السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حياة وموت في قرية لوغفينوفي بشرق أوكرانيا

المصدر: (أ ف ب)
حياة وموت في قرية لوغفينوفي بشرق أوكرانيا
حياة وموت في قرية لوغفينوفي بشرق أوكرانيا
A+ A-

يصلها الزائر وسط تدابير امنية، وعندما يدخلها، لا ينحصر تفكيره إلا في تأمين وسيلة للفرار منها. ففي قرية لوغفينوفي التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا في شرق اوكرانيا، تذكر دمية على شكل حصان معلقة على احد الابواب بأنها كانت مأهولة.


ودفعت هذه القرية المدمرة ثمن الاستيلاء الشهر الماضي على بلدة ديبالتسيفي الاستراتيجية، التي يربطها على بعد خمسة كيلومترات بهذه المنطقة طريق وعرة تتناثر عليها اليوم السيارات المتفحمة. ومنذ هذه الهزيمة الساحقة التي مني بها الجيش الاوكراني في خضم وقف لاطلاق النار، يراقب كل فريق الاخر على خط الجبهة الذي يبعد ثلاثة كيلومترات عن لوغفينوفي.


ولانها كانت المدخل الى ديبالتسيفي، باتت القرية ببيوتها الثلاثين، مسرحا للمعارك التي يتبدى عنفها في كل خطوة. ويتناثر اثاث البيوت على الارض المليئة بالحفر. ولا تزال جيفة كلب مفتوح الشدقين ملقاة على عتبة منزل نخرته القذائف.


وقال المتمرد رامون (25 عاما) بينما كان يلقي على البيت نظرة شاملة "عاد بعض الناس ليتفقدوا ما تبقى من منازلهم". لكنه يسارع الى القول لم يجدوا شيئا.


لكن ما تبقى قليل. ففي منزل كائن على مدخل القرية وعاء مقلوب للخيار، ودفاتر مدرسية وحجرة المؤونة حيث لا يزال بعض الارغفة موضوعا على قماش مشمع مزين برسوم الزهور. وعلى الاعشاب امام بوابة زرقاء، يتناثر فستان من المخمل الاسود، وحذاء للتزلج، وصلاة للعذراء مريم على ورقة بحجم اوراق اللعب، وحذاء صيفيا احمر اللون.


هنا كان يعيش اشخاص من القوزاق، كما يؤكد "تيانشان"، الاسم الحركي لهذا المتمرد الذي يتحدث بطلاقة ويقول انه من اوزبكستان.
وبنبرة غاضبة قال هذا المتمرد الذي كان يخبىء عينيه بنظارتي شمس ويغطي رأسه بوشاح اخضر، "في 11 شباط، سيطرنا على القرية. وعندما بدأت المعارك، احرقت امرأة في السابعة والستين من العمر وهي على قيد الحياة. ونقلنا 70 جريحا. الجيش الاوكراني هو الذي فعل ذلك".
والمتمردون الذين اقاموا على الطريق نقاط تفتيش يتعذر اجتيازها من دون مواكبتهم بسبب قرب الجبهة، جعلوا من انقاض بعض البيوت المدمرة التي لم يغيروا فيها شيئا من مظاهر الحياة السابقة، قاعدتهم المرتجلة.


وحول آخر المنازل، تمركز عدد كبير من الدبابات الهجومية التي بالكاد تخفيها الاعشاب. وتتراكم قربها صناديق الذخائر. وأسندت عشر قنابل مصفوفة باتقان الى جدار وهي جاهزة للاستخدام. وقال رامون: "انها قنابل استولينا عليها من الجيش الاوكراني".


واضاف رامون الذي كانت بندقيته معلقة على كتفه "نحن متمركزون هنا لندافع عن القرية ونمنع الاوكرانيين من المجيء. لا اشعر بالتعب. سقط لنا عدد كبير من القتلى ولا اريد ان تذهب تضحياتهم سدى". وتسمع من البعيد اصداء انفجارات قوية.


ولدى فرارهم، لم يتح للناس الوقت لينقلوا معهم اغراضهم، فخلفوا وراءهم كلابهم التي بقيت هنا، تشم رائحة ثياب اصحابهم المتناثرة. ويصفر متمرد يقول ان اسمه "كوت" لواحد منها وهو كلب بوليسي، ويعرب عن ارتياحه لانه يتفاعل مع لقب "ماكس" الذي يدعوه به.


ومن اجل مغادرة القرية، يتعين المرور امام موقف حافلات المدرسة المدمرة. وقبالة لوحة كتب عليها "الاطفال اولا"، كتبت على لوحة خشبية كلمة "الغام". وقرب موقف الحافلات، نرى معطفا من الفرو الاحمر الصناعي مغطى بالوحل الى جانب دبابة متفحمة. في لوغفينوفي، وحدها تغريدات العصافير تذكر بأن الربيع حل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم