الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الأردن يستعيد توازنه ويقلب الطاولة على "داعش".. بانتظار الرد

المصدر: عمان - "النهار"
الأردن يستعيد توازنه ويقلب الطاولة على "داعش".. بانتظار الرد
الأردن يستعيد توازنه ويقلب الطاولة على "داعش".. بانتظار الرد
A+ A-

أعاد المفاوض الأردني منذ ليل الأربعاء واليوم الخميس مسك الأوراق التفاوضية من جديد بقوة، بعد البلبلة التي نجح تنظيم الدولة الإسلامية ، "داعش"، في زرعها الثلثاء والأربعاء بتهديداته المتتالية بقتل الطيار الأردني الأسير معاذ كساسبة والرهينة الياباني الصحافي كينجي غوتو.
وعلى رغم المحاولة الأخيرة لـ"داعش" صباح اليوم لإحداث البلبلة على المفاوض الأردني وتأليب الشارع عليه، بإصداره مهلة جديدة للإفراج عن السجينة العراقية ساجدة الريشاوي (هي الثالثة في 3 أيام) وإلا نفذ تهديده بقتل الرهينتين، استطاع الأردن التملص من الفخ واتخذ سلسلة أفعال مكنته من تسلم زمام الأمور.
الاجراءات الأردنية ركزت بصورة رئيسة على ثلاثة محاور، هي: المناورة مع "داعش"، والفلتان الإعلامي، وترميم الجبهة الداخلية.


"داعش"


من خلال الردود الحاسمة على المهلتين اللتين طرحتهما "داعش" (في انتظار المهلة الثالثة التي انتهت من دون رد فعل من "داعش") لإطلاق الريشاوي، أربك المفاوض الأردني "داعش" واجبرها على كسر كل مهلة وإبدالها بأخرى جديدة، برفضه الانصياع، ومطالبته بضمانات تؤكد أن الكساسبة ما يزال حيا، وكذلك شموله بالصفقة بوصفه الأولوية الأولى للأردن، قبل الرهينة الياباني.
وورط المفاوض الأردني "داعش" بجعله يتبنى ساجدة الريشاوي (التي خبأها الأردن منذ أعوام ليوم كهذا وهي المحكومة بالإعدام منذ 2006)، بوصفها أولوية، وهي التي ربما لم تكن تعني الكثير للتنظيم، واحرجه بذلك امام أتباعه وأنصاره بحيث لا يستطيع الآن التراجع عن تبنيها.
وزاد على ذلك بتصريح أطلقه "مسؤول أمني رفيع" مساء الخميس، جعل فيه حياة ساجدة وغيرها من قيادات التنظيم (الموجودين في السجون الأردنية ) بيد "داعش"، وشدد على "جدية الدولة الأردنية في اتخاذ الخطوات المقابلة لأي خطوة تستهدف حياة معاذ".
ولعبت الأجهزة الأمنية بشكل جيد في إرجاء الوقت وإفراغ المهلتين الأخيرتين من محتواهما الزمني (وإنْ على حساب أعصاب الجميع) بإعلان أنها تتحقق من صحة نسبة التسجيلات والرسائل إلى التنظيم، فيما هي تبحث جميع الاحتمالات والخيارات المتاحة.


الفلتان الإعلامي


أما الفلتان الإعلامي الذي وتّر الشارع الأردني، فوضعت الحكومة حدا له ليل الأربعاء عندما أوقف مدعي عام محكمة أمن الدولة، ناشر ورئيس تحرير موقع "سرايا" الإلكتروني وإغلاق الموقع، بتهم "استخدام وسائل اعلامية للترويج لافكار جماعة ارهابية، والقيام بأعمال من شانها ان تعرض الأردنيين لخطر اعمال عدائية وانتقامية".
وهو ما أثمر "إيجابا" بتقدير المراقبين، إذ التزمت إلى حد كبير اليوم معظم المواقع الإلكترونية والفضائيات المحلية عن نشر أي أخبار غير مؤكدة متصلة بالأزمة.
كما ساهمت مطالبة والد معاذ وسائل الإعلام بأن يرحموا أهله وذويه والأردنيين بسبب كثرة الأخبار المتناقضة عن الأزمة، التي جعلتهم في "وضع نفسي سيء" وفق تعبيره.
كما برز هناك تنسيق عال في إطلاق التصريحات الإعلامية من قبل المسؤولين الحكوميين والامنيين، وبدا أن هذه التصريحات "المقتضبة" مدروسة ووفقا لتوزيع الادوار.


الجبهة الداخلية


كان للخطوة التي اتخذها الملك عبدالله الثاني ليل الأربعاء باستقباله والدي معاذ وزوجه في قصر الحسينية (مقر إقامته) فيما كانت اعداد من أبناء عشيرته والمواطنين يعتصمون على باب القصر مغضبين.
وطمأن الملك صافي الكساسبة (والد معاذ) ليل الأربعاء، بأنه سيسمع أخبارا جيدة الخميس، وأكد له أن "إبنك ابني" وأن جميع الجهود مسخرة لضمان سلامته وعودته سالما.
واشتغلت الأجهزة الحكومية على حملة إعلامية منظمة، ساهمت فيها حتى رموز من المعارضة، تطالب الشارع تحض الناس على التهدئة والتعقل وافساح المجال للأجهزة المختصة بقيادة العملية التفاوضية بعيدا عن الضغوطات والبلبلة التي تعمل داعش على خلقها في الشارع.
وكان آخر هذه الجهود تأكيد رئيس الحكومة عبدالله النسور في اجتماع مغلق مع أعضاء مجلس الامة أن نوايا "داعش" خلال العملية التفاوضية "سيئة" لاستخدام قضية معاذ في "مفاوضات جانبية".
واصطف مجلس الامة إلى جانب هذه الجهود، في بيان أصدره عقب الاجتماع المخصص لبحث آخر المستجدات حول القضية، عبر فيه عن "ثقة المجلس المطلقة بمهنية المفاوض الاردني وحرفيته"، ودعا المواطنين إلى "تقدير الظروف المحيطة بعملية التفاوض، وصعوبة الثقة بتنظيم داعش أو جدية عرضه التفاوضي المستفز".
وأكد المجلس وقوفه خلف القوات المسلحة الاردنية "في استعادة البطل الكساسبة" وثمن "الوقفة الشعبية الصادقة" خلف الملك والقوات المسلحة" وأكد أهمية "الحفاظ على قوة الموقف الأردني الرسمي والشعبي.... وتفويت الفرصة كل من يحاول إثارة القلاقل والفتن وهو ما يسعى إليه التنظيم".
كما نقلت فضائية الجزيرة عن عم الطيار ان مدير المخابرات العامة اللواء فيصل الشوبكي أبلغه هاتفيا ان جميع الاجهزة تبذل كل ما لديها لضمان سلامة ولدهم، وأنه لن يصار إلى تسليم ساجدة "دون ضمانات تكفل حياته".
وساهم تجديد وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق باسم الحكومة محمد المومني تأكيد استعداد المملكة "لاطلاق سراح السجينة ساجدة الريشاوي مقابل استعادة ابننا الطيار الحربي البطل معاذ الكساسبة" في تحييد الشارع.
وهو أكد كذلك ان الدولة على أعلى المستويات وبأجهزتها كافة مستمرة "منذ اليوم الاول لأزمة أسر الطيار الاردني ومتابعته على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة".
وهو ما لمسه أهل الطيار والمواطنون وهم يتابعون لحظة بلحظة اي مستجد حول الأزمة التي ربما هي الأشد على الأردن منذ تفجيرات عمان في 9/11/2005 التي راح ضحيتها نحو 60 شخصا وحوكمت الريشاوي على خلفيتها بالإعدام.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم