية جبران باسيل، وعدم تضامن من رئيس الوزراء تمام سلام، ويقول:"كلنا مستاؤون ولست وحدي ، ونحن في الحكومة لا نرتقي الى مستوى الخطر الذي يتهدد البلد ولذلك أقول انه لو كان هناك رئيس لاستقلت، فنحن جلسنا في مقاعد الحكم اكثر مما يجب، وكان يفترض ان نرحل مع بدء الشغور الرئاسي".
لم يكن هذا الملف الوحيد الذي أرجئ في الجلسة الاخيرة بسبب التباينات بشأنه، فطلب وزارة الداخلية تأمين حركة الاتصالات كاملةً للأجهزة الأمنية والعسكرية ابتداءً مِن 1/5/2015 وبعد ان طلبَ وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" مناقشتَه بسبب ملاحظات عليه، تقرٰر أيضاً إرجاؤه .
كما ان الخلافات تكبر داخل مجلس الوزراء حول آليات تلزيم المشاريع والمناقصات بالملايين التي يريد وزراء إجراءها بالتراضي، ويطالب آخرون باستدراج العروض لها وبإعادتها الى إدارة المناقصات. حتى أن ملف النفايات الذي اقرٰ دفتر شروطه يقوم اعتراض على التغيير في شروطه من قبل مجلس الإنماء والإعمار ، كما يقوم صراع حول مشاريع السدود ، والأمور كلها تزداد تعقيداً ، ومع ذلك يبدو ان لا خيار أمام الجميع سوى الصراخ داخل القاعة المقفلة.
وتأكيداً على ذلك، لا يظنٰ وزير العمل سجعان قزي ان الحكومة في خطر لأن لبنان في خطر،ويقول:" كنّا نعرف ان الحكومة باقية بحكم الشغور الرئاسي، كيلا ننتقل منه الى الفراغ الدستوري، مع ما في ذلك من تداعيات على الدولة والكيان. ومن دلائل الحرص السياسي على بقائها انها مرت بصعوبات وعقبات واجتازتها، والنأي بها عن الخوض بالقضايا السياسية الخلافية.... فنحن حكومة سياسية تتصرٰف كحكومة تكنوقراط."


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم