الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تعزيز الثقافة العربية على YouTube

ديانا بدار، YouTube الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تعزيز الثقافة العربية على YouTube
تعزيز الثقافة العربية على YouTube
A+ A-

مر موقع YouTube خلال السنوات الأخيرة بتطورات ملحوظة. ويرجع ذلك إلى التغير الكبير الذي طرأ على محتوى الموقع ليصبح ذات ميزة عالية الجودة يحقّق متابعة شغوفة. لقد شاهدنا حول العالم قصص مراهقين بدأت بمدونات فيديو من داخل منازلهم حتى تحولوا إلى نجوم يجذبون ملايين المتابعين بأنفسهم ويقدمون برامج تنافس البرامج المماثلة على التلفزيون. وهناك قطاع واسع من صناع المحتوى الأصلي على YouTube يساهمون في انتشار الموقع واكتشاف قدراته يومًا بعد يوم. ويرجع فضل الانتشار الذي حقّقه YouTube إلى هذا المجتمع الذي يضم صناع المحتوى المبتكر، حيث روح الابتكار وما تتركه هذه الروح لدى المشاهدين حول العالم من رغبة في الرجوع لمشاهدة المزيد. ولم يعد يمر يوم حتى يشاهد المعجبون مئات الملايين من الساعات ويصل عدد المشاهدات إلى مليارات.


الآن أصبحت الفرصة في يد شباب منشئي محتوى الفيديو لتحقيق رؤية لطالما حلموا بها في مسارات متنوعة تشمل الكوميديا والموضة والأزياء والجمال والموسيقى والرياضة والألعاب.


منذ عام 2007 ونحن نصمم برنامجًا خاصًا على مستوى العالم يمكن لمنشئي محتوى الفيديو من خلاله تحقيق أرباح من إبداعهم. ونتيجة لذلك نشأت قنوات جعلت من YouTube وجهة لمليار شخص من الباحثين عن المحتوى الإخباري والتعليمي والترفيهي. ومن بين نجوم YouTube يمكننا أن نرى الفتاة الأميركية بيثاني موتا التي أنشأت قناتها المخصصة للجمال من غرفة الجلوس، اليوم تمكنت من جذب ملايين المعجبين إلى حفلاتها.


ظلّ هدف مجال الترفيه التقليدي لعدة أعوام جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين. وبغض النظر عن الجهود الإبداعية الضخمة التي تم بذلها في سبيل ذلك، كان النجاح يُقاس بمستوى الانتشار ونسب المشاهدة والإيرادات. إلا أن ظهور الإنترنت ساعد منشئي المحتوى في إعادة تعريف مفهوم النجاح. لا يزال جذب عدد كبير من المشاهدين يمثل أهمية كبيرة، إلا أن الأهم من ذلك وجود قاعدة معجبين أو مشجعين.


يكمن الفرق بين المشاهد وقاعدة المعجبين في عامل الشغف. ذلك أن المشاهد يشاهد المحتوى عندما يتم توجيهه إليه، بينما تتميز قاعدة المعجبين أو المشجعين بأن لديها إمكانية اختيار ما تشاهده متى أرادت ذلك. المشاهد يستلقي على ظهره للحصول على المحتوى الترفيهي، بينما يكون لدى المعجبين دافع كبير للمشاركة في الأمر. المشاهد يغيِّر القناة عند انتهاء العرض، بينما يتابع المعجبون صاحب المحتوى أينما ذهب. المشاهد يعيش معك داخل حدود مشتركة، بينما يكسر المعجبون أية حدود تفصلك عنها.


اليوم أصبحت هناك أربع طرق يمكن للمعجبين تغيير وجه الترفيه من خلالها، ومن الضروري الاستفادة من هذه الاتجاهات.


المعجبون يتجاهلون فرض جدول زمني عليهم - يُدرك جميع من شبّ على مشاهدة التلفزيون أنه وسيلة محكومة بجدول زمني. ذلك أنه لا يتمّ بث برامجك المفضلة إلا وفق جدول زمني معين في الأسبوع وفي إطار مدة زمنية لا تتجاوز عادة 30 دقيقة أو ساعة. إلا أن محتوى الفيديو الذي يتوفّر عبر الإنترنت يختلف تمامًا عن ذلك. فقد أصبح الجمهور الآن يختار مشاهدة المحتوى متى شاء ووفقًا لجدوله الزمني الخاص. وقد استطاع منشئو محتوى الفيديو من خلال هذا المفهوم توسيع نطاق جمهور مشاهديهم.


قد أصبح يتعين على النجوم الذين يعتمدون في عملهم على التلفزيون تمامًا ويرغبون في توسيع نطاق نجاحهم أن يصلوا إلى الشباب الذين لا يقضون ليلهم أمام شاشات التلفزيون.


لدى المعجبين مواهب - في عام 2009، كانت زويسوغ فتاة صغيرة تعيش في برايتون في إنكلترا وتتمتع بخبرة عمل في مجال التصميمات الداخلية، علاوة على اهتمامها بالموضة والجمال. واليوم تمكنت زوي من تحويل شغفها بهذا المجال إلى قناتين تتمتعان بقاعدة جماهيرية تبلغ 6.5 ملايين مشترك. لم يمنح أي شخص لزويلا فرصة النجومية على YouTube، ولا إذنًا بالوصول إليها. علاوة على ذلك، فهي لا تحتاج إلى اختبارات لتقييم الأداء. ولكنها تمكنت من الاعتماد على اهتماماتها وما أثار شغفها لتعرض موهبتها الخاصة أمام كاميرا الويب.


المعجبون يدعمونك أينما كنت - لم يعد المقياس اليوم بعدد من يشاهد أعمالك، ولكن بعدد من يحب هذه الأعمال.


لا يكتفي المعجبون بمشاهدة مقاطع الفيديو التي تنشرها، ولكنهم يقدمون لك الدعم أينما كنت. يشاهد المعجبون أفلامك ويستمعون إليك في برامج الراديو، بل ويساهم بإعداد أعمال تحاكي أعمالك أو بترجمة لها. كما يصنع الجماهير منتدى من المهتمين بما تنشئه. وفي بعض الأحيان يضطلع المعجبون بمجهود مثل ترجمة أعمالك لفتح آفاق لها لم تكن لتدركها بدونه حتى تصبح لديك مقومات ظاهرة عالمية. لنأخذ مثالاً على ذلك جمهور فيديوHappy الذي نشره فاريل ويليامز. لم يكتف المعجبون بمشاهدة الفيديو بل رفعوا كاميراتهم وبدأوا في المشاركة بنسخته من تايبيه إلى أبو ظبي ومن بيروت إلى الدار البيضاء.


الحدود تختفي أمام المعجبين - لطالما كانت اللغة عائقًا أمام التبادل الثقافي، خاصة في البلدان التي لا تتحدث الإنجليزية، إلا أن إمكانيات الفيديو والإنترنت جعلت هذه الحدود تتلاشى تمامًا. واليوم لم يعد يهمّ كثيرًا مصدر المحتوى ما دام محتوى جيدًا.


هذا الأمر لا ينطبق فقط على المجتمع الغربي، بل يسري كذلك على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لقد ظهرت على الساحة وجوه شابة أصبحت النجوم الواعدة على YouTube في العالم العربي. هذه النجوم الشابة بدأت رحلتها بإنشاء قناة على YouTube قبل وقت قصير، لتصل حصيلة المشتركين في قناتها الآن إلى مئات الآلاف الحريصين على متابعة ما تنشره قنوات هؤلاء النجوم بصفة دورية. ومن أمثلة هذه النجوم الشابة عاليا أدي، وهي شابة سورية فكَّرت في إنشاء قناة بعنوان بسمتي لتعليم الطبخ من خلال فيديوهات عن وصفات من المطبخ العربي. واليوم أصبحت عاليا تجني أرباحًا من قناتها. أما ياسمين المهيري فهي أم ورائدة أعمال مصرية في الوقت ذاته، استطاعت تأسيس قناة بعنوان سوبرماما لمساعدة الأم في تنفيذ مهام الحياة اليومية. وبعد مرور أربعة أعوام، أصبحت ياسمين تعمل في وظيفة بدوام كامل وتتواصل مع معجبيها من خلال مقاطع الفيديو التي تنشرها، كما تحثّ غيرها من الأمهات على أن يسلكن الطريق ذاته. وفي المغرب نجد محمد بوصفيحة قد سلك طريقه لإشباع شغفه بالموسيقى والكوميديا وتمكَّن من إنشاء محتوى جذَّاب كل أسبوع لعرضه على قناته موموبوصفيحة. هذا فضلاً عن انتشار المحتوى الترفيهي والثقافي السعودي على الويب من خلال برامج مثل SeenTV، تمسحليوإيشاللي حيث الأخير استطاع أن يجذب أكثر من مليوني مشترك وما يزيد عن 260 مليون مشاهدة. وبالنسبة إلى المرأة السعودية الشابة فقد وجدت كذلك مساحة لها على YouTube من خلال محتوى مثل الذي بدأت الجوهرة ساجر - شابة في مطلع العشرينيات - في نشره على YouTube قبل عامين للتعبير عن إمكانياتها الإبداعية في مجالين مثيرين لها، وهما الموضة والجمال. قد تمكنت من تحقيق نسبة متابعة عالية لقناتها جايزشيريJay'sCherry في المملكة العربية السعودية، وأول مصدر دعم للجوهرة هو والدها.


يشترك منشئو المحتوى في صفة مهمة وهي ابتكار المحتوى الأصلي والإصرار على تجربة الأنماط والأفكار الجديدة من المحتوى. ونظرًا للتواصل الدائم بين منشئي المحتوى والمعجبين، فإن جودة المحتوى تتحسن تحسنًا ملحوظا بمرور الوقت، كما يعاود الجمهور الزيارة لمشاهدة المزيد. وفي لبنان، تحقق فئة الموسيقى الناشئة إنجازات واعدة. ذلك أن الموسيقى تحتاج إلى إبداع وشغف وموارد مناسبة، ونحن حريصون على مساعدة الفنانين في تحقيق أكبر استفادة من YouTube. هذه الأمثلة لا تمثل سوى غيض من فيض للقدرات الهائلة التي لم نكتشفها بعد ونتطلع بشوق إلى سبر أغوارها.


تتميز المنطقة من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي بتنوع تاريخي وثقافي، كما توحِّد اللغة العربية بين شعوبها. ومن خلال محتوى الفيديو على الإنترنت، يمكن الوصول إلى طفرات كبيرة من النمو في المحتوى العربي نظرًا لأن الطلب عليه لم يجد بعد من يضطلع بتلبيته. وهذا بدوره يوفر فرصة فريدة من نوعها يمكن استغلالها والعمل على تطويرها للتواصل مع المناطق الأخرى حول العالم.


تحتل نسبة وقت المشاهدة على YouTube في المنطقة المركز الثاني بعد الولايات المتحدة، وهذا يشكل زخمًا هائلاً للموقع في المنطقة. وقد زاد عدد ساعات المشاهدة على YouTube في المنطقة بنسبة 50% خلال العام الماضي فقط. ونظرًا لأن نسبة 67% من سكان المنطقة لا تتجاوز أعمارهم 35 عامًا، وأن هناك فرصة كبيرة لانضمام أكثر من 200 مليون مستخدم إلى الإنترنت خلال العامين المقبلين، لا وقت أفضل ليكون الشباب العرب منشئي محتوى مبدعين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم