الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

دولة الرئيس ... "عمر أفندي"

سمير منصور
دولة الرئيس ... "عمر أفندي"
دولة الرئيس ... "عمر أفندي"
A+ A-

قبل أن يقهره المرض ويضطر مرغماً إلى ملازمة المنزل والانقطاع عن أي نشاط سياسي أو اجتماعي منذ فترة غير قصيرة، كنا نزور الرئيس عمر كرامي اسبوعياً في منزله في بيروت. كان يحضر مساء الاثنين من طرابلس، ويعود الأربعاء مساء. وتحول الثلثاء الى موعد اسبوعي، بدأ فردياً - ثنائياً، ثم توسع تدريجاً ليصبح لقاء منتظماً مع بعض الزملاء. لم يكن يهوى التصريحات التقليدية الجامعة، بل كان يريدها جلسة مع اصدقاء ودردشة في مختلف الشؤون والشجون، وليكتب كل على طريقته، ولم تخلُ مرة من القفشات المعروفة عند "الأفندي" وهو اللقب المتوارث في الدوحة الكرامية الممتدة من عبد الحميد كرامي مروراً بالرئيس الشهيد رشيد كرامي ومعن، وصولاً الى خالد وفيصل.


كان متهماً بأنه "طرابلسي" أكثر من اللزوم، ولم يكن ذلك ليزعجه على الاطلاق، طرابلس دائماً عنده في القلب، ومنها الى بيروت حيث "يركب" "لقاء الثلثاء" الذي غالباً ما ينتهي بغداء مع بعض رفاق الصبا وأبرزهم الحاضر الدائم القاضي امين حمود، رفيق المدرسة.
كان يمازح الجميع، على العازبين كان يقترح الزواج من "طرابلسية". ولم يكن يطيق بيروت من دون رفيقة العمر "أم خالد". روى لي مرة انه كان مرتبطاً بمناسبة سياسية وقد سبقته الى طرابلس، عاد بعد منتصف الليل الى منزله البيروتي، قال: "احسست ان البيت فارغ. اقفلت الباب وعدت وركبت السيارة الى طرابلس". رواها وخلص الى الدعوة الى الزواج... ويستحسن من طرابلسية!
"مفهوم" كان "عمر أفندي"، وهو المتهم بالانفعال السريع، كان يحصل ذلك أحياناً، وفي الوقت نفسه كان طيب القلب، يبحث عمن يمكن ان يكون قد "زعل"، واذا غاب زائر دائم كان يسأل عنه: "يا عمي وينك... اهلاً بالقاسي اللي اشتقنالوا"...
لم يكن يساير أحداً في السياسة، كان يستعمل "المدفعية الثقيلة" اذا غضب وأراد اتخاذ موقف حاسم، وفي الوقت نفسه كان يترك الباب "مشقوقا" على كل مشروع مصالحة، لذلك كان محبوباً حتى من ألد خصومه السياسيين.
بغيابه، يفتقد المشهد السياسي اللبناني علامة فارقة، ويبدو واضحاً أنها لن تغيب، وستبقى من خلال وارثه السياسي، باللكنة نفسها وبالصوت نفسه. تخال أنك مع "عمر افندي" عندما تسمع صوت فيصل.



رحمه الله، وتلك سنّة الحياة. الموت حق!ّ:
* عمر عبد الحميد كرامي ولد في طرابلس في 7 ايلول 1934 – شغل منصب رئيس الحكومة مرتين، شأنه شأن والده عبد الحميد وشقيقه الرئيس الشهيد رشيد كرامي في هذا المنصب، وكانت حكومته الاولى في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي من 24 كانون الأول 1990 الى 16 ايار 1992، والثانية في عهد الرئيس اميل لحود من 26 تشرين الأول 2004 الى 28 شباط 2005، وقد استقال عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
قبل رئاسة الحكومة عين وزيراً للتربية في حكومة الرئيس سليم الحص في عهد الهراوي.
انتخب نائباً عن طرابلس من 1992 حتى 1996 ومن 1996 حتى الـ2000 ومن الـ2000 حتى الـ2005.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم